بحث

البابا فرنسيس: على كلِّ شخص يريد أن يكون مُحرِّكًا أن يسمح للخير والجمال والحقيقة أن يحرِّكوه من الداخل البابا فرنسيس: على كلِّ شخص يريد أن يكون مُحرِّكًا أن يسمح للخير والجمال والحقيقة أن يحرِّكوه من الداخل 

البابا فرنسيس: على كلِّ شخص يريد أن يكون مُحرِّكًا أن يسمح للخير والجمال والحقيقة أن يحرِّكوه من الداخل

"إذا أردنا أن يكون العالم المستقبلي صالحًا للسكن ولائقًا بالإنسان، يجب على الاقتصاد أن يكون أكثر تحررًا من سلطة التمويل وأكثر إبداعًا في البحث عن أشكال الإنتاج الموجهة نحو إيكولوجيا متكاملة" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في كلمته إلى أعضاء جمعيّة "Anima per il sociale nei valori d'impresa"

استقبل قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم في القصر الرسولي بالفاتيكان أعضاء جميعة "Anima per il sociale nei valori d'impresa" وللمناسبة وجّه الأب الاقدس كلمة رحّب بها بضيوفه وقال ضمن اتحاد الصناعيين والشركات في مقاطعات لاتسيو، ولعشرين سنة خلت ولدت جمعيتكم، بهدف تعزيز أخلاقي واجتماعي. لهذا اخترتم استخدام كلمة "Anima" أي "روح": وهي كلمة مُلزمة جدًا! فهي تجعلنا نفكّر بحقيقة لا يمكن رؤيتها، ولكنها تحفِّز وتحرِّك من الداخل بيئة عملكم. وبالتالي يُترك الأمر لكم أنتم المسؤولين لكي تقيِّيموا الأهداف التي تم تحقيقها في هذه السنوات العشرين. من ناحيتي، أود أن أشجعكم وأقدم لكم بعض النقاط للتأمّل والتفكير.

تابع الأب الأقدس يقول اليوم، إذ تحافظون على الهدف موجّهًا نحو الخير العام، يظهر من الضروري أن يضع السياسة والاقتصاد، اللذين هما في حوار دائم مع بعضهما البعض، نفسيهما بشكل حاسم في خدمة الحياة: الحياة البشرية وحياة الخليقة، بيتنا المشترك. كان ينبغي للأزمة المالية الكبرى بين عامي ٢٠٠٧ و٢٠٠٨ أن تدفع في هذا الاتجاه. نعم، كان هناك رد فعل إيجابي، لكن يبدو لي أن العالم استمر وما زال محكومًا بمعايير بطُل استعمالها. ناهيك عن المجال الجيوسياسي العسكري، حيث تُظهر الحروب الإقليمية المختلفة وخاصة الحرب الدائرة في أوكرانيا أن الذين يحكمون مصير الشعوب لم يفهموا بعد الدرس الذي علّمتنا إياه مآسي القرن العشرين.

أضاف البابا فرنسيس يقول أنتم، الذين تُمثلون أساسًا واقع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم، تدركون جيدًا، في هذا السياق، مدى صعوبة تطوير وخلق وظائف وفقًا للقيم الأخلاقية والمسؤولية الاجتماعية. لكن لا يجب أن نشعر بالإحباط ولا أن نستسلم. يعتقد البعض أن المعايير الأخلاقية والاجتماعية هي مثل "قفص" يميت الحرية والإبداع الاقتصادي. لكنَّ الأمر في الواقع، هو عكس ذلك تمامًا، أو على الأقل يمكنه أن يكون كذلك. في الواقع، إذا أردنا أن يكون العالم المستقبلي صالحًا للسكن ولائقًا بالإنسان، يجب على الاقتصاد أن يكون أكثر تحررًا من سلطة التمويل وأكثر إبداعًا في البحث عن أشكال الإنتاج الموجهة نحو إيكولوجيا متكاملة. ويجب أن "تُحكم" العولمة، لكي لا يُلحق العالمي الضرر بالمحلي، بل يكون البعدين في علاقة فاضلة ومثمرة.

تابع الأب الأقدس يقول قد يقول الكثيرون، لأسباب مفهومة، ولكن ماذا يمكننا القيام به نحن المستثمرين الصغار في مواجه عمالقة السلطة المالية والتكنوقراطية؟ أعتقد - وأريد أن أفكر أن بناء اقتصاد جديد يحترم الكرامة البشريّة والبيئة، يمكنه وينبغي عليه أن يبدأ من الأسفل. لا بل – ونعلم ذلك - لقد بدأ بالفعل من الأسفل: إذ يوجد في جميع أنحاء العالم العديد من الخبرات للأعمال الأخلاقية والمستدامة التي ترسم مسارًا. وبالتالي من الضروري تعزيز التواصل والمشاركة بين هذه الخبرات، بحيث يتم تكوين شبكة قادرة على التأثير على مستويات أكثر شمولاً.

وخلص البابا فرنسيس إلى القول أخيرًا، اسمحوا لي بأن أقدّم لكم نصيحة "كأسقف": إذا أردتم أن تكونوا "روحًا" في عالم الأعمال، فلا تهملوا العناية بأرواحكم، تلك التي منحكم الله إياها. ولهذا يجب عليكم أن تقاوموا تجربة النشاط المفرط وتجدوا أوقاتًا للتفكير والتأمل. لهذا السبب أيضًا يمكن للجمعية أن تكون مفيدة، مع بعض المقترحات. ولكن هذا الأمر هو ضرورة شخصية بشكل خاص: لأنّه على كلِّ شخص يريد أن يكون مُحرِّكًا أن يسمح للخير والجمال والحقيقة أن يحرِّكوه من الداخل. ويتضح هذا من خلال شهادات رجال الأعمال الإيطاليين الذين عرفوا كيف ينمّون لا الأرباح وحسب وإنما أيضًا في الحياة ونوعية الحياة ونوعية العمل، بحريّة وإبداع لأنّهم كانوا يتحلّون بضمير مستنير. يا رجال الأعمال الأعزاء، أشكركم على زيارتكم. وأتمنى لكم الأفضل لعملكم ونشاط جمعيتكم. ليبارككم الله ويبارك عائلاتكم.

14 مارس 2022, 12:27