بحث

البابا فرنسيس يستقبل أعضاء اتحاد جمعيات العائلات الكاثوليكية في أوروبا البابا فرنسيس يستقبل أعضاء اتحاد جمعيات العائلات الكاثوليكية في أوروبا 

البابا فرنسيس يستقبل أعضاء اتحاد جمعيات العائلات الكاثوليكية في أوروبا

"عندما تقبل العائلة الآخرين وتذهب للقائهم، ولاسيما الفقراء والمتروكين منهم، تكون علامة وشهادة ومشاركة في أمومة الكنيسة" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في كلمته إلى أعضاء اتحاد جمعيات العائلات الكاثوليكية في أوروبا

استقبل قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم الجمعة في القصر الرسولي بالفاتيكان أعضاء اتحاد جمعيات العائلات الكاثوليكية في أوروبا وللمناسبة وجّه الأب الأقدس كلمة رحّب بها بضيوفه وقال في التزامكم اليومي من أجل العائلات، أنتم تقومون بخدمة مزدوجة: تحملون صوتهم إلى المؤسسات الأوروبية وتعملون على تكوين شبكات من العائلات في جميع أنحاء أوروبا. هذه الرسالة تنسجم تمامًا مع المسيرة السينودسيّة التي نعيشها، لكي تصبح الكنيسة أكثر فأكثر عائلة من العائلات.

تابع البابا فرنسيس يقول أشكركم على الندوة التي نظمتموها بالتعاون مع دائرة العلمانيين والعائلة والحياة، والتي تمحورت حول الشهادة لجمال العائلة. والتي إذ استبقت اللقاء العالمي للعائلات ببضعة أيام، لفتت الانتباه إلى نقص الولادات في أوروبا وخاصة في إيطاليا. هناك ارتباط وثيق جدًا بين هذا الفقر في الإنجاب ومعنى جمال العائلة: "إنَّ شهادة الكرامة الاجتماعية للزواج ستصبح مقنعة من خلال هذا الدرب تحديدًا، درب الشهادة التي تجذب". وإذ أجدّد التشجيع الذي وجهته إليكم منذ خمس سنوات (١ حزيران يونيو ٢٠١٧)، أشجعكم على مواصلة عملكم من أجل تعزيز إنشاء وتدعيم الشبكات العائلية. إنها خدمة ثمينة، لأن هناك حاجة لأماكن ولقاءات وجماعات يشعر فيها الأزواج والعائلات بالاستقبال، والمرافقة، وبأنهم ليس وحدهم أبدًا. من الضروري أن تنفتح الكنائس المحلية، في أوروبا وخارجها، على عمل العلمانيين والعائلات الذين يرافقون العائلات.

أضاف الاب الأقدس يقول نحن نعيش اليوم لا عصر تغيير وحسب، وإنما تغيير عصر. وعملكم يتمُّ في هذا التغيير، الذي يمكنه أن يؤدي في بعض الأحيان إلى خطر الإحباط. ولكننا مدعوون، بنعمة الله، لكي نعمل برجاء وثقة في شركة فعالة مع الكنيسة. في هذا الصدد، نجد الأمثلة الأخيرة وهي مذكرة التفاهم التي تم التوقيع عليها العام الماضي من قبل اتحادكم مع اتحاد مجالس أساقفة أوروبا والتعاون مع لجنة أساقفة الاتحاد الأوروبي، التي تستضيف في مكاتبها أمين السر العام لاتحادكم. إنَّ التحديات كبيرة وجميعها مرتبطة ببعضها البعض. فعلى سبيل المثال، لا يمكننا أن نتحدّث عن التنمية المستدامة بدون تضامن بين الأجيال، وهذا التضامن يفترض توازنًا؛ ولكن هذا التوازن هو بالضبط ما ينقصنا في أوروبا اليوم. أوروبا مسنّة غير لا تعطي الحياة هي أوروبا التي لا تستطيع أن تتحدّث عن الاستدامة وتتعي على الدوام لكي تكون متضامنة. لهذا السبب، غالبًا ما تسلطون الضوء على أن السياسات العائلية لا ينبغي اعتبارها كأدوات لسلطة الدول، وإنما يجب أن تتجذّر في المقام الأول في مصلحة العائلات نفسها. تقع على عاتق الدول مهمة إزالة العوائق التي أمام الانجاب في العائلات والاعتراف بأن العائلة تشكّل خيرًا مشتركًا يجب مكافأته، بعواقب إيجابية طبيعية للجميع. كذلك، وكما يذكر قراركم الأخير، "لا ينبغي أبدًا اعتبار إنجاب الأطفال نقصًا في المسؤولية تجاه الخليقة أو مواردها الطبيعية. إذ لا يمكن تطبيق مفهوم "البصمة البيئية" على الأطفال، لأنهم مورد لا غنى عنه للمستقبل. فيما يجب مواجهة النزعة الاستهلاكية والفردية، بالنظر إلى العائلات كأفضل مثال لتحسين الموارد".

تابع البابا فرنسيس يقول يجب إدانة آفة البُرنوغرافيا، التي تنتشر الآن في كل مكان عبر الشبكة، باعتبارها اعتداء دائم على كرامة الرجل والمرأة. لا يتعلّق الأمر بحماية الأطفال وحسب - وهي مهمة مُلحّة للسلطات ولنا جميعًا – وإنما أيضًا بإعلان البُرنوغرافيا كتهديد للصحة العامة. سيكون وهمًا خطيرًا أن نفكّر في أن المجتمع الذي ينتشر فيه الاستهلاك غير الطبيعي للجنس في الشبكة بين البالغين يكون قادرًا على حماية القاصرين بشكل فعال. إن شبكات العائلات، بالتعاون مع المدارس والمجتمعات المحلية، هي أساسيّة للوقاية من هذا الوباء ومكافحته، وتضميد جراح من هم في دوامة الإدمان. كذلك تتعرض كرامة الرجال والنساء للتهديد بسبب الممارسة اللاإنسانية والمنتشرة بشكل متزايد لـ "للحمل البديل"، حيث يتم استغلال النساء الفقيرات ويتمُّ التعامل مع الأطفال على أنهم سلع. لدى اتحادكم أيضًا مسؤوليته الخاصة في أن يقدّم شهادة على الوحدة والعمل من أجل السلام، في هذه المرحلة التاريخية التي يوجد فيها، للأسف، العديد من التهديدات وعلينا أن نُركِّز على ما يوحد وليس على ما يفرق. وفي هذا الصدد، أنا ممتن لكم لأنه في السنوات الخمس الماضية استقبل اتحادكم عشر منظمات عائلية جديدة وأربع دول أوروبية جديدة، ومن بينها أوكرانيا.

أضاف الحبر الأعظم يقول أخيرًا - وربما يكون هذا هو التحدي الذي يقوم وراء التحديات الأخرى - سلط الوباء الضوء على جائحة آخر أكثر خفية، لا يتمُّ التحدث عنها سوى القليل وهي جائحة الوحدة. إذا كانت العديد من العائلات قد اعادت اكتشاف نفسها ككنائس بيتيّة، فصحيح أيضًا أن العديد من العائلات قد اختبرت الوحدة، وغالبًا ما أصبحت علاقتها مع الأسرار المقدسة افتراضية تمامًا. لذلك فشبكات العائلات هي الترياق ضدّ الوحدة. في الواقع، هم تُدعى، بحكم طبيعتها، لكي لا تترك أي شخص في الخلف، في شركة مع الرعاة والكنائس المحلية. إنَّ الحب المتبادل بين الرجل والمرأة هو انعكاس للحب المطلق والثابت الذي يحب الله به الإنسان، والمقدر له أن يكون مثمرًا ويتحقق في العمل المشترك للنظام الاجتماعي وحماية الخليقة. لذلك فالعائلة التي تقوم على الزواج هي في المحور. إنها الخليَّة الأولى لجماعاتنا وينبغي الاعتراف بها على هذا النحو، في وظيفتها الفريدة في الإنجاب والتي لا غنى عنها. ليس لأنها كيان مثالي وكامل، وليس لأنها نموذج أيديولوجي، وإنما لأنها تمثل المكان الطبيعي للعلاقات والإنجاب: عندما تقبل العائلة الآخرين وتذهب للقائهم، ولاسيما الفقراء والمتروكين منهم، تكون علامة وشهادة ومشاركة في أمومة الكنيسة.

وختم البابا فرنسيس كلمته بالقول أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، سيروا قدمًا في خدمتكم! تأكدوا من أن المنظمة هي بأكملها للخدمة، ومستعدّة للإجابة على متطلبات الإنجيل. ليبارككم الرب ولتحفظكم العذراء مريم؛ أبارككم جميعًا من قلبي، وأسألكم من فضلكم أن تصلّوا من أجلي.

10 يونيو 2022, 13:51