البابا فرنسيس يوجه رسالة فيديو إلى المشاركين في ندوة عبر الانترنيت بمناسبة اليوم العالمي الثلاثين للمريض
حيّا البابا فرنسيس في مستهل رسالته المشاركين في هذه الندوة عبر الانترنيت وعبّر عن امتنانه لجميع الذين في الكنيسة والمجتمع يقفون بمحبة إلى جانب من يتألم. وقال الأب الأقدس إن خبرة المرض تجعلنا نشعر بأننا ضعفاء وبحاجة إلى الآخرين، كما أن المرض يطرح سؤالا عن المعنى، هو في الإيمان موجَّه إلى الله: سؤال يبحث عن معنى جديد واتجاه جديد للحياة، وقد لا يجد في بعض الأحيان إجابة على الفور. وأضاف أن القديس يوحنا بولس الثاني قد أشار انطلاقا من خبرته الشخصية إلى درب مسيرة البحث هذه. لايعني ذلك الانطواء على الذات بل الانفتاح على محبة أكبر، مذكّرا في هذا الصدد بالرسالة الرسولية "الألم الخلاصي" للبابا يوحنا بولس الثاني الصادرة عام ١٩٨٤ حول المعنى المسيحي للألم البشري. وتابع البابا فرنسيس رسالته مشيرا إلى أنه لا ينبغي أن ننسى أبدا فرادة كل مريض، بكرامته وضعفه. فالإنسان بكليته يحتاج إلى الرعاية: الجسد والعقل والعواطف والحرية والإرادة والحياة الروحية... فالرعاية لا يمكن أن تتجزأ، أضاف الأب الأقدس يقول، لافتًا إلى أن القديسين الذين اعتنوا بالمرضى قد اتّبعوا دائما تعليم المعلّم: شفاء جراح الجسد والنفس؛ الصلاة والعمل من أجل الشفاء الجسدي والروحي معا.
كما وأشار البابا فرنسيس إلى أن زمن الجائحة هذا يعلّمنا أن نتحلّى بنظرة حول المرض كظاهرة عالمية وليس فردية فقط، ويدعونا إلى التفكير في أنواع أخرى من "الأمراض" التي تهدد البشرية والعالم. فالفردانية واللامبالاة إزاء الآخر، أضاف الأب الأقدس يقول، هما من أشكال الأنانية، ولفت أيضا إلى أن تبعات عدم المساواة تظهر أيضا في المجال الصحي حيث يتمتع البعض بخدمات متميزة فيما يجد كثيرون آخرون صعوبة في الحصول على الرعاية الصحية الأساسية. وأكد البابا فرنسيس أن الترياق لعلاج هذا "الفيروس" الاجتماعي هو ثقافة الأخوّة المرتكزة إلى الوعي بأننا جميعا متساوون كبشر، جميعا متساوون، أبناء أب واحد. وعلى هذا الأساس، يمكن أن تتوفر علاجات فعالة وللجميع.
وإذ سلط الضوء على مثل "السامري الصالح"، قال البابا فرنسيس إن الكنيسة، وباتباع يسوع، قد عملت دائما من أجل الذين يتألمون، مخصصة بشكل خاص للمرضى موارد كبيرة شخصية واقتصادية. وأشار الأب الأقدس إلى المستوصفات والمراكز الصحية في البلدان النامية، وقال إنه يفكر في الكثير من الأخوات والإخوة المرسلين الذين بذلوا حياتهم من أجل الاعتناء بالمرضى الأشد فقرًا، وفي الكثير من القديسين والقديسات الذين أطلقوا في العالم كله أعمال رعاية صحية مشركين رفاقهم لتنشأ هكذا جمعيات رهبانية. وأكد البابا فرنسيس أن هذه الدعوة والرسالة من أجل رعاية إنسانية متكاملة ينبغي أن تجدد اليوم أيضا المواهب في الحقل الصحي كي لا يغيب القرب من الأشخاص المتألمين.
هذا وعبّر البابا فرنسيس عن امتنانه لجميع الذين في الحياة والعمل هم يوميا إلى جانب المرضى، وللعائلات والأصدقاء الذين يعتنون بأحبائهم بحنان ويتقاسمون معهم الأفراح والآمال، الآلام والهموم؛ وللأطباء والممرضات والممرضين والصيادلة وجميع العاملين الصحيين، وأيضا للمرشدين في المستشفيات والراهبات والرهبان من المعاهد التي تهتم برعاية المرضى، وللمتطوعين الكثيرين. وقال إنه يذكرهم جميعا في صلاته كي يمنحهم الرب القدرة على الإصغاء إلى المرضى والاهتمام بهم بشكل متكامل، الجسد، الروح والعلاقات. وأضاف البابا فرنسيس أنه يصلّي بشكل خاص من أجل جميع المرضى في كل أنحاء العالم، وخصوصا الذين هم وحيدون ولا يتمكنون من الحصول على الخدمات الصحية.
وفي ختام رسالة الفيديو التي وجهها بمناسبة ندوة عبر الانترنيت تنظمها الدائرة الفاتيكانية المعنية بخدمة التنمية المتكاملة بمناسبة اليوم العالمي الثلاثين للمريض، أوكل البابا فرنسيس الجميع إلى حماية مريم العذراء، شفاء المرضى.