بحث

00371_01052021.jpg

البابا فرنسيس يوجه رسالة إلى الشعب الأوكراني: ألمكم هو ألمي

القرب من الشعب الأوكراني والصلاة من أجله والإعجاب به أمام ما يعاني بسبب الحرب. كان هذا محور رسالة وجهها البابا فرنسيس إلى الأوكرانيين مع مرور ٩ أشهر على اندلاع الحرب.

في ٢٤ تشرين الثاني نوفمبر ومع مرور ٩ أشهر على الحرب في أوكرانيا أراد قداسة البابا فرنسيس توجيه رسالة إلى الشعبي الأوكراني. وتحدث الأب الأقدس في البداية عن جنون الحرب وعن تعرض المدن الأوكرانية إلى القصف بالقنابل بينما تُسبب أمطار من الصواريخ الموت والدمار والألم، الجوع والعطش والبرد. أشار البابا أيضا إلى اضطرار أعداد كبيرة من الأشخاص إلى الفرار تاركين بيوتهم وأحباءهم، وأضاف: وإلى جانب أنهاركم الكبيرة تجري كل يوم أنهار من الدماء والدموع.  

وتابع الأب الأقدس كلماته إلى الأوكرانيين قائلا إنه يريد أن يوحد دموعه مع دموعهم، وأكد أنه ما من يوم لا يكون فيه قريبا منهم وأنه يحملهم في قلبه وفي صلاته، وأضاف: ألمكم هو ألمي. وواصل البابا فرنسيس أنه على صليب يسوع يراهم كيف يتألمون من الأهوال الناتجة عن هذا الاعتداء، وتابع أن الصليب الذي عذب الرب يعيش مجددا في آثار التعذيب على جثث القتلى، في المقابر الجماعية في مدن عديدة وفي غيرها من صور قاسية كثيرة اقتحمت النفوس دافعة إلى رفع صرخة: لماذا؟ كيف يمكن لبشر أن يعامِلوا بهذه الطريقة بشرا آخرين؟

توقف البابا فرنسيس في رسالته بعد ذلك عند ما عرف من قصص مأساوية وتحدث بشكل خاص عن الكثير من الأطفال الضحايا أو الجرحى، ومَن تيتموا أو انتُزعوا من أمهاتهم، وقال قداسته: أبكي معكم على كل طفل فقد حياته بسبب هذه الحرب. وأضاف أن البشرية بأسرها قد هُزمت في كلٍّ من هؤلاء الصغار، وتحدث عن الألم الكبير للأمهات الأوكرانيات.

أراد الأب الأقدس من جهة أخرى الحديث إلى الشباب الأوكرانيين فقال إنه يفكر فيهم، في هؤلاء الذين ومن أجل الدفاع عن وطنهم بشجاعة كان عليهم أن يمسكوا بالسلاح بدلا من أحلام المستقبل. وجه البابا كلماته أيضا إلى الزوجات اللواتي فقدن أزواجهن ويواصلن الصمت بكرامة وعزم والإقدام على أية تضحيات من أجل أبنائهن. توجه الأب الأقدس بفكره بعد ذلك إلى البالغين الذين يسعون إلى حماية أحبائهم بكل الطرق، وإلى المسنين الذين وبدلا من أن يُمضوا غروبا تطبعه السكينة أُلقي بهم في ليل الحرب المظلم. تحدث البابا فرنسيس أيضا إلى النساء اللواتي تعرضن للعنف ويحملن ثقلا كبيرا في قلوبهن. وواصل أنه يفكر في الجميع الذين جُرحوا في النفس وفي الجسد، وأكد قربه منهم بمحبة وإعجاب بكيفية مواجهتهم اختبارات بمثل هذه القسوة.  

ثم توقف البابا فرنسيس في رسالته عند المتطوعين الذين يبذلون الجهود يوميا من أجل الشعب، كما وأشار إلى رعاة شعب الله المقدس الذين، وغالبا في أوضاع تُعرِّض سلامتهم للخطر، بقوا بجانب الناس حاملين إليهم تعزية الله وتضامن الأخوة وجاعلين من الأماكن الجماعية والأديرة مساكن يقدمون فيها الضيافة والإغاثة والطعام لمن يعيشون أوضاعا صعبة. تحدث البابا فرنسيس أيضا عن اللاجئين والنازحين الداخليين بعيدا عن بيوتهم التي دُمر الكثير منها. وتابع الأب الأقدس أنه يفكر في السلطات أيضا ويصلي من أجلها حيث تتحمل واجب حكم البلاد في زمن مأساوي واتخاذ قرارات بعيدة النظر من أجل السلام والنمو الاقتصادي أمام دمار الكثير من البنى التحتية الحيوية.

أراد قداسة البابا بعد ذلك التعبير عن إعجابه بحماسة الشعب الأوكراني في هذا البحر من الشر والألم، وأضاف أن العالم قد رأى في الأوكرانيين شعبا مقداما وقويا، يتألم ويصلي، يبكي ويكافح، يقاوم ويرجو، شعبا نبيلا وشهيدا. وتابع البابا فرنسيس مؤكدا أنه سيواصل كونه قريبا من الأوكرانيين بالقلب وبالصلاة والتعاطف الإنساني كي يعرفوا أنهم مرافَقون وكي لا يتم الاعتياد على الحرب، كي لا يُتركوا بمفردهم اليوم وفي المقام الأول غدا حين قد يصبح هناك ميل نحو نسيان معاناتكم، قال الأب الأقدس.  

وتابع البابا فرنسيس قائلا للأوكرانيين إنه في هذه الأشهر، التي تجعل فيها البرودة ما يعيش الشعب الأوكراني أكثر مأساوية، يريد أن تكون محبة الكنيسة وقوة الصلاة ومحبة الكثير من الأخوة والأخوات من كل مكان ملاطَفة لوجههم. وذكَّر بأننا سنحتفل بعد أسابيع قليلة بالميلاد بينما سيكون صرير المعاناة أكبر، إلا أني أريد أن أعود معكم إلى بيت لحم، قال البابا، وتحديدا إلى الاختبار الذي كان على العائلة المقدسة مواجهته في تلك الليلة التي بدت باردة ومظلمة. إلا أن النور قد جاء، لا من البشر بل من الله، لا من الأرض بل من السماء.

تضرع الأب الأقدس بعد ذلك إلى العذراء أم يسوع وأمنا كي تسهر على الأوكرانيين، وذكَّر بأنه قد كرس مع أساقفة العالم إلى قلب مريم الطاهر الكنيسة والبشرية وخاصة بلدكم وروسيا، كتب البابا. وتابع قائلا للأوكرانيين: إلى قلب مريم، قلب الأم، أقدم معاناتكم ودموعكم. وتابع قداسته: فلا نكل عن أن نطلب عطية السلام المرجوة منها، هي التي وكما كتب أحد أبناء أرضكم الكبار حملت الله إلى عالمنا، وذلك واثقين بأن "ما من شيء يُعجز الله" (لوقا ١، ٣٧). وتضرع الأب الأقدس كي يحقق الله التطلعات المشروعة لقلوب الأوكرانيين ويداوي جراحهم ويهبهم العزاء.

وفي ختام الرسالة التي وجهها إلى الشعب الأوكراني، مع مرور ٩ أشهر على اندلاع الحرب في بلدهم وما تتسبب فيه من آلام لهذا الشعب، أراد قداسة البابا فرنسيس تأكيد قربه من الاوكرانيين وصلاته من أجلهم، كما وسألهم أن يُصلوا من جله، ثم تضرع كي يباركهم الرب وتحرسهم مريم العذراء.        

26 نوفمبر 2022, 11:14