البابا فرنسيس يستقبل وفدا من الاتحاد الوطني للبلديات الإيطالية
استقبل قداسة البابا فرنسيس قبل ظهر اليوم السبت في القصر الرسولي وفدا من الاتحاد الوطني للبلديات الإيطالية. وعقب تحيته ضيوفه وشكره إياهم على ما قاموا ويقومون به خلال فترة الجائحة، أراد أن يوجه إليهم ثلاث كلمات مشجعة حسب ما ذكر، ألا وهي أولا الأبوة أو الأمومة، ثم الضواحي، وأخيرا السلام.
وفي تطرقه إلى الكلمة الأولى قال البابا فرنسيس إن خدمة الخير العام هي شكل سامٍ من المحبة ويمكن مقارنتها بما يقوم به الوالدان في العائلة. ففي مدينة أيضا يجب الرد بأشكال مختلفة على الأوضاع المختلفة، ويجعل هذا الأبوة تتم عبر الإصغاء. وشجع ضيوفه بالتالي على عدم التخوف من تكريس الوقت للإصغاء إلى الأشخاص ومشاكلهم، وشدد على أن الإصغاء الجيد يساعد على التمييز لفهم الأولويات. وأضاف قداسته أنه لا تغيب شهادات لرؤساء مجالس مدن وبلدات خصصوا الجزء الأكبر من وقتهم للإصغاء إلى الأشخاص والرد على مخاوفهم. ثم تابع الأب الأقدس مشيرا إلى أهمية أن يرافَق الإصغاء بشجاعة التخيل، وقال إن التمويلات الملائمة لا تكفي وحدها لحل المشاكل، بل هناك حاجة إلى مشاريع تعايش مدني ومواطنة، وإلى الاستثمار في الجمال حيثما هناك تردٍ، في التربية حيثما هناك مشاكل اجتماعية، في أماكن لقاء وتجمع حيثما توجد ردود أفعال عنيفة، وفي التنشئة على الشرعية حيثما يسود الفساد.
ثم انتقل قداسة البابا فرنسيس إلى الكلمة الثانية، الضواحي. وأراد التذكير هنا بأن يسوع وُلد في حظيرة في بيت لحم ومات خارج أسوار أورشليم، وهذا يذكِّرنا بالمحورية الإنجيلية للضواحي. وأشار قداسته إلى لمس رؤساء المجالس في حالات كثيرة مآسي مَن يعيشون في ضواح متردية الأوضاع حيث يقود الإهمال الاجتماعي إلى أشكال من الإقصاء. وتابع البابا أن الانطلاق من الضواحي لا يعني إقصاء أحد بل الانطلاق من أسلوب، لا اختيار إيديولوجي، بل الانطلاق من الفقراء من أجل خدمة خير الجميع. وأضاف أنه ما مدينة تخلو من الفقراء وأن الفقراء هم غنى المدن لأنهم يذكِّروننا بضعفنا وبحاجتنا أحدنا إلى الآخر. يدعونا الفقراء إلى التضامن، وهو قيمة أساسية في العقيدة الاجتماعية للكنيسة، قيمة طورها بشكل خاص القديس يوحنا بولس الثاني. ثم تطرق الأب الأقدس إلى الجائحة والتي جعلتنا نكتشف الوحدة والخلافات داخل البيوت، ومآسي مَن اضطروا إلى إغلاق نشاطاتهم الاقتصادية، عزلة كبار السن واكتئاب البالغين والفتية، واللامساواة الاجتماعية وما تواجه العائلات من مصاعب. وشدد البابا على أن الضواحي لا يكفي تقديم المساعدة لها، بل يجب تحويلها إلى ورشات لاقتصاد ومجتمع مختلفَين. ولا تكفي مساعدة غذائية حين نتحدث عن بشر، فكرامتهم تتطلب العمل، أي مشروعا يمكنه تثمين كل شخص وما يمكنه أن يقدم للآخرين.
وحول كلمة التشجيع الأخيرة، السلام، قال البابا فرنسيس إن أحد توجيهات يسوع لتلاميذه الذين أرسلهم هو حمل السلام إلى البيوت: "وأَيَّ بَيتٍ دَخَلتُم، فقولوا أَوَّلاً: السَّلامُ على هذا البَيت" (لوقا ١٠، ٥). وتحدث الأب الأقدس عن حاجة البيوت إلى الصفاء والسلام، مذكرا بأن جودة العلاقات هي الأمان الاجتماعي الحقيقي لمدينة أو بلدة. ولهذا فهناك واجب يوحد الجميع، ألا وهو خلق نسيج مشترك من القيم يؤدي إلى تفادي التوتر بين الاختلافات الثقافية والاجتماعية. وقال لرؤساء مجالس المدن والبلدات إن السياسة يمكنها أن تكون تدريبا على الحوار بين الثقافات قبل أن تكون تفاوضا بين تكتلات مختلفة. وشدد البابا فرنسيس على أن السلام لا يعني غياب النزاعات، بل القدرة على تطوير شكل جديد من اللقاء والتعايش مع الآخر. وواصل الأب الأقدس أن السلام الاجتماعي هو ثمرة القدرة على الجمع بين الدعوات والكفاءات والموارد بحيث يمكنها نسج علاقات هامة داخل الأحياء. وأضاف أن مسؤوليات صغيرة كثيرة هي شرط من أجل بلوغ سلام ملموس يمكن بناؤه يوما بعد يوم.