بحث

رسالة البابا فرنسيس إلى المشاركين في الجمعيّة العامة للأعمال الرسولية البابوية رسالة البابا فرنسيس إلى المشاركين في الجمعيّة العامة للأعمال الرسولية البابوية 

رسالة البابا فرنسيس إلى المشاركين في الجمعيّة العامة للأعمال الرسولية البابوية

"أتمنى لكم أن تسيروا في خُطى بولين جاريكوت، وأن تسمحوا بأن يلهمكم إيمانها الملموس، وشجاعتها الجريئة، وإبداعها السخي" هذا ما كتبه قداسة البابا فرنسيس في رسالته إلى المشاركين في الجمعيّة العامة للأعمال الرسولية البابوية

بمناسبة انعقاد الجمعيّة العامة للأعمال الرسولية البابوية في ليون في فرنسا من السادس عشر وحتى الثالث والعشرين من أيار مايو الجاري وجّه قداسة البابا فرنسيس رسالة إلى المشاركين في أعمال الجمعيّة كتب فيها في هذه السنة المميزة، اجتمعتم في ليون، المدينة التي نشأت فيها الأعمال الرسولية البابوية وحيث سيُحتفل بتطويب بولين جاريكوت، مؤسِّسة عمل نشر الإيمان. التي نحتفل بالذكرى المئوية الثانية على تأسيسها، فضلاً عن الذكرى المئوية لارتقائها، مع عمل الطفولة المقدسة وعمل القديس بطرس الرسول، إلى الرتبة "البابوية". والتي أُضيف إليها لاحقًا، باعتراف البابا بيوس الثاني عشر، الاتحاد الإرسالي البابوي، الذي يحتفل بالذكرى الخمسين بعد المائة لولادة مؤسسه، الطوباوي باولو مانّا.

تابع البابا فرنسيس يقول تندرج هذه الأعياد في الاحتفال بالذكرى المئوية الرابعة لمجمع انتشار الإيمان، الذي ترتبط به الأعمال الرسولية البابوية ارتباطًا وثيقًا وتتعاون معه في دعم الكنائس في الأراضي التي عُهد بها إلى هذه الدائرة الفاتيكانيّة. لقد تم تأسيسها لدعم وتنسيق انتشار الإنجيل في الأراضي التي لم تكن معروفة حينها. لكن الدفع الإنجيلي لم يغب أبدًا في الكنيسة ويبقى على الدوام ديناميكيتها الأساسية. لذلك أردت في الكوريا الرومانية المتجددة أن تتولى دائرة البشارة دورًا خاصًا من أجل تعزيز الارتداد الرسولي للكنيسة، الذي ليس اقتناصًا، وإنما شهادة: خروج من الذات من أجل إعلان حب الله المجاني والخلاصي لنا، نحن الذين دُعينا لكي نكون إخوة وأخوات.

أضاف الأب الأقدس يقول لذلك رتبتم للقاء في ليون لأن هناك، ومنذ مائتي عام، تحلَّت شابة تبلغ من العمر ثلاثة وعشرين عامًا، بولين ماري جاريكوت، بالشجاعة لكي تؤسِّس عملاً لدعم النشاط الإرسالي للكنيسة؛ وبعد بضع سنوات أيضًا أسست "مسبحة الوردية الحية"، وهي منظمة مكرسة للصلاة ومقاسمة التبرُّعات. وماتت فقيرة تلك التي ولدت في عائلة ثرية: وبتطويبها، تشهد الكنيسة أنها عرفت كيف تجمع كنوزًا في السماء، كنوز تولد من شجاعة العطاء وتكشف سر الحياة التي يمكننا أن نمتلكها فقط ببذلها في سبيل الآخرين ونجدها فقط إن فقدناها. لقد كانت بولين جاريكوت تحبُّ أن تقول إن الكنيسة رسولية بطبيعتها، وبالتالي فإن لكل معمّد رسالة، لا بل هو رسالة. والمساعدة الأشخاص على عيش هذا الوعي هي الخدمة الأولى للأعمال الرسولية البابوية، خدمة تؤديها مع البابا وباسم البابا. ويترجم هذا الرابط بين الأعمال الرسولية البابوية والخدمة البطرسيّة، الذي نشأ لمائة سنة خلَت، إلى خدمة ملموسة للأساقفة، والكنائس الخاصة، وشعب الله بأسره. وفي الوقت نفسه، من واجبكم أيضًا، بحسب المجمع الفاتيكاني الثاني، أن تساعدوا الأساقفة لكي يفتحوا كل كنيسة خاصة على آفاق الكنيسة الجامعة.

تابع الحبر الأعظم يقول تتيح لي اليوبيلات التي تحتفلون بها وتطويب بولين جاريكوت الفرصة لكي أقترح عليكم مجدّدًا ثلاثة جوانب ساهمت كثيرًا، بفضل عمل الروح القدس، في انتشار الإنجيل في تاريخ الأعمال الرسولية البابوية. أولاً الارتداد الإرسالي: يعتمد صلاح الرسالة على مسيرة خروج من الذات، وعلى الرغبة بعدم تركيز حياتنا على ذواتنا، وإنما على يسوع، على يسوع الذي جاء ليَخدُم وليس ليُخدَم. بهذا المعنى، رأت بولين جاريكوت حياتها كجواب لرحمة الله الشفوقة والحنونة: منذ صغرها سعت إلى التشبّه بربها، كذلك من خلال الآلام التي كابدتها، لكي تُشعل نار محبته في قلب كلِّ إنسان. هنا يكمن مصدر الرسالة، في حماسة إيمان لا يكتفي، ويصبح يومًا بعد يوم، من خلال الارتداد، اقتداءً من أجل توجيه رحمة الله على دروب العالم. لكنَّ هذا الأمر ممكن فقط – وهذا الجانب الثاني – من خلال الصلاة، التي هي أوّل شكل للرسالة. ليس من قبيل المصادفة أن بولين قد وضعت عمل نشر الإيمان إلى جنب مسبحة الوردية الحية، كمن يعيد التأكيد على أن الرسالة تبدأ بالصلاة ولا يمكنها أن تتحقّق بدونها. نعم، لأن روح الرب هو الذي يسبق جميع أعمالنا الصالحة ويسمح بها: فالأولويّة هي دائمًا لنعمته. وخلاف ذلك، ستصبح الرسالة ركضًا عديم الفائدة. وختامًا، واقعيّة المحبة: بالإضافة إلى شبكة الصلاة، أعطت بولين الحياة لمبادرة جمع تبرُّعات على نطاق واسع وبشكل خلاق، رافقتها بمعلومات عن حياة ونشاطات المرسلين. وبالتالي شكّلت تبرعات العديد من الاشخاص البسطاء يدَ العناية الإلهية لتاريخ الرسالات.

وختم البابا فرنسيس رسالته بالقول أيها الإخوة والأخوات الأعزاء الذين تشكلون الجمعية العامة للأعمال الرسولية البابوية، أتمنى لكم أن تسيروا في خُطى هذه المرأة المُرسَلَة العظيمة، وأن تسمحوا بأن يلهمكم إيمانها الملموس، وشجاعتها الجريئة، وإبداعها السخي. بشفاعة العذراء مريم، نجمة البشارة، أستمطر على كل واحد منكم بركة الرب وأطلب منكم من فضلكم أن تصلّوا من أجلي.

17 مايو 2022, 09:08