مراقب الكرسي الرسولي الدائم لدى الأمم المتحدة رئيس الأساقفة برنارديتو أوزا مراقب الكرسي الرسولي الدائم لدى الأمم المتحدة رئيس الأساقفة برنارديتو أوزا 

مداخلة رئيس الأساقفة أوزا في مجلس الأمن حول الوساطة من أجل تسوية النزاعات

مراقب الكرسي الرسولي الدائم لدى الأمم المتحدة رئيس الأساقفة برنارديتو أوزا يتحدث في مجلس الأمن عن خبرة الكرسي الرسولي كوسيط لحل النزاعات، ويؤكد أهمية الوساطة التي يدرجها البابا فرنسيس في إطار "ثقافة اللقاء".

الوساطة من أجل تسوية النزاعات كانت موضوع جلسة مداولات لمجلس الأمن شارك فيها أمس 29 آب أغسطس مراقب الكرسي الرسولي الدائم لدى الأمم المتحدة رئيس الأساقفة برنارديتو أوزا. وذكّر في بداية مداخلته بالأزمة بين الأرجنتين وتشيلي في كانون الأول ديسمبر 1978 وفشل البلدين في بلوغ اتفاق حول الحدود الجنوبية بينهما. وتحدث المراقب الدائم بالتالي عن مناشدة البابا القديس يوحنا بولس الثاني قادة البلدين حينها عدم إغلاق الباب، ملحا على ضرورة الدراسة المتأملة والمسؤولة للمشكلة من أجل وضع أساس للتعايش الأخوي. وأضاف رئيس الأساقفة أن اليوم وبعد 40 سنة على حل المشكلة سلميا يظل البلدان مدينَين بالشكر لوساطة الكرسي الرسولي التي وقت شعبيهما من شر الحرب.

وانطلق المراقب الدائم من هذا المثل وغيره مثل موزمبيق وكولومبيا للتأكيد على ضرورة إفساح المجال للوساطة من أجل حل الخلافات، وعلى أهمية مواصلة الحوار والتفاوض وذلك لبلوغ حلول عادلة بوسائل سلمية. وانتقل رئيس الأساقفة بعد ذلك للحديث عن أمثلة معاكسة لجأت فيها الأطراف المتنازعة إلى السلاح بدون منح الوساطة فرصة النضوج نحو حلول سلمية. وذكّر في هذا السياق بكلمات البابا فرنسيس خلال زيارته الرسولية إلى كولومبيا عام 2017 حين شدد على كون البحث عن السلام عملا متواصلا، وأضاف: "كلما كانت المسيرة التي تقود إلى السلام والتفاهم صعبة كلما اقتضى علينا أن نبذل مزيدًا من الجهود من أجل الاعتراف بالآخر وتضميد الجراح وبناء الجسور وتوطيد العلاقات ومساعدة بعضنا البعض". وتابع رئيس الأساقفة مشيرا إلى أن البابا فرنسيس يدرج الوساطة في إطار ثقافة اللقاء التي تعزز الاحترام والفهم المتبادلَين لا فقط في حال الخلافات أو النزاعات، بل كقاعدة لتصرفنا اليومي مع الآخرين، ثقافة تضع العمل غير المتوقف من أجل السلام والمصالحة في مركز الحياة اليومية، وتجعل الإنسان، الشخص البشري المتمتع بكرامة سامية، واحترام الخير العام محور النشاطات السياسية والاجتماعية والاقتصادية. ولفت المراقب الدائم في هذا السياق الأنظار إلى أن الوسطاء الرئيسيين لبلوغ السلام في كولومبيا، عقب أكثر من 50 سنة من صراع دموي، قد شددوا على جوهرية احترام الكرامة البشرية والخير العام وحمايتهما، وتابع أنه لا يمكن الخروج من نزاعات ولَّدت العنف بدون مبدأ الاعتراف بكرامة مَن عانى جراء هذا العنف وإصلاح الضرر الذي لحق بهذه الكرامة.

وعن الوساطة كوسيلة لحل النزاعات شدد رئيس الأساقفة أوزا على ضرورة تحليها بالحيادية، وأيضا على أهمية ثقة الأطراف المتنازعة في الوسيط، والذي عليه التحلي بالقدرة على التعرف على مصالح الأطراف المختلفة ثم قيادة هذه الأطراف إلى أن ترى مصالحها في إطار آلية عمل مشترك تقود إلى منفعة الأطراف كافة. تحدث بعد ذلك عما وصفه بأحد الدروس التي تقدمها خبرة الكنيسة الكاثوليكية في الوساطة، ألا وهو إشراك الجميع في التفاوض لا فقط الأطراف الرئيسية في الخلاف، بل الجماعة بكاملها وخاصة المتضررين من النزاع والذين يجب الاستماع إليهم والقرب منهم. أكد رئيس الأساقفة من جهة أخرى أهمية تعزيز علاقات اجتماعية تشمل الجميع خلال التفاوض لكون هذه نقطة جوهرية من أجل تطبيق أية حلول سلمية للنزاعات.

وختم مراقب الكرسي الرسولي الدائم لدى الأمم المتحدة رئيس الأساقفة برنارديتو أوزا مداخلته في جلسة التداول في مجلس الأمن في 29 آب أغسطس حول الوساطة من أجل تسوية النزاعات مؤكدا أن الوسيط وخلال عمله لتسوية النزاعات يبني مستقبلا يعمه السلام، ما يجعل الوسطاء صناع وأداة سلام. ووجه الشكر إلى جميع مَن قدموا مثل هذه الخدمة الثمينة للبشرية. 

30 أغسطس 2018, 16:20