أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين 

مشاركة الكاردينال بارولين في جلستَي حوار في مؤتمر مراكش

شدد أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان في مداخلتين في جلستَي حوار في مرتمر مراكش على أهمية السلام والتنمية والدمج، وتوقف عند ما يتطلبه تطبيق الاتفاق العالمي من أجل هجرة آمنة ومنظمة ومنتظمة

إلى جانب مداخلته في المناقشة العامة في أول أيام المؤتمر الحكومي الدولي الذي تنظمه الأمم المتحدة في مراكش المغربية لاعتماد الاتفاق العالمي من أجل هجرة آمنة ومنظمة ومنتظمة، شارك أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان في جلستَي حوار الأولى الاثنين والثانية يوم الثلاثاء، وركز حديثه في الجلسة الأولى، التي تمحورت حول تعزيز الافعال الخاصة بتطبيق الاتفاق العالمي، على اثنين من الالتزامات يعتبرهما الكرسي الرسولي الأساسية والأكثر أهمية. الالتزام الأول هو من أجل السلام والتنمية، وتوقف الكاردينال بارولين في هذا السياق عند ضرورة مواجهة أسباب تدفق المهاجرين، وأشار إلى نص الاتفاق بمساهمة رائدة من الكرسي الرسولي على ضرورة العمل معا لخلق الظروف التي تمكِّن الجماعات والأفراد من العيش في أمن وكرامة في بلدانهم. وتابع مشددا على ضرورة تقديم إجابات ملائمة على مسببات الهجرة وبشكل خاص النزاعات العنيفة والفقر المدقع. وأكد أن هذه المسؤولية لا يمكن أن تكون على البلد الأصل فقط بل من الضروري إسهام الجماعة الدولية، وواصل أنه لا يتحدث هنا عن مجرد تنفيذ التزام بمساعدة التنمية أو تقديم مساعدات إنسانية، بل عن التزام من أجل تنمية بشرية متكاملة لكل شخص، وشدد على ضرورة توفير الحصول على عمل وتربية وخدمات صحية كما أشار إلى احترام حق الأشخاص في الممارسة الحرة لدينهم وحق المشاركة السياسية وحرية التعبير.

أما الالتزام الثاني الذي يتضمنه الاتفاق العالمي والذي أراد امين سر دولة حاضرة الفاتيكان التوقف عنده فهو الدمج، وقال إن المتنقلين يجب أن يُستقبلوا وأن يعامَلوا بكرامة حتى وإن تَقرر فيما بعد إعادتهم بشكل آمن إلى بلدانهم. وذكّر بما ينص عليه الاتفاق من ضرورة توفير فرصة المحاكمة العادلة للمهاجرين جميعا وتقييم حالة كل شخص بشكل فردي لتحديد وضعه القانوني. وشدد الكاردينال بارولين على أهمية هذه الحقوق بالنسبة للأطفال وضحايا الاتجار بالبشر. دعا أيضا إلى تبَني سياسات تساعد على جمع أفراد العائلة وتجنُّب الفصل بينهم، وإلى إنهاء عليات التوقيف وخاصة للقاصرين. ثم تابع متحدثا عن دمج مَن يحصلون على إمكانية البقاء في البلد المضيف، دمج يقوم على الاعتراف المتبادل بمساواة وكرامة الجميع. وذكّر هنا مجددا بتأكيد البابا فرنسيس على ضرورة ألا ينغلق المهاجرون أمام ثقافة وتقاليد الدول المضيفة وضرورة احترامهم قوانين هذه الدول في المقام الأول، وعلى أن الدمج لا يعني فرض ثقافة على أخرى بل هو ثراء متبادل يقوم على الاحترام المتبادل. ثم ختم أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان مداخلته في جلسة الحوار الأولى الاثنين مؤكدا أن هذين الالتزامين من أجل السلام والتنمية والدمج يتطلبان ردا فوريا من المجتمع الدولي، ودعا إلى توسيع القنوات الشرعية والآمنة للهجرة من خلال سياسة تقوم على التضامن والمسؤولية المشتركة.

أما في جلسة الجوار الثانية التي عُقدت الثلاثاء 11 كانون الأول ديسمبر، والتي تمحورت حول الشراكة والمبادرات الجديدة، فتحدث الكاردينال بارولين عن ضرورة إيضاح أدوار الاطراف المختلفة، وتابع أن تطبيق الاتفاق العالمي من أجل هجرة آمنة ومنظمة ومنتظمة يستدعي مشاركة المؤسسات الوطنية والمحلية، القطاع الحاص، النقابات، المجتمع المدني، العالم الأكاديمي والمهاجرين والجاليات الأجنبية. توقف أمين السر بعد ذلك عند الدور الخاص للمنظمات الدينية والقائمة على الإيمان الديني والتي أثبتت فعاليتها بشكل خاص في توفير الدعم على الصعيد المحلي للمهاجرين الذين يعيشون في أوضاع هشة. لكن هذه المنظمات تتعامل أيضا مع الاحتياجات الروحية للمهاجرين، حسب ما ذكر، من أجل تعزيز تنميتهم البشرية المتكاملة. ودعا الكاردينال بارولين بالتالي إلى الاعتراف بعمل هذه المنظمات وتشجيعها من قِبل السلطات المسؤولة. تحدث أيضا عن ضرورة إشراك أكبر للمهاجرين في وضع وتطبيق السياسات والبرامج والمبادرات المتعلقة بهم. ثم انتقل بعد ذلك للحديث عن العمل على صعيد المجتمع وذكّر بما كتب البابا فرنسيس في رسالته بمناسبة اليوم العالمي للمهاجرين واللاجئين 2014: "فبينما الهجرة، في الواقع، هي من جهة دلالة على نقاط ضعف وثغرات الدول والجماعة الدولية، فهي من جهة أخرى تكشف أيضا طموح البشرية للعيش في وحدة مع احترام الاختلافات، والترحيب وكرم الضيافة الذي يسمح بالتقاسم العادل لخيرات الأرض، وحماية وتعزيز كرامة الإنسان ومركزية كل كائن بشري" وتابع أمين السر لافتا الأنظار إلى ضرورة تقديم المساعدات التي تخصَّص للمهاجرين للأشخاص الذين يواجهون ظروفا اقتصادية أو اجتماعية شبيهة من أبناء البلد المضيف.

ثم توقف الكاردينال بارولين عند الأفعال الأربعة التي يلخص بها البابا فرنسيس التعامل مع موضوع الهجرة، أي الاستقبال والحماية والتعزيز والدمج، وقال إن الاستقبال يمكن أن يعني أيضا ضمان توظيف عادل وأخلاقي للمهاجرين، والحماية يمكن أن تترجَم إلى الدفاع عن حقوق المهاجرين وكرامتهم خلال كل مراحل عملية الهجرة، التعزيز يعني توفير فرص الحصول على عمل وتطوير مهارات المهاجرين ومساعدتهم على الإسهام في التنمية المستدامة لجماعاتهم سواء في البلد المضيف او بلد الأصل، أما الدمج فيمكن بلوغه من خلال تعزيز الدمج الاجتماعي والمالي للمهاجرين وأيضا تعزيز الإثراء المتبادل بين الجماعة المحلية والقادمين الجدد.

وفي ختام كلمته في جلسة الحوار الثانية في مؤتمر مراكش لاعتماد الاتفاق العالمي من أجل هجرة آمنة ومنظمة ومنتظمة، الثلاثاء 11 كانون الأول ديسمبر، تحدث أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان عن ضرورة احترام تقنيات وآليات إدارة الهجرة لكرامة وحقوق الأشخاص، كما تحدث عن ضرورة توفير أدوات للتنسيق ومراقبة تطبيق الاتفاق العالمي على الأصعدة الدولية والإقليمية والوطنية وجدد الكاردينال بارولين التزام الكرسي الرسولي بالمشاركة في هذه العملية. أشار من جهة أخرى إلى أهمية نشر وعي أكبر بالاتفاق العالمي بمساعدة وسائل الإعلام، وإلى الرباط الوثيق بين الاتفاق العالمي حول الهجرة وأهداف التنمية المستدامة، مشددا على ضرورة اعتبار موضوع الهجرة جزءً لا يتجزأ من هذه الأهداف.

12 ديسمبر 2018, 15:16