بحث

البابا فرنسيس يستقبل أعضاء اللجنة الأنغليكانية الرومانية الكاثوليكية الدولية البابا فرنسيس يستقبل أعضاء اللجنة الأنغليكانية الرومانية الكاثوليكية الدولية 

البابا فرنسيس يستقبل أعضاء اللجنة الأنغليكانية الرومانية الكاثوليكية الدولية

"إن مواهب الروح ليست للاستخدام الحصري للذين يقبلونها، بل هي بركات لشعب الله بأسره: إنَّ النعمة التي ننالها هي موجّهة أيضًا للآخرين وتلك التي ينالها الآخرون هي ضروريّة لنا" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في كلمته إلى أعضاء اللجنة الأنغليكانية الرومانية الكاثوليكية الدولية

استقبل قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم الجمعة في القصر الرسولي بالفاتيكان أعضاء اللجنة الأنغليكانية الرومانية الكاثوليكية الدولية وللمناسبة وجّه الأب الأقدس كلمة رحّب بها بضيوفه وقال بعض كلمات الرسول بولس إلى أهل فيلبي، والتي ذكرها البابا بولس السادس ورئيس الأساقفة مايكل رامسي في إعلانهما المشترك منذ حوالي الستين عامًا تقريبًا، ترافق منذ البداية الحوار الذي تسيرون به قدمًا: "أَنْسى ما ورائي وأَتَمطَّى إِلى الأَمام فأَسْعى إِلى الغاية، لِلحُصولِ على الجائِزَةِ الَّتي يَدْعونا اللّهُ إِلَيها مِن عَلُ لِنَنالَها في المسيحِ يسوع". على مدى ثلاث مراحل، التزمت لجنة الحوار الخاصة بكم بالتخلي عن ما يضر بشراكتنا وبتنمية الروابط التي توحد الكاثوليك والأنغليكان. لقد كانت مسيرة سريعة في بعض الأحيان، وأحيانًا بطيئة وصعبة. لكنني أؤكد أنها كانت وستكون مسيرة على الدوام.

تابع البابا فرنسيس يقول المسيرة هي الكلمة الأولى التي أود أن أتأمَّل حولها معكم. وتتحدّث عنها وثيقتكم الأخيرة بعنوان: "السير معًا على الدرب". يتعلّق الأمر، كما يذكّرنا رسول الأمم، بالمضي قدمًا، وترك الأشياء التي تُقسِّم، في الماضي كما في الحاضر، وإبقاء أنظارنا ثابتة على يسوع والهدف الذي يريده ويشير إليه، الوحدة المرئيّة بيننا. إنها وحدة علينا أن نقبلها بتواضع، كنعمة من الروح القدس، وأن نسير قدمًا في المسيرة، فيما نعضدُ بعضنا بعضاً. إن الحوار المسكوني هو مسيرة: إنّه أكثر بكثير من مجرد الحديث معًا. إنها مسألة معرفة بعضنا البعض بشكل شخصيّ وليس فقط في الكتب، ومشاركة الأهداف والتعب، والالتزام بمساعدة الإخوة والأخوات المجروحين والمُلقَون على أطراف دروب العالم، والتأمُّل بنظرة واحدة وحراسة الخليقة التي تحيط بنا بالالتزام عينه، وتشجيع بعضنا البعض في تعب المسيرة. هذا هو معنى المسيرة. كما تعلمون، إنَّ الكنيسة الكاثوليكية قد أطلقت عملية سينودسيّة: ولكي يكون هذا المسار المشترك كذلك، لا يمكن أن تغيب مساهمة الشركة الأنغليكانية. نشعر أنكم رفقاء درب ثمينون. وفيما يتعلق بواقعيّة المسيرة، أود أن أوكل بخطوة مهمة لصلواتكم. سيكون رئيس الأساقفة جوستين ويلبي ومدبر كنيسة اسكتلندا، الأخوين العزيزين، رفيقيَّ في السفر عندما سنتمكن أخيرًا، بعد أسابيع قليلة، من السفر إلى جنوب السودان. سيكون حج مسكوني للسلام. لنُصلِّ لكي يُلهم مسيحيي جنوب السودان والعالم ليكونوا معزّزين للمصالحة، وناسجين للوئام، وقادرين على أن يقولوا لا لدوامة العنف والسلاح العديمة الجدوى.

أضاف الحبر الأعظم يقول كلمة ثانية أود أن أشارككم بها: هي المواهب. إذا كانت المسيرة تشير إلى الطريقة، فإن المواهب تُظهر روح المسكونية. في الواقع، لا يمكن لأي بحث عن شركة أعمق إلا أن يكون تبادلًا للمواهب، حيث يتشرَّب كل واحد ما زرعه الله في الآخر. وهذا القلق قد كان أيضًا في محور عمل لجنتكم. وبالتالي فالسؤال الذي يظهر هو: ما هو الموقف الصحيح لكي لا يتم اختزال تبادل المواهب إلى مجرّد فعل رسمي أو ظرفي؟ إن التحدث بصدق وصراحة عن القضايا الكنسية والأخلاقية، ومناقشة ما يُزعجنا هو أمر محفوف بالمخاطر، ويمكنه أن يزيد المسافات بدلاً من أن يُعزّز اللقاء. ولكن هذا الأمر يتطلب التواضع والحقيقة كشرطين أساسيين. وهكذا نبدأ ونعترف بتعبنا بتواضع وصدق. هذه هي الخطوة الأولى: لا يجب أن نحرص على أن نظهر جميلين وواثقين أمام إخوتنا، وأن نقدم أنفسنا لهم كما نحلم بأن نكون، وإنما أن نُظهر لهم بقلب مفتوح ما نحن عليه حقًا.

تابع الأب الأقدس يقول لا يمكننا أن نتغلب على الخطايا التي أدت إلى انقساماتنا التاريخية إلا بالتواضع والحقيقة، والبدء في الشعور بالألم على الجروح المتبادلة والشعور بالحاجة إلى منح المغفرة ونوالها. هذا الأمر يتطلب شجاعة، ولكنها روح المواهب، لأن كل موهبة حقيقية تتضمّن تخلٍّ ما، وتتطلب شفافية وشجاعة، وتعرف كيف تنفتح على المغفرة. بهذه الطريقة فقط سيساعد تبادل المواهب والخبرات في تخطّي الشكليات اللازمة وسيلمس القلوب. بهذه الطريقة سندخل في انسجام مع الروح القدس، عطية الله، ذلك الذي يهبنا نفسه لكي يعيد تكوين الانسجام، لأنه هو انسجام يصالح بين الاختلافات في الوحدة.

وختم البابا فرنسيس كلمته بالقول إن مواهب الروح ليست للاستخدام الحصري للذين يقبلونها، بل هي بركات لشعب الله بأسره: إنَّ النعمة التي ننالها هي موجّهة أيضًا للآخرين وتلك التي ينالها الآخرون هي ضروريّة لنا. في تبادل المواهب نتعلم هكذا أننا لا نستطيع أن نكفي أنفسنا بدون النعمة التي مُنحت للآخرين. ليلهم الروح القدس، مانح المواهب، استمرار عملكم؛ فيختبر كل فرد منا فرح نعمته وتعزيته. أشكركم على كل ما تقومون به وأسألكم من فضلكم أن تصلوا من أجلي.

13 مايو 2022, 12:57