البابا رنسيس وعميد دائرة الاتصالات باولو روفيني البابا رنسيس وعميد دائرة الاتصالات باولو روفيني 

عميد دائرة الاتصالات يتحدث عن رسالة الأب الأقدس لمناسبة اليوم العالمي لوسائل التواصل الاجتماعية

التأمل في سردنا لقصصنا وعيشنا إياها، وبالتالي سرد التاريخ، هذا ما توقف عنده عميد الدائرة الفاتيكانية للاتصالات باولو روفيني معلقا على رسالة قداسة البابا فرنسيس لمناسبة اليوم العالمي لوسائل التواصل الاجتماعية.

في مقال له عقب صدور رسالة قداسة البابا فرنسيس لمناسبة اليوم العالمي الرابع والخمسين لوسائل التواصل الاجتماعية، انطلق عميد الدائرة الفاتيكانية للاتصالات السيد باولو روفيني من جملتين وردتا في الرسالة المذكورة، الأولى عقب البداية مباشرةً والثانية قرب نهاية الرسالة وهما:

"ففي بلبلة الأصوات والرسائل التي تحيط بنا نحن بحاجة لرواية بشريّة تحدّثنا عن أنفسنا وعن الجمال الذي يسكن في داخلنا"، ثم "حتى عندما نخبر عن الشر يمكننا أن نتعلّم كيف نترك فسحة للفداء، ويمكننا أن نرى، حتى وسط الشر، ديناميكية الخير وأن نفسح له المجال". ويرى عميد الدائرة أن قداسة البابا يحملنا بهاتين العبارتين إلى جوهر موضوع نحوم حوله منذ فترة طويلة، وتابع أننا وكما في دوامة قد تجعلنا نفقد البوصلة والوجهة أمام تناقض يتمثل في أن زمن الاتصالات قد يكون أيضا زمن عدم التواصل. وتحدث السيد روفيني عن انتصار البيانات على المعرفة اللازمة لقراءة وسرد فحوى كل قصة، ومعها معنى التاريخ. وواصل عميد الدائرة الفاتيكانية متوقفا عند السرد والذي يتطلب دائما البحث ومفتاح قراءة للأمور، وقال إن السرد وحده هو القادر على كشف ما لا يتضح للعين على الفور، أي ما هو مختبئ والذي يتطلب زمن المعرفة كي يتم كشفه.

أشار السيد روفيني بعد ذلك إلى أن الأب الأقدس يوجه الحديث بهذه الرسالة إلى مَن يعملون بالاتصالات مثل الصحفيين، إلا أن البابا يتحدث إلى الجميع لأننا جميعا نمارس الاتصال وكلنا مسؤولون عن العالم الذي ينسجه سردنا. ويسأل البابا فرنسيس الجميع، حسب ما واصل عميد الدائرة، ما هي القصة التي نرويها، وكم عشنا بالفعل هذه القصة وتأملنا فيها وفهمناها قبل سردها، هل هي قصة حقيقية، ديناميكية، أم زائفة وجامدة. هل هي قصة نجد فيها الإنسان والسر المرتبط به أم قصة تلغي إنسانيتنا، هل هي قصة تُروى بشكل جيد أم سيء، منفتحة على الرجاء أم منغلقة، هل هي قصة ترحب بالشر أم تبحث دائما وفي كل الأوضاع عن شعلة الخير. وتابع السيد روفيني إن القصص كلها تُفهم فقط في نهايتها، وتساءل: ما هي نهاية قصصنا وأي فسحة تُركت لسر الله وللفداء.

ثم عاد عميد دائرة الاتصالات مجددا إلى كلمات البابا فرنسيس، وتحديدا إلى ما كتب الأب الأقدس في الرسالة العامة "كن مسبَّحا": "قد يتعرّض حكماء الماضي العِظام إلى رؤية حِكمتِهم تختنق وسط ضجيجِ المعلومات المُشَتِّتْ.... إن الحكمة الحقيقيّة، ثمرة التّفكير والحوار واللّقاء السخيّ بين الأشخاص، لا يمكن إدراكها بمجرّد تجميع المعلومات التي تؤدي، في نهاية المطاف، إلى الإشباع والتغشية، وتصيب بنوع من التلوّث الذهنيّ". وقال السيد روفيني إننا لا ندرك دائما أهمية دور الاتصالات، التي يمكنها أن تكون أداة فهم أو سوء فهم، يمكنها أن تبني أو تهدم. وتابع أنه من هذه التساؤلات، ومن تحمُّل المسؤولية الذي يشمل الجميع، يمكننا أن نستعيد السير واعين كمؤمنين لحدثٍ غيَّر التاريخ مضيئا إياه بسر الله الذي صار بشرا من أجل الفداء. وتابع أنه وأمام هذا السر ولحماية القصة التي كُشفت لهم وحماية الله الطفل المتجسد تم إخبار المجوس أن عليهم تغيير الطريق. وعلينا نحن أيضا، تابع عميد دائرة الاتصالات، وكي نعثر مجدد على المكان الذي يحفظ معنى القصة والسرد، علينا أن نختار طريقا مختلفة عن تلك التي حملتنا إلى حيثما نحن. للانطلاق مجددا هناك حاجة إلى طريق آخر، إلى قصة أخرى وأسلوب آخر للرؤية والسرد، للتذكر ولبناء المستقبل بالرواية والسرد.  

24 يناير 2020, 16:02