بحث

البابا فرنسيس في معسكر أوشفيتس ٢٨ تموز يوليو ٢٠٢١ البابا فرنسيس في معسكر أوشفيتس ٢٨ تموز يوليو ٢٠٢١ 

الحاخام سكوركا يتحدث عن علاقة البابا فرنسيس بالجماعة اليهودية

لمناسبة ذكرى انتخاب البابا فرنسيس الحاخام ابراهام سكوركا يتحدث عن علاقته الشخصية بالبابا وحوار الأب الأقدس مع اليهودية.

توقف الحاخام ابراهام سكوركا من جامعة جورج تاون في واشنطن في مقال له لمناسبة الذكرى العاشرة لانتخاب البابا فرنسيس عند علاقته بالأب الأقدس، فعاد أولا إلى الفترة التي كان فيها خورخي ماريو برغوليو رئيس أساقفة بوينس أيرس. وأشار إلى علاقة رئيس الأساقفة الوثيقة باليهود في المدينة، وإلى حواراته المنفتحة مع الحاخامات وقادة الجماعة ومع الأشخاص بانيًا صداقات كثيرة ازدادت عمقا مع مرور الوقت. وواصل الحاخام أنه واحد من هؤلاء الذين نالوا بركة الصداقة مع برغوليو، صداقة أساسها الحوار بين الأديان، كما وقد كتبا معا كتابا حول ما دار بينهما من حوار وسجلا ٣١ برنامجا تلفزيونيا لقناة أبرشية بوينس أيرس التلفزيونية. ذكر سكوركا أيضا أن رئيس الأساقفة برغوليو قد تحدث في الكثير من المعابد اليهودية المحلية موجها رسائل تتميز بالود والإنارة، كما وكان مصدر ثقة ودعم متواصلَين وخاصة عقب الهجوم الذي تعرض له مركز الجماعة اليهودية في بوينس أيرس سنة ١٩٩٤. تحدث الحاخام أيضا عن تأثره الكبير حين طلب منه البابا أن يكتب مقدمة لسيرته الذاتية، وأضاف أن هذه كلها هي شهادات على الالتزام الصادق للكاردينال برغوليو من أجل بناء علاقات وصداقات مع اليهود ومع مؤسسات جماعتهم.

وفي حديثه عن البابا فرنسيس، أي بعد انتخاب الكاردينال برغوليو خليفة للقديس بطرس عقب التخلي المفاجئ للبابا بندكتس السادس عشر، قال الحاخام سكوركا إن البابا فد حافظ على الاتصال بأصدقائه اليهود من خلال البريد الإلكتروني والاتصالات الهاتفية. وبعد ما يقل عن عام على انتخابه أصدر البابا فرنسيس الإرشاد الرسولي "فرح الإنجيل" وتوقف الحاخام هنا عند ما جاء في هذه الوثيقة حول العلاقات بين الأديان فقال إن الأب الأقدس قد جمع فيها باختصار تطور هذه العلاقات منذ الوثيقة المجمعية البيان حول علاقة الكنيسة بالديانات غير المسيحية Nostra aetate (في عصرنا) من سنة ١٩٦٥. وتابع سكوركا أن البابا قد شدد في الإرشاد الرسولي مجدَّدا على أن الحوار بين الشعوب والتقاليد الدينية يجب أن يكون أولوية.

وواصل الحاخام متوقفا عند بعض المواقف الهامة للبابا فرنسيس فيما يتعلق بالعلاقة مع اليهودية، فأشار على سبيل المثال إلى حديث الأب الأقدس عن أن الحوار والصداقة مع أبناء الديانة اليهودية جزء من حياة تلاميذ يسوع، وأن الله يواصل العمل في شعب العهد الأول مولدا كنوز حكمة ناتجة عن لقائه بالكلمة الإلهية. ويوضح هذا حسب الحاخام أهمية الحوار بين الكاثوليك واليهود بالنسبة للبابا فرنسيس.

انتقل الحاخام سكوركا بعد ذلك إلى حج البابا فرنسيس إلى الأرض المقدسة سنة ٢٠١٤ حيث صلى أمام الحائط الشرقي، ثم إلى زيارة الأب الأقدس معسكر أوشفيتس – بيركيناو سنة ٢٠١٦. وأضاف سكوركا أن البابا لم يجد كلمات للتعبير عما يثير هذا المكان من ألم فطلب من الله قبل الزيارة أن يهبه نعمة البكاء. وتحدث الحاخام سكوركا هنا عما نال هو من امتياز بمشاركته في هاتين الزيارتين. وأراد من جهة أخرى التذكير بوضع البابا فرنسيس يده خلال زيارته الأرض المقدسة على الجدار الفاصل بين إسرائيل وفلسطين، وقال الحاخام إنه يعتبر هذا أكثر من مجرد لفتة سياسية، فقد كانت هذه صلاة يطلب فيها البابا من الله أن يبارك الإسرائيليين والفلسطينيين بالسلام وإسقاط كل جدران الفصل والكراهية، واستبدالها بعلاقات حوار وفهم متبادل. وفي سياق الحديث عن السلام ذكَّر الحاخام أيضا باللقاء من أجل السلام الذي عُقد في حدائق الفاتيكان بمشاركة الرئيسين الإسرائيلي والفلسطيني شيمون بيريز ومحمود عباس إلى جانب البابا فرنسيس والبطريرك المسكوني برتلماوس الأول، حيث تم غرس شجرة زيتون رمز السلام.

ومن النقاط الأخرى التي تحدث عنها الحاخام ابراهام سكوركا إدانة البابا فرنسيس المستمرة لأي هجوم بالكلمات أو بالأفعال ضد اليهود لمجرد كونهم يهودا، ووصف الحاخام هذا برسالة مشجعة لليهود في عالم اليوم الذي تنتشر فيه خطابات معادية للسامية. كما وأشار سكوركا إلى فتح أرشيف الفاتيكان سنة ٢٠٢٠ لدراسة فترة حبرية البابا بيوس الثاني عشر، وقال إن هذه كانت خطوة هامة من قِبل البابا فرنسيس للتعرف على الحقيقة، وهذا هو مبدأ ثابت لدى البابا، قال الحاخام، لإدراكه أنه بدونه لا يمكن أن تتجاوز أية علاقات المستوى السطحي.

وفي ختام حديثه عن البابا فرنسيس وعلاقته به وباليهود أكد الحاخام ابراهام سكوركا على أن لدى البابا فرنسيس مشاعر صادقة إزاء اليهود، وهو ما يبديه قداسته بشكل متواصل. وأعرب عن قناعته أن هذا هو انطباع أغلبية اليهود، وتمنى أن تكون هذه المشاعر نموذجا للعلاقات بين الكاثوليك واليهود بالنسبة لكل الأجيال القادمة.

12 مارس 2023, 17:16