رئيس الأساقفة أوزا رئيس الأساقفة أوزا 

البابا فرنسيس والتحدي العالمي للهجرة

ألقى مراقب الكرسي الرسولي الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك رئيس الأساقفة برنارديتو أوزا محاضرة في جامعة "يايل" الأمريكية حول موضوع "البابا فرنسيس والتحدي العالمي للهجرة".

أكد الدبلوماسي الفاتيكاني أن الهجرة قديمة جدا بقدر ما هي قديمة البشرية، ولفت في هذا السياق إلى الرواية البيبلية التي تخبرنا كيف ترك إبراهيم أرضه في أور الكلدانيين واستقر في أرض كنعان. هذا فضلا عن نزوح يعقوب وأبنائه من أرض كعنان باتجاه مصر هربا من المجاعة قبل أن يتم خروج بني إسرائيل من أرض مصر ليعودوا إلى أرض الكنعانيين من جديد ويتحرروا من نير الطغيان والعبودية. وأكد أوزا أن أسفار التوراة تسلط الضوء على أهمية توفير الضيافة للغريب، مذكرا بأن بني إسرائيل كانوا هم أيضا غرباء في أرض مصر.

بعدها قدّم المسؤول الفاتيكاني لمحة تاريخية عن التقاطع والتفاعل بين مختلف الحضارات في حوض البحر الأبيض المتوسط لاسيما خلال القرون القليلة السابقة والتالية للميلاد حيث تعايش اليهود إلى جانب الفينيقيين والإغريق والرومان ناهيك عن الأحداث التي شهدتها القرون الوسطى والتاريخ المعاصر والتي لم تخل من موجات الهجرة، مشيرا على سبيل المثال إلى أن الولايات المتحدة استقطبت خلال القرون الثلاثة الماضية أعدادا كبيرة من المهاجرين خصوصا من إنجلترا وإيرلندا وإيطاليا وألمانيا والصين فضلا عن الأفارقة الذين جيء بهم كعبيد. وأكد أوزا أن موجات الهجرة هذه، الطوعية وغير الطوعية، حددت معالم الفسيفساء الجميلة التي تشكل المجتمع الأمريكي.

هذا ثم لفت المسؤول الفاتيكاني إلى وجود أكثر من مائتي وثمانية وخمسين مليون شخص عبروا الحدود بين الدول خلال العام 2017 بحسب الإحصاءات ما يشكل ارتفاعا بنسبة خمسة بالمائة قياسا بالعام 2000. وقال إن هناك أسبابا عديدة تحمل الأشخاص على الهجرة، شأن الهروب من الحرب والعوز الشديد، وانعدام الأمن وانتهاكات حقوق الإنسان وغياب الفرص فضلا عن الكوارث الطبيعية وليدة التبدلات المناخية. وأكد سيادته أن هذه الظاهرة تُعتبر من أكبر التحديات التي يواجهها عالمنا المعاصر، مشيرا إلى أن الكرسي الرسولي يؤمن بحق الإنسان في الهجرة وبحقه في عدم الهجرة. وأضاف أن الهجرة المنظمة والطوعية والآمنة تساهم في النمو والاغتناء الثقافي مذكرا بأن الجماعة الدولية مدعوة إلى خلق الظروف الملائمة التي تسمح للجماعات والأفراد بالعيش بأمان وكرامة في بلدانهم كي لا تصير الهجرة فعلا يقوم به الإنسان بدافع اليأس.

ولم تخلُ محاضرة الدبلوماسي الفاتيكاني من الإشارة إلى مبدأ هام ألا وهو احترام الحقوق الإنسانية الأساسية لجميع المهاجرين بغض النظر عن أوضاعهم القانونية. وذكّر بأن الكرسي الرسولي – وخلال مناقشة الاتفاق العالمي بشأن الهجرة – طالب بوضع قائمة بالخدمات الأساسية التي تلتزم الدول في تقديمها إلى المهاجرين من أجل ضمان الحقوق الأساسية. وذكّر أوزا بأن التحدي العالمي يتطلب تجاوبا عالميا، أي يحتاج إلى مسؤولية متقاسمة، لافتا إلى أن الكرسي الرسولي يؤيد وضع أطر إقليمية ودولية من أجل تنظيم الهجرة وجعلها آمنة، مع الأخذ في عين الاعتبار حق الدول في وضع سياساتها الخاصة بالهجرة، ولكن بشكل يتماشى مع القوانين الدولية المرعية الإجراء لاسيما القانون الإنساني الدولي.  وذكّر أوزا في الختام بأن موقف الكرسي الرسولي حيال هذه الظاهرة يُختصر بكلمات أربع كررها البابا فرنسيس في أكثر من مناسبة لدى حديثه عن الهجرة: ضيافة، حماية، تعزيز واندماج. ولفت المسؤول الفاتيكاني إلى أن الاتفاق العالمي حول الهجرة يمكن أن يشكل نقطة مرجعية على الصعيد الدولي فيما يتعلق بإدارة الهجرة أكان من قبل الحكومات أم من جانب المنظمات الدولية.

16 نوفمبر 2018, 12:59