مقابلة مع الكاردينال تشرني: عائلتي مثل لوحة الهروب إلى مصر مقابلة مع الكاردينال تشرني: عائلتي مثل لوحة الهروب إلى مصر  

مقابلة مع الكاردينال تشرني: عائلتي مثل لوحة الهروب إلى مصر

أجرى موقع فاتيكان نيوز مقابلة مع الكاردينال تشيرني نائب أمين سر قسم المهاجرين واللاجئين في الدائرة الفاتيكانية التي تُعنى بخدمة التنمية البشرية المتكاملة تحدّث فيها عن الخبرة التي عاشها مع عائلته خلال الحرب العالمية الثانية وعن الشعار الذي اختاره ككاردينال: صورة لقارب فيه أربعة أشخاص كانعكاس لقصّته وللالتزام الذي دُعي إليه

الإيمان والأصول اليهودية، سجن أمّه في مخيمات الاعتقال النازية، الحرب، الهرب الى كندا والعودة إلى تشيكوسلوفاكيا من أجل إعادة اكتشاف أرضه الأصلية وشجاعة كنيسة قادرة على االثبات خلال سنوات الشيوعية، هذا ما تحدّث عنه الكاردينال مايكل تشيرني في مقابلة أجراها معه القسم التشيكي في فاتيكان نيوز تحدث فيها عن اللحظات المهمّة والمؤلمة في حياته وحياة عائلته التي نادرًا ما تتحدّث عن خبرة السنوات التي عاشتها خلال الحرب العالمية الثانية.  صمت بسبب الألم في قصة شخصية من الممكن أن تترجم بشكل خاطئ ولاسيما بسبب قرار الالتزام بشكل كامل في بناء حياة جديدة في كندا. من بين ذكريات نائب أمين سر قسم المهاجرين واللاجئين في الدائرة الفاتيكانية التي تُعنى بخدمة التنمية البشرية المتكاملة أيضًا لوحة الهروب إلى مصر التي رسمتها جدّته والتي ألهمته في اختيار صور ذكرى تنصيبه ككاردينال.

قال الكاردينال تشيرني كان والداي يعيشان في مورافيا. أمي وينفريد هايك تشيرني، خلال الحرب العالمية الثاني قد قضت في السجن في مخيّم الاعتقال النازي مدّة عشرين شهرًا، حيث طلب منها أن تعمل في الزراعة. بالرغم من أنها قد ولدت وتربّت في عائلة كاثوليكية؛ لأن أجدادها قد ولدوا يهودًا فقد تمَّ تصنيفها كيهودية من قبل السلطات النازية التي حكمت بوهيميا ومورافيا بدءًا منذ شهر آذار من عام ١٩٣٩. أما أبي، ارغون تشرني فكان كاثوليكيًا بدون اصول يهودية ولذلك نجا من مخيم الاعتقال ولكنّه أُخذ إلى مخيّم العمل القسري في Postoloprty خلال الأشهر الثمانية الأخيرة من الحرب لأنه رفض أن يُطلِّق أمّي عندما كانت في مخيّم Terezin.

وفي جواب على سؤال حول كيف كان أمّه تعتبر كونها إحدى الناجيات من محرقة اليهود قال الكاردينال تشيرني إنّ أمي لم تفكّر بنفسها أبدًا في هذا الإطار لأن المحرقة كانت للجماعة اليهودية أما هي فكانت كاثوليكية، وبالتالي فقد كانت تعتبر نفسها إنسانة محظوظة لأنّها قد نجت من الجنون القاتل لنظام لم يكن يملك دوافعًا قانونية ليضطهد ويحاكم أشخاصًا فقط بسبب أصولهم. ولذلك عندما عادت إلى مخيّم Terezin في نيسان عام ١٩٩٥ كتبت في سجل المتحف: لقد بقيت على قيد الحياة. في الواقع لقد نجت من شرّ رهيب حبس كائنات بشريّة كل منهم فريد في كيانه وجعلهم مجهولي الهوية قبل أن يحوّلهم إلى أعداد وبعدها إلى رماد من خلال الغاز والنار. لكنّ أمّي بفنها قد حوّلت ذلك الشر.

وتابع نائب أمين سر قسم المهاجرين واللاجئين في الدائرة الفاتيكانية التي تُعنى بخدمة التنمية البشرية المتكاملة متحدثًا عن جدته آنا هايك وعن أعمالها الفنية وبالتحديد عن لوحة قد رسمتها على الزجاج وتمثل هروب العائلة المقدّسة إلى مصر. وقال بالرغم من كونهم كاثوليك هي وزوجها هانس وولديهما، فقد أُخذوا إلى معسكرات الاعتقال النازية بسبب جذورهم اليهودية، وقد توفيت في مدينة Auschwitz بعد بضعة أسابيع على انتهاء الحرب. بعدها عاد الكاردينال تشيرني في الذاكرة إلى سنوات القرار الكبير الذي اتخذته عائلته في ترك أوروبا والانتقال إلى كندا. زمن التحدي والتخطيط والمشاريع وخيار المضي قدمًا وعبور المحيط للبدء من جديد في كندا حيث كانت هناك عائلة مستعدّة لاستقبال عائلة تشيرني ومساعدتهم للدخول إلى البلاد وقال لقد استقبلتنا هذه العائلة ورافقتنا في مسيرة صعبة للتأقلم في مدينة جديدة وتعلّم اللغة والثقافة والعادات وكسب العيش متخطّين الحواجز الاثنية من خلال بناء صداقات... ومستمرّين في الحفاظ على لغتنا وثقافتنا.

أضاف الكاردينال تشيرني متحدثًا عن عودته إلى تشيكوسلوفاكيا بين منتصف تشرين الأول أكتوبر من عام ١٩٨٧ إلى منتصف كانون الثاني يناير من عام ١٩٨٨ ليكتشف الأرض التي ولد فيها ويختبر بشكل مباشر الحياة تحت النظام الشيوعي. وفي مدينة Brno التقى بممثلين عن كنيسة الصمت التي ساهمت في سقوط جدار العار الذي قسم العالم إلى قسمين وعن هذه الخبرة قال  نائب أمين سر قسم المهاجرين واللاجئين في الدائرة الفاتيكانية التي تُعنى بخدمة التنمية البشرية المتكاملة لقد تأثّرت خلال هذه اللقاءات بشجاعة وإيمان الذين حافظوا على شعلة الإيمان المسيحي متّقدة وعلى مزار الحياة الكنسيّة مفتوحًا خلال سنوات النظام الشيوعي. ما من أحد كان بإمكانه أن يتصور أن كل شيء سيتغيّر خلال بضعة أشهر.

تابع الكاردينال مايكل تشيرني مجيبًا على سؤال حول معنى الشعار الذي اختاره ككاردينال وقال لكي أعكس هذه الخدمة وخبرة حياتي يُظهر شعاري قاربًا فيه عائلة من أربعة أشخاص ـ لاجئين وأشخاص آخرين يتنقّلون غالبًا في القارب. لقد وصلت عائلتي المكوّنة من أربعة أشخاص في قارب إلى كندا، وبالتالي تذكرني المياه تحت القارب بالمحيط الأطلسي. كذلك يشكل القارب صورة تقليدية للكنيسة، كقارب القديس بطرس والتي سلمها ربنا وصية استقبال الغريب، بغض النظر عن المكان الذي توجد فيه. يذكر القارب أيضًا بأعمال الرحمة تجاه جميع المهمّشين والمنسيين والفقراء. أما الشمس فوق القارب فهي ختم الرهبنة اليسوعية التي أنتمي إليها، أما الخلفيّة الخضراء فهي تذكير بالرسالة العامة للبابا فرنسيس كن مسبحًا الذي يدعونا من خلالها جميعًا لكي نعتني بالخليقة وببيتنا المشترك. أما كلمة suscipe اللاتينية فهي عنوان صلاة للقديس اغناطيوس دي لويولا يضعها للتأمل في نهاية الرياضة الروحية، أي التأمل لبلوغ محبة الله؛ وهكذا من خلال هذه الكلمة أرغب في أن أرفع صلاتي كلها في بذل ذاتي الكامل لله وهذه هي الروحانية التي ينبغي أن يتحلّى بها الكاردينال. 

10 ديسمبر 2019, 12:08