بحث

رئيس الأساقفة أوزا رئيس الأساقفة أوزا  

مداخلة للكرسي الرسولي في مجلس الأمن حول القضية الفلسطينية

القى مراقب الكرسي الرسولي الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك رئيس الأساقفة برنارديتو أوزا مداخلة خلال جلسة نقاش عقدها مجلس الأمن الدولي أمس الثلاثاء حول الوضع في الشرق الأوسط بما في ذلك القضية الفلسطينية.

استهل الدبلوماسي الفاتيكاني كلمته متوجها بالشكر إلى جمهورية الدومينيكان الرئيس الدوري للمجلس على دعوتها لانعقاد جلسة النقاش هذه، وذكّر برسالة البابا فرنسيس لمناسبة اليوم العالمي للسلام 2019 التي سلط فيها الضوء على أهمية العمل السياسي الصالح وضرورة أن يوضع في خدمة السلام، وشبّه البابا السلام بزهرة تسعى بجهد إلى النمو على أرض العنف الوعرة. واعتبر رئيس الأساقفة أوزا أن هذه الصورة التي قدّمها البابا تعكس الوضع القائم بين الإسرائيليين والفلسطينيين، حيث نعلم كم أن السلام هشّ، وأن وجوده مهدد باستمرار بسبب الخطابات المسيئة والاستفزازات والهجمات وانتهاكات حقوق الإنسان والخطوات الأحادية الجانب التي تعيق الجهود الرامية للتوصل إلى حل يضع حداً للآلام ولموت أعداد كبيرة من الأبرياء والمدنيين العزل.

بعدها شدد سيادته على أن الكرسي الرسولي يواصل نداءاته إلى الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني من أجل استئناف الحوار والسير في درب السلام بغية وضع حد لصراع يمزّق الأرض منذ سبعين عاما، ولفت إلى أن تلك المنطقة ليست وطناً لهذين الشعبين وحسب إنما تتمتع أيضا بأهمية تاريخية وثقافية بالنسبة للعالم كله، وهي "بيت روحي" فيما يتعلق بالديانات التوحيدية الثلاث اليهودية، المسيحية والإسلام. وأكد أنه في السياق الراهن يطالب الكرسي الرسولي بتوفير ضمانات دولية لمدينة القدس، كما سبق أن دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة من خلال القرار رقم 181 للعام 1947.

وأضاف مراقب الكرسي الرسولي أنه على الرغم من الأهمية القصوى للأماكن المقدسة، ثمة خطر تحويل هذا الصراع المناطقي والسياسي إلى صراع بشأن الدين والهوية. وشدد على ضرورة تفادي هذا الأمر كي لا يُعرض للخطر البحث عن حل سياسي نحن بأمس الحاجة إليه، لافتا في هذا السياق إلى أهمية الدور الواجب أن يلعبه المسؤولون السياسيون الذين يصنعون القرارات إذ يتعين عليهم أن يسعوا إلى تخطي الخلافات القائمة من خلال الالتزام في حوار صادق ومفتوح بغية التوصل إلى سلام حقيقي ودائم عوضا عن الحفاظ على سلام وهمي يرتكز إلى توازن القوى والخوف. هذا ثم لفت سيادته إلى أن السلام الحقيقي والدائم هو ثمرة مشروع سياسي يرتكز إلى المسؤولية المتبادلة واعتماد الأشخاص على بعضهم البعض؛ سلام يتخطى الصعوبات وليدة انعدام الثقة المتجذّر في الخوف من الآخرين ومن الغرباء والقلق على الأمن الذاتي.

وأكد رئيس الأساقفة أوزا أن المشروع السياسي المسؤول لا يوفر جهداً من أجل الدفاع عن حياة المدنيين بغض النظر عن الانتماءات الدينية والقومية، وتوفير الظروف الملائمة من أجل بناء مستقبل عادل يليق بالجميع. من هذا المنطلق شدد الدبلوماسي الفاتيكاني على أهمية ألا تُحاد الأنظار عن الأوضاع الإنسانية الصعبة في قطاع غزة وباقي الأراضي المحتلة، معتبرا أيضا أنه من الأهمية بمكان أن يُسلط الضوء على التجاوب السخي للجماعة الدولية حيال العجز المالي الذي واجهته وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، الأونروا، خلال العام الماضي. وأكد على ضرورة أن يبقى مبدأ توفير المساعدة للمحتاجين بعيدا عن الاعتبارات السياسية.

لم تخل مداخلة مراقبِ الكرسي الرسولي الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك من الإشارة إلى الأوضاع الإنسانية الصعبة الراهنة في مناطق أخرى من الشرق الأوسط فأشار إلى مشاعر الامتنان التي عبّر عنها البابا فرنسيس لتلك الدول التي تستضيف أعدادا كبيرة من النازحين السوريين خاصا بالذكر كلا من لبنان والأردن، الساعيين إلى التخفيف من معاناة العديد من النازحين السوريين والفلسطينيين على حد سواء. وذكّر أوزا بالخطاب الذي ألقاه البابا فرنسيس في السابع من كانون الثاني يناير الجاري خلال استقباله أعضاء السلك الدبلوماسي المعتمد لدى الكرسي الرسولي لتبادل التهاني بحلول العام الجديد، عندما عبّر البابا عن أمله بأن يُستأنف الحوار بين الإسرائيليين والفلسطينيين من أجل التوصل إلى تسوية بين الطرفين، وكي تتم الاستجابة إلى التطلعات المشروعة للشعبين بشكل يضمن قيام دولتين والتوصل إلى السلام المرجو الذي طال انتظاره. وأشار الدبلوماسي الفاتيكاني إلى أن فرنسيس تحدث في تلك المناسبة عن الدور الواجب أن تلعبه في هذا السياق الجماعة الدولية من أجل بلوغ السلام في منطقة الشرق الأوسط بأسرها. في ختام كلمته عبر أوزا عن أمله بأن يساهم هذا النقاش داخل مجلس الأمن الدولي في التوصل إلى تسوية للقضية الفلسطينية.    

23 يناير 2019, 13:08