لقاء البابا فرنسيس مع طلاب من أمريكا الشمالية والوسطى والجنوبية
بدأ اللقاء بصلاة مريمية طلب خلالها البابا والطلابُ من ملكة السلام أن تحمي أوكرانيا والعائلات والشبان ضحايا العمليات العسكرية التي بدأت فجر الخميس. تحاور فرنسيس مع الشبان والشابات – المتواجدين في البرازيل، كندا، الولايات المتحدة والأرجنتين – على مدى ساعة ونيف، خلال لقاء سينودسي حمل عنوان "بناء الجسور بين الشمال والجنوب"، والذي نظمه قسم اللاهوت في جامعة لويولا بشيكاغو، بالتعاون مع اللجنة الحبرية لأمريكا اللاتينية. الشبان والشابات، ومن بينهم عدد من المهاجرين، أطلعوا البابا على قصصهم، وسلطوا الضوء على الأوضاع الصعبة التي تعيشها بلدانهم، وطرحوا عليه أيضا بعض المشاريع التي يعملون عليها منذ سنوات. افتُتح اللقاء بمداخلة لرئيس أساقفة شيكاغو الكاردينال بليز كوبيش، واللاهوتية الأرجنتينية السيدة إيميلسي كودا، التي عُينت منذ بضعة أيام أمينة سر للجنة الحبرية لأمريكا اللاتينية. بعدها أصغى البابا فرنسيس إلى الأسئلة التي طرحها عليه الطلاب الأمريكيون واستهل كلمته مشددا على أهمية السعي دوما إلى بناء الجسور، وهو موضوع اللقاء السينودسي، مؤكدا أن بناء الجسور هو جزء لا يتجزأ من الهوية المسيحية، ولفت إلى أن المسيح جاء إلى هذا العالم ليبني جسراً بين الآب وبيننا، والمسيحي الذي لا يعرف كيف يبني الجسور، هو شخص نسي معموديته. بعدها تمنى الحبر الأعظم أن تستمر اللقاءات من هذا النوع بين الطلاب والبابوات. في سياق رده على سؤال بشأن العنف، قال البابا إنه لا بد أن يواجَه العنف باللاعنف، لافتا إلى أن هذا هو التحدي الأكبر الذي يواجهنا اليوم، ألا وهو التنديد بالعنف. وأضاف أن العنف يولد الدمار، ولا يبني، وهذا ما نراه من خلال الأنظمة الدكتاتورية، العسكرية وغير العسكرية، التي عرفها التاريخ. وقال إنه من السهل جدا أن نضرب الآخر على خده عندما نُضرب، لكن من الصعب أن ندير الخد الأيسر. بعدها تطرق البابا إلى حماية الخليقة، وهي مسألة تناولها عدد من الطلاب المشاركين في اللقاء، متحدثين عن وجود عشرين مليون شخص يتركون أراضيهم سنوياً بسبب التبدلات المناخية، ويُتوقع أن يصل هذا العدد إلى مليار وأربعمائة مليون نسمة مع حلول العام ٢٠٦٠. وشدد البابا فرنسيس في هذا السياق على ضرورة الاعتناء ببيتنا المشترك. وذكر بمقولة إسبانية تقول إن "الرب يغفر دائما، نحن نغفر أحيانا، لكن الطبيعة لا تغفر أبدا". لم تخلُ كلمات الحبر الأعظم من الحديث عن موضوع الهجرة، وذلك في معرض إجابته على سؤال طرحته شابة مهاجرة من أمريكا اللاتينية، وقال فرنسيس إن مأساة المهاجرين هي من الأخطر في قرننا هذا، وأضاف أننا نرى اليوم أشخاصا يتركون أرضهم بسبب المشاكل السياسية والاقتصادية والثقافية والحروب. وشدد في هذا السياق على ضرورة توفير حسن الضيافة لكل شخص مهاجر، الذي يحتاج أيضا إلى المرافقة والاندماج في المجتمع. واعتبر البابا في هذا السياق أن البلدان مدعوة إلى تحديد عدد المهاجرين الذي يمكن استضافته، وبهذه الطريقة تُفعّل الأخوّة في هذا العالم الذي يعاني من الانقسامات. ولفت إلى أن مسألة الهجرة تعني الجميع، مذكراً بأنه هو أيضا ابن عائلة مهاجرة، قدمت من إيطاليا، وبأن الولايات المتحدة – على سبيل المثال – هي بلد المهاجرين، تماما كما هي الأرجنتين. وشجع الطلاب الجامعيين على الاهتمام بهذا الموضوع من خلال تشغيل الذهن والقلب واليدين. هذا ثم شدد البابا على أهمية تعزيز الحوار بين الأجيال، من أجل الحفاظ على الجذور، وقال إن المجتمع يُقدم على الانتحار عندما يتنكر لجذوره. من هذا المنطلق لا بد أن يعتني كل واحد منا بجذوره، لذا ينبغي أن يقام حوار بين الشبان والمسنين. كما يجب ألا ينسى الشبان المهاجرون جذورهم الخاصة. في إطار حديثه عن السينودسية في الكنيسة، شاء البابا أن يوجّه نداء إلى الكنيسة الجامعة، فدعاها لأن تكون كنيسة تنشط في الطرقات، تخرج من قوقعتها، كي لا تكون عبارة عن "متحف جامد". لا بد أن تقوم الكنيسة بفحص ضمير. وروى فرنسيس – في ختام لقائه مع الطلاب – أنه عندما كان شابا في بوينوس أيريس تعرف على كاهن جعل من رعيته قاعة طعام للمهاجرين وللأشخاص المتروكين والمحتاجين، خلال عيدي الفصح والميلاد. وقال البابا إن هذا الأمر شكل بالنسبة له صدمة في بادئ الأمر، لكن سرعان ما بدل هذا المشهد قلبه. |