البابا فرنسيس: لقد فقدت حضارتنا عطية البكاء
استقبل البابا فرنسيس بعد ظهر السبت الجماعة الرعوية Madonna delle Lacrime (عذراء الدموع) من تريفيليو في محافظة بيرغامو في شمال إيطاليا. وفي حديثه إلى ضيوفه ذكَّر قداسته بأن مزار عذارء الدموع الذي يأتون منه ليس الوحيد إلا أنه الأقدم حيث يعود إلى ٥٠٠ سنة مضت. ثم تحدث قداسته عن أن دموع العذراء هي انعكاس لدموع يسوع فقد بكى مرتين حسب ما يروي لنا الإنجيل، على قبر لعازر (راجع لوقا ١١، ٣٥) ثم عند رؤيته أورشليم (راجع لوقا ١٩، ٤١)، وكانت هذه في الحالتين دموع ألم. ولكن يمكننا تخيل أن يسوع قد بكي من الفرح أيضا، واصل الأب الاقدس، حين رأى مثلا صغار الشعب يستقبلون الإنجيل بحماس.
وتابع البابا فرنسيس متحدثا عن مريم باعتبارها التلميذ الأول، فهي تلميذة أكثر منها أم، قال قداسته، فقد تبعت ابنها في كل شيء، أيضا في قداسة المشاعر والأحاسيس، في الضحك والبكاء. وواصل البابا أن دموع فرح قد انسكبت من عينيها حين ولدت يسوع في بيت لحم وحين رأت الرعاة والمجوس يسجدون أمامه. بينما سكبت عيناها دموعا مرة حين تبعت ابنها على درب الآلام وحين كانت أسفل صليبه. وواصل الأب الأقدس أن دموع مريم قد حولتها نعمة المسيح كما حولت حياتها وكينونتها كلها، وحين تبكي مريم فإن دموعها عي علامة شفقة الله. وأراد البابا فرنسيس هنا التشديد على شفقة الله الذي يغفر لنا دائما، وتابع أن دموع مريم هي علامة ألم يسوع بسبب خطايانا، للشر الذي يضرب البشرية وخاصة الصغار والأبرياء ومَن يعانون. هذا وأشار الأب الأقدس في هذا السياق إلى الحرب لا فقط في أوكرانيا مؤكدا أن الحرب تدمر الجميع، الخاسرين والمنتصرين وأيضا مَن يراقب الحرب من خلال أنباء سطحية لمعرفة من الفائز ومن المهزوم. وذكَّر البابا بالتضرع إلى قلب مريم الطاهر مؤكدا أن مريم قد تقبلت تضرعاتنا لأنها أم السلام. وتابع قداسته أن مريم الأم تعلِّمنا ألا نخجل من الدموع، من البكاء، بل ويعلِّمنا القديسون أن الدموع هي عطية وفي بعض الأحيان نعمة، توبة وتحرر للقلب. والبكاء يكسر قشرة الـ "أنا" المنغلقة على ذاتها ويفتح على المحبة التي تعانقنا وتنتظرنا دائما لتغفر لنا، انفتاحا على الآب الصالح وعلى الأخوة. وتحدث الأب الأقدس في هذا السياق عن اعتقاده بأننا في زمننا هذا قد فقدنا عادة البكاء الجيد، قد نبكي لشيء يمسنا ولكن لا البكاء الذي يخرج من القلب مثل بكاء بطرس نادما أو بكاء العذراء. لقد فقدت حضارتنا حس البكاء بينما علينا أن نبكي لا فقط أمام الحروب بل أيضا أمام الإقصاء. وأشار قداسته إلى مآسي الإقصاء المتعددة، من الأطفال المقصيين حتى قبل أن يولدوا إلى الفقراء الذين ليس لديهم ما يمَكنهم من العيش، وشدد على أن بؤس زمننا يجب أن يجعلنا نبكي.
وفي ختام حديثه إلى أعضاء الجماعة الرعوية Madonna delle Lacrime (عذراء الدموع) من تريفيليو في محافظة بيرغامو في شمال إيطاليا أشار قداسة البابا فرنسيس إلى أن اسم الجماعة في حد ذاته يتضمن عملا رعويا يقوم على الحنان والشفقة والقرب التي هي أسلوب الله. وشدد على ضرورة أن نتعلم دائما من مريم أن نتبع يسوع وأن نجعل روحه يشكل مشاعرنا ورغباتنا، مشاريعنا وأفعالنا.