بحث

1671448380462.JPG

البابا فرنسيس: على النقابات أن تكون حارسا على دنيا العمل ومنح صوت لمن لا صوت له

مشاكل العمل ومعاناة الأشخاص بسبب عدم توفر العمل وظروف العمل غير الملائمة كانت محور حديث البابا فرنسيس خلال استقباله اليوم مسؤولي وممثلي إحدى أكبر نقابات العمال الإيطالية.

استقبل قداسة البابا فرنسيس اليوم الاثنين مسؤولي وممثلي الرابطة الإيطالية العامة للعمل، وهي إحدى أكبر نقابات العمال في إيطاليا. وعقب ترحيبه بضيوفه قال الأب الأقدس إن هذا اللقاء يمَكنه من الإعراب مرة أخرى عن قربه من عالم العمل وخاصة من الأشخاص والعائلات الذين يواجهون مشقات. وتابع مسلطا الضوء على أنه ما من نقابة بدون عمال وما من عمال بدون نقابة، وأشار إلى أننا نعيش حقبة خيبت جزئيا التطلعات إلى العدالة في دنيا العمل، وذلك رغم التطورات التكنولوجية وربما بسبب النظام الخاطئ الذي يُعرف بالتكنوقراطي. وتابع الأب المقدس مشددا على ضرورة الانطلاق مجددا من قيمة العمل كمكان لقاء بين الدعوة الشخصية والبعد الاجتماعي، فالعمل يمَكن الإنسان من تحقيق الذات وعيش الأخوّة وتنمية الصداقة الاجتماعية وتحسين العالم.

وواصل البابا فرنسيس متوقفا عند بناء العمل للمجتمع وعند كون العمل خبرة أساسية للمواطنة يتشكل فيها مصير الجماعة الذي هو ثمرة التزام ومواهب كل فرد. وأضاف أن مثل هذه الجماعة هي أكثر من مجرد مجموع التخصصات وذلك لأن كل شخص يجد نفسه في العلاقة مع الآخرين ومن أجلهم، وهكذا، وفي الرباط بين الأشخاص والمشاريع الاقتصادية والسياسية، يتم يوما بعد يوم تشكيل نسيح الديمقراطية، نسيج لا يُعَد على الورق أو في القصور بل يتشكل بفضل العمل المبدع في المصانع والورشات، الشركات الزراعية والتجارية والحرفية، الإدارات العامة والمدارس والمكاتب.

تحدث الأب الأقدس بعد ذلك عن التربية على حس العمل باعتبارها أحد واجبات النقابات، وذلك من خلال تعزيز أخوّة بين العاملين. ووصف البابا مثل هذه التنشئة بملح الاقتصاد السليم القادر على جعل العالم أفضل. ثم توقف قداسته عند واجب آخر ألا وهو تسليط الضوء على الخلل في العمل، وتحدث هنا عن تغلغل ثقافة الإقصاء داخل العلاقات الاقتصادية ودنيا العمل أيضا. ونجد هذه الثقافة حين تداس الكرامة البشرية بسبب التمييز على أساس الجنس حيث تكسب المرأة أقل من الرجل، أو في العمل غير الثابت وغير المضمون بالنسبة للشباب الذين يُضطرون هكذا إلى تأجيل المشاريع الحياتية، ونلمس هذه الثقافة أيضا في كون الأعمال الأكثر مشقة هي الأقل تمتعا بالحماية. تحدث قداسة البابا بالتالي عن معاناة أشخاص كثر بسبب عدم توفر العمل أو قيامهم بأعمال غير كريمة، وشدد على أن هؤلاء الأشخاص جديرون بإصغاء النقابات والتزامها.

هذا وأراد البابا فرنسيس أن يتقاسم مع ضيوفه بعض المخاوف حسب ما ذكر، وتحدث أولا عن سلامة العمل مشيرا إلى الكثير من حالات الموت والتشوه في أماكن العمل. وأضاف أنه وبدلا من تذكر أعداد الضحايا في نهاية كل عام علينا أن نذكر أسماءهم لأنهم أشخاص لا أرقام، وأكد قداسته أن كل موت في أماكن العمل هو هزيمة للمجتمع بأسره. وتابع الأب الأقدس متحدثا عن استغلال الأشخاص في العمل وكأنهم آلات، وأشار إلى آفات مثل أشكال الاستعباد في العمل الزراعي اليومي أو في قطاع البناء وإجبار الأشخاص على ورديات عمل مرهقة، تخفيض الأجور، إزدراء الأمومة والتناقض بين العمل والعائلة. وأشار البابا في هذا السياق إلى تزايد أعداد مَن يطلَق عليهم اسم العاملين الفقراء أي غير القادرين رغم العمل على إعالة أبنائهم ومنح رجاء للمستقبل، وشدد على ضرورة أن تمنح النقابات صوتا لمن لا صوت له. كما وتطرق الأب الأقدس إلى قضية أخرى وهي ظاهرة تزايد أعداد من يستقيلون من أعمالهم بسبب عدم الرضا أو أجواء أماكن العمل أو العقود السيئة، وشدد البابا بالتالي على ضرورة أنسنة العمل.

وفي ختام كلمته شدد البابا فرنسيس على ضرورة أن تكون النقابات حارسا في دنيا العمل، كما وسلط الضوء على أهمية التربية على السلام في العمل أيضا لأن البشر متعطشون إلى السلام وخاصة في هذه اللحظة التاريخية. ثم شكر قداسته ضيوفه على ما يقومون به من عمل من أجل الفقراء والمهاجرين والأشخاص الضعفاء والعاطلين عن العمل، وأكد لهم ولعائلاتهم أطيب التمنيات بمناسبة عيد الميلاد وتضرع كي يباركهم الرب وتحرسهم مريم العذراء، وختم سائلا إياهم أن يُصلوا من أجله.  

19 ديسمبر 2022, 12:10