رئيس الأساقفة فينشنسو زاني أمين سر مجمع التربية الكاثوليكية رئيس الأساقفة فينشنسو زاني أمين سر مجمع التربية الكاثوليكية 

أمين سر مجمع التربية الكاثوليكية يتحدث عن المدارس الكاثوليكية

المدارس الكاثوليكية في زمننا، هذا محور مقال كتبه رئيس الأساقفة فينشنسو زاني أمين سر مجمع التربية الكاثوليكية على صفحات جريدة أوسرفاتوري رومانو.

توقف في البداية عند قدرة التربية على تعزيز الحوار والإصغاء وقيمة التضامن، مضيفا أنه بفضل التربية ينمو الأشخاص معا وتشيَّد العلاقات، هذا إلى جانب أهميتها في مرافقة الطلاب نحو تطوير كافة جوانب شخصيتهم ومساعدتهم على تصحيح الرؤى الحياتية المرتبطة بالمصالح المادية والنماذج الاقتصادية والإيديولوجية.

ثم توقف أمين سر المجمع عند عالمنا المعاصر مشيرا إلى تميز بداية هذا القرن بمشهد في تغير عميق، وتحدث عن تغيرات كبيرة وسريعة سواء في العالم الغربي أو في الدول النامية. وتابع مذكرا بالكثير من الظواهر مثل العولمة وقيام الاقتصاد على النشاطات المالية، تعدد الثقافات في المجتمعات وذلك أيضا بتأثير الهجرة، إلى جانب التقنيات الحديثة، ظواهر قلبت المفاهيم الاقتصادية والاجتماعية وأيضا التربوية السابقة. ولفت الأنظار في هذا السياق إلى أن منظمات وهيئات دولية مثل اليونيسكو تدرس منذ عقود العوامل التي تؤثر سلبا على المسيرات التربوية في جميع أنحاء العالم، وتُصدِر حول هذه القضية تقارير دورية تقدم نظرة متكاملة على التحديات التربوية. وتكشف هذه التقارير حسب ما واصل رئيس الأساقفة وعيا بمخاطر سيادة الفردية في التربية، ما يتطلب الرد بمشروع تربوي يركز على البعدين الفردي والجماعي. وأشار أمين سر المجمع من جهة أخرى إلى حق الأطفال والصبية في أن يكونوا في مركز اهتمام الحكومات والاختيارات السياسية والاقتصادية والمالية، ويفرض هذا الحق بالتالي استثمارا أكبر في التربية. وشدد في هذا السياق على ضرورة أن تكون التربية قادرة على مواجهة التناقض بين العالمي والمحلي مثلا، وذلك من خلال تنشئة مواطني العالم بدون فقدان الجذور. توازنات ضرورية أخرى هي تلك بين المبادئ العامة والقيم الشخصية، التقاليد والاستعداد للحوار مع الآخر، أو بين الاحتياجات المادية وتلك الروحية.

وفي مواصلته الحديث عن التحديات التي على التربية مواجهتها اليوم أشار رئيس الأساقفة إلى تقرير ديلور المقدَّم إلى اليونيسكو حول التربية، والذي يتحدث عن أربع ركائز يجب تأسيس التربية عليها، وهي تعلُّم المعرفة، تعلم الفعل، تعلم العيش معا أي تطوير فهم الأشخاص الآخرين والثقافات الأخرى، ثم تعلم أن نكون، أي تطوير الشخصية للتمكن من العمل باستقلالية ومسؤولية. وتحدث أمين سر المجمع بالتالي عن مبدأ أساسي يجب أن يضاف إلى هذه الركائز، ألا وهو مركزية الشخص في المسيرة التربوية. وتوقف عند الاستلهام من القيم المسيحية الذي يقود إلى التفكير في نموذج تربوي يطور أنسنة جديدة من خلال التركيز على المحبة باعتبارها الشرط الأول للتربية، والقادرة على تنشئة الأشخاص وجعلهم قادرين على تغيير الواقع. ومن وجهة النظر هذه يجب أن تضاف ركيزة أخرى ألا وهي تعلم الخدمة، أي العمل من أجل الجماعة، والذي يُعتبر الوسيلة الأفضل للنمو الشخصي، حسب ما واصل رئيس الأساقفة مشيرا إلى أن على التربية لا فقط مد الحاضر والمستقبل بالكفاءات، بل والمساهمة في تكوين مواطنين يحملون مبادئ أخلاقية، يعملون على بناء السلام والدفاع عن الحقوق الإنسانية وقيم الديمقراطية والخير العام.

أما عن المدارس الكاثوليكية فذكر أمين السر أن الكنيسة في الألفية الثالثة، ومن خلال المدارس والجامعات الكاثوليكية وأيضا بفضل الكثير من المعلمين في المدارس العامة، تجدد اهتمامها التربوي من أجل خير الأجيال الشابة مساعِدة إياهم لا فقط على النمو في المعرفة، بل وأيضا في الإنسانية. وشدد في هذا السياق على مبدأ الدمج الذي يجب توسيعه ليشمل العائلة البشرية بكاملها. وواصل مؤكدا أن المشروع التربوي للمدارس الكاثوليكية يكتمل فقط حين ينجح في التأثير على أساليب الحياة، كما تحدَّث عن ضرورة بناء الخير العام لا فقط لإنسان اليوم بل ولسكان العالم في المستقبل، ويتطلب هذا بالتالي تربية تقوم على الإيكولوجيا البشرية المتكاملة.

وختم رئيس الأساقفة فينشنسو زاني أمين سر مجمع التربية الكاثوليكية مقاله حول المدارس الكاثوليكية مشددا على أهمية تنشئة المعملين، وذلك لأن الهوية الإنجيلية لهذه المدارس ورسالتها وقدرتها على تشييد جماعة مربية قوية، واهتمامها بالرد على التحديات التي يفرضها المجتمع على المدارس، يمكن أن تتحقق في حال تقاسم المعلمين هذه الأمور وتطبيقهم إياها عن قناعة وبشغف في عملهم التربوي اليومي. 

10 أغسطس 2018, 13:43