بحث

ميلاد البابا فرنسيس: انتظار، رجاء ومحبّة ميلاد البابا فرنسيس: انتظار، رجاء ومحبّة  

ميلاد البابا فرنسيس: انتظار، رجاء ومحبّة

قداس العشية في عيد الميلاد، رسالة الميلاد وبركة مدينة روما والعالم "Urbi et Orbi"، صلاة التبشير في عيد القديس اسطفانوس وعيد العائلة المقدّسة: هذه هي اللحظات الرئيسية الثلاث في زمن الميلاد التي سيترأسها قداسة البابا فرنسيس من الرابع والعشرين وحتى السادس والعشرين من كانون الأول ديسمبر الجاري.

إنتظار، رجاء ومحبّة: بالنسبة للمسيحيين ولجميع الأشخاص ذوي الإرادة الصالحة، جميع هذه الأمور موجودة في الأيام التي تمتد من اليوم إلى الأحد. إنه زمن الميلاد، زمن ولادة يسوع، الذي جاء إلى العالم لكي يخلِّص البشرية. بالطبع، لا تزال جائحة فيروس الكورونا تمسك العالم في قبضتها، ويرجع ذلك أيضًا إلى انتشار متغير أوميكرون: حتى الآن، هناك أكثر من ٢٧٧ مليون مصاب وأكثر من ٥ ملايين حالة وفاة في جميع أنحاء العالم. لكن كما يقول البابا فرنسيس إنَّ "عيد ميلاد المسيح لا يتعارض مع المحنة التي نعيشها، لأنه بامتياز عيد الرحمة وعيد الحنان. وجماله متواضع ومُفعم بالدفء البشري". لذلك، في هذه الأيام الثلاثة، سيقود البابا المؤمنين ويرافقهم بقوة الصلاة، من خلال ثلاث لحظات مركزية سيتم بثها مباشرة عبر إذاعة الفاتيكان وعلى موقع فاتيكان نيوز وقناة اليوتيوب التابعة له.

اليوم، ٢٤ كانون الأول (ديسمبر)، هو لحظة انتظار ولادة يسوع: عند الساعة السابعة والنصف مساءً، كما في العام الماضي، يترأس الحبر الأعظم القداس الإلهي في عشية عيد الميلاد في بازيليك القديس بطرس. يسبق الاحتفال الإفخارستي تحضير وتلاوة إعلان الميلاد وفي نهايته تُقرع الأجراس وتُضاء أنوار البازيليك. ثم يُكشف تمثال الطفل يسوع ويبخِّره الأب الأقدس قبل أن يُضع بعدها في مغارة الميلاد التي أقيمت داخل بازيليك القديس بطرس. "إنَّ ابن الله قد ولد مهمّشًا – قال البابا فرنسيس في عظته مترئسًا القداس الإلهي في عيد الميلاد عام ٢٠٢٠ – لكي يقول لنا أن كل شخص مهمّش هو ابن الله، وقد جاء إلى العالم كما يأتي الطفل إلى العالم ضعيفًا وهشًا، لكي نتمكن من قبول ضعفنا بحنان، ونكتشف أمرًا مهمًّا: كما في بيت لحم، هكذا أيضًا يحب الله معنا أن يصنع أمورًا عظيمة من خلال فقرنا. لقد وضع كل خلاصنا في مذود إسطبل وهو لا يخاف من فقرنا: فلنسمح لرحمته بأن تغيّر مآسينا! هذا ما يعنيه أن يولد لنا طفل... لقد ولد الله طفلاً ليدفعنا لكي نعتني بالآخرين. وصراخه الحنون يجعلنا نفهم كيف أن الكثير من أهواءنا عديمة الفائدة. تذكّرنا محبته العزلاء والساحرة بأن الوقت الذي في متناولنا ليس لكي نبكي على أنفسنا، وإنما لكي نعزّي دموع الذين يتألّمون. سكن الله بالقرب منا، فقيرًا ومعوزًا، ليقول لنا أنه بخدمتنا للفقراء سوف نحبّه". ومن أجل الفقراء سوف نصلي خلال احتفال هذا العام، لكي "ينيرهم بحضوره الله أب الشمس الذي أشرق في الظلام، ويفتح مجدّدًا أمامهم أبواب الحياة ويفيض عليهم بعنايته. كذلك ستُرفع الصلاة إلى الله، أب رئيس السلام، لكي يعضد الحكام في خدمة الشعوب، وينمّي فيهم الرغبة في الخير الحقيقي ويرشدهم لبناء عالم أكثر عدالة ولكي يحرّر جميع الأطفال من جميع أشكال العنف ويضرم فيهم فرح الحياة ويرافق نموهم في القداسة والحكمة.

غدًا، ٢٥ كانون الأول (ديسمبر)، سيكون وقت الرجاء: عند الساعة الثانية عشرة ظهرًا، سيوجّه البابا فرنسيس رسالته بمناسبة عيد الميلاد وسيمنح التقليدية إلى مدينة روما والعالم "Urbi et Orbi"، ويعود هذا العام ليطل من شرفة البازيليك الفاتيكانية، بعد أن كان العام الماضي قد وجه رسالته من قاعة البركات في القصر الرسولي بسبب القيود التي فرضها الوباء. عادة، في هذه المناسبة، تتوجّه أفكار الحبر الأعظم وكلماته إلى مناطق الصراع وإلى آلام العالم بأسره لكي يطلب السلام والمصالحة بين الشعوب. وفي عام ٢٠٢٠ أطلق الأب الأقدس نداء قويًّا من أجل الأخوّة إذ قال: "نحتاج إلى الأخوة أكثر من أي وقت مضى. ويقدمها لنا الله بإعطائنا ابنه يسوع: لا أخوّة مكونة من كلمات جميلة، ومُثُل مجردة، ومشاعر غامضة ... لا! أخوّة قائمة على الحب الحقيقي، وقادرة على الذهاب للقاء الآخر الذي يختلف عني، tأعاني لآلامه، وأقترب منه وأعتني به حتى لو لم يكن من عائلتي أو إثنيّتي أو ديني؛ هو مختلف عني لكنه أخي وأختي. وهذا الأمر يصلح أيضًا في العلاقات بين الشعوب والأمم: جميعنا إخوة! نحتفل في عيد الميلاد بنور المسيح الذي يأتي إلى العالم ويأتي من أجل الجميع: ليس من أجل البعض فقط. لا يمكننا أن ندع القوميات المنغلقة تمنعنا من العيش كأسرة بشرية حقيقية كما نحن. ولا يمكننا أن ندع فيروس الفردية الراديكالية يتغلّب علينا ويجعلنا غير مبالين بمعاناة الإخوة والأخوات الآخرين. أطلب من الجميع: قادة الدول والشركات والمنظمات الدولية تعزيز التعاون وليس المنافسة، والبحث عن حل للجميع: لقاحات للجميع، وخاصة للفئات الأكثر ضعفاً واحتياجاً في جميع مناطق الأرض. في المقام الأول، الأكثر ضعفاً وحاجة!

يوم الأحد ٢٦ كانون الأول (ديسمبر) هو يوم محبة المسيح التي تعاش حتى الموت: عند الساعة الثانية عشرة ظهرًا، من نافذة القصر الرسولي المطلة على ساحة القديس بطرس، سيتلو البابا فرنسيس صلاة التبشير الملائكي المريمية. إنه عيد القديس اسطفانوس، أول شهيد، والذي صاغ حياته على حياة ابن الله وصولاً إلى الموت رجمًا من أجله. "يا ربّ، لا تَحسُبْ علَيهم هذهِ الخَطيئَة " إنها كلمات اسطفانوس الأخيرة: الصلاة والمغفرة لقاتليه. هذا أيضًا، فعل حبٍّ كبير ذكّر به البابا فرانسيس في صلاة التبشير الملائكي العام الماضي وقال إن القديس اسطفانوس "هو الشهيد الأول، أي الشاهد، والأول في جوق الإخوة والأخوات الذين لا زالوا يحملون نورًا إلى الظلمات: أشخاص يجيبون بالخير على الشرّ ولا يستسلمون للعنف والكذب بل يكسرون دوّامة الحقد بوداعة الحب. هؤلاء الشهود يضيئون فجر الله في ليالي العالم... إن القديس إسطفانس وفيما كان ينال حجارة الحقد أجاب بكلمات المغفرة؛ وهكذا غيّر التاريخ. نحن أيضًا يمكننا أن نحول الشر إلى خير كل يوم، كما يقترح مثل جميل يقول: "كُن كالنخلة: يرمونها بالحجارة وهي تُنزل التمر".

24 ديسمبر 2021, 10:38