في لقاء مع شباب سكولاس أوكورنتيس البابا فرنسيس يتحدث عن مأساة اللاجئين والعنف ضد النساء
التقى قداسة البابا فرنسيس بعد ظهر الخميس ٢٥ تشرين الثاني نوفمبر في المعهد الحبري الدولي Maria Mater Ecclesiae ٥٠ من شباب جماعة سكولاس أوكورنتيس تتراوح أعمارهم بين ١٦ و٢٧ عاما ويأتون من ٥٠ بلدا. واستمع الأب الأقدس إلى قصص الكثير من هؤلاء الشباب ومن بينهم أوستن، لاجئ من رواندا فرت عائلته سنة ١٩٩٤ بسبب الإبادة التي شهدتها رواندا إلى الكونغو ثم استقبلته اليوم شبكة سكولاس أوكورنتيس. ودفعت تجربة هذا اللاجئ البابا إلى أن يدين مجددا مأساة تتكرر اليوم أمام أنظار الجميع، أي مأساة اللاجئين ضحايا الإقصاء واللامبالاة. وشدد قداسته على ضرورة أن نفتح قلوبنا من أجل حياة اللاجئين والذين لا يتوجهون إلى بلدان أخرى للسياحة أو لأسباب تجارية، بل هم أشخاص يهربون كي يعيشوا ويخاطرون بحياتهم ليعيشوا. وتوقف الأب الأقدس عند اللامبالاة والتي هي نتاج الفردانية والتي تجعلنا غير مبالين لدى قراءتنا أنباء حول غرق ١١٠ أشخاص في مياه البحر المتوسط، والذي يتحول إلى أكبر مقبرة في العالم. كما وتحدث البابا فرنسيس عن العنف ضد النساء، وكان أمس ٢٥ تشرين الثاني نوفمبر اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة، وأشار قداسته في حديثه إلى ما يحدث للاجئين الذين تتم إعادتهم إلى ليبيا ولمن تلتقطهم المافيا وتستغلهم وتعذبهم، وتوقف عند بيع النساء ما بين فتيات صغيرات وأمهات شابات.
وتابع البابا فرنسيس أن اللاجئين الذين يخاطرون بحياتهم، سواء في البحر المتوسط أو في بحر إيجة أو في المحيط الأطلسي خلال توجهم إلى جزر الكناري، يريدون الفرار، الخروج، ويجب التعامل مع هذا الأمر من وجهة نظر إنسانية. وأكد قداسته أننا حين نتحدث عن لاجئين فأننا لا نتحدث عن أرقام بل عن أخوتنا وأخواتنا الذين يضطرون إلى الهروب. وأضاف البابا أنه قرأ مؤخرا كتابا يروي قصة شاب يتبع أخاه الأصغر الذي غادر للتوجه إلى أوروبا، وواصل أنه التقى الكثير من اللاجئين الذين رووا له أنهم أمضوا سنتين أو ثلاث للوصول إلى أوروبا. حياة لاجئ هي عيش على الطرقات، قال الأب الأقدس، ولكن لا على طريقك أو طريق مدينتك، بل على طرقات الحياة حيث هو متجاهَل ويعامَل وكأنه لا شيء. ودعا البابا فرنسيس الشباب بالتالي إلى أن يكونوا ممتنين على حياتهم حيث هم غير مضطرين إلى الرحيل عن أوطانهم، لكنه حذر في المقابل من الانغلاق الثقافي. وشجع قداسته على تعلم الهروب من السجون التي تمثلها عادات اجتماعية وتصرفات تمنع الشخص من أن يشعر. وأضاف أن اللاجئ يهرب لأن لديه مشاعر، مشاعر حرية وعدالة، وقال للشباب إن إخفاء المشاعر يجعلها تنفجر بشكل سيء في التصرفات الاجتماعية التي نراها كل يوم، أما إخراج المشاعر فيجبر الشخص على تمييزها ومواجهتها ما يجعله ينضج.
وعقب استماعه إلى شهادة شابتين حول الحياة في سكولاس أوكورنتيس، والتي وصفها البابا بعائلة، توقف الأب الأقدس للتأمل في مفهوم الجماعة واصفا إياها بواقع يبقي القدرة على اللقاء حية، وهي قدرة إن فقدناها تتحجر النفوس والقلوب. وتحدث في هذا السياق عن الإبداع الذي هو مخاطرة، إلا أن جماعة بلا إبداع تصبح مجرد قناع، وهناك أقنعة لا على الوجوه فقط بل وفي القلوب أيضا حيث تكون المشاعر منطفئة ونفعل ما يُفرض علينا فقط وما يفعله الجميع فنفقد شخصيتنا.
هذا وتجدر الإشارة إلى أن شباب شبكة سكولاس أوكورنتيس يأتون من خمس قارات وينتمون إلى ديانات وفئات اجتماعية مختلفة، وسيتقاسمون حتى ٢٨ تشرين الثاني نوفمبر ما عاشوا من خبرات حتى الآن خلال فترة الجائحة وما تعلموا في جماعاتهم. وسيبدأ ٥٠ من هؤلاء الشباب سنة من التنشئة انطلاقا من الرسالة العامة للبابا فرنسيس Fratelli tutti وذلك بهدف التوصل إلى إجابة تتناسب مع الزمن وتشمل الضواحي الجغرافية والاجتماعية.