بحث

09645_04062017 ok.jpg

البابا فرنسيس يشكر جميع من ساعدوا مرضى الإيدز واعتنوا بهم

في رسالة إلى صحفي أمريكي عرَّف بنشاط ممثلي الكنيسة الذين ساعدوا مرضى الإيدز واعتنوا بهم في ثمانينات وتسعينات القرن العشرين شكر البابا فرنسيس جميع هؤلاء الأشخاص وأيضا الصحفي على الشهادة لما قاموا به.

وجه قداسة البابا فرنسيس رسالة إلى الصحفي مايكل أولافن مراسل المجلة الأمريكية "أمريكا" والذي عرَّف بنشاط بعض ممثلي الكنيسة خلال أحرج فترات وباء الإيدز في نيويورك ما بين ثمانينات وتسعينات القرن الماضي. وقد نُشر له مؤخرا مقال بعنوان "الرحمة الخفية: الإيدز، الكاثوليك والقصص التي لم تُرو قط حول الشفقة مقابل الخوف". وأعرب الأب الأقدس في رسالته عن الامتنان لجميع من ساعدوا مرضى الإيدز واعتنوا بهم، وللصحفي على الشهادة للكثير من الكهنة والراهبات والعلمانيين الذين اختاروا أن يرافقوا ويدعموا ويساعدوا أخوتهم وأخواتهم مرضى الإيدز مخاطرين بمهنهم وصيتهم. وأكد البابا فرنسيس أن هؤلاء الأشخاص قد حركتهم لا اللامبالاة أو الإدانة بل رحمة الآب جاعلين إياها عمل حياتهم، رحمة هادئة، صامتة وخفية لكنها قادرة على دعم ومنح حياة مجددا لكل منا.

هذا وتجدر الإشارة إلى أن الرعاية والمساعدة، الروحية أيضا، لمرضى الإيدز هي اليوم جزء من رسالة الكنيسة، إلا أنه وفي بداية ثمانينات القرن العشرين ومع اكتشاف إصابة بعض الأشخاص في الولايات المتحدة بهذا المرض الجديد والمميت انتشر الذعر في المجتمع وتعرض المصابون بالإيدز، بل وأيضا مجرد المشكوك في إصابتهم، إلى التمييز. وكان يحدث في نيويورك، حيث كانت هناك إصابات كثيرة، ألا تقبل المستشفيات مرضى الإيدز وهو ما كان يتعرض له المثليون بشكل خاص حيث كانت إصاباتهم أكثر انتشارا في تلك الفترة. كما ورُبط هذا المرض بالمثليين حتى أنه أُطلق عليه في البداية اسم Gay Related Immunodeficiency Syndrom أي متلازمة نقص المناعة المرتبط بالمثليين، ووُصف المرض بطاعون المثليين. وكان حتى من بين مسؤولي الكنيسة مَن اعتبر الإيدز عقابا سماويا للتصرف المثلي غير الأخلاقي. وفي عام ١٩٨٢ تبدل اسم المرض إلى الإيدز أي Acquired Immuno Deficiency Syndrome، متلازمة نقص المناعة المكتسب.

ووسط أجواء الرفض والخوف هذه لجأت الأم تيريزا سنة ١٩٨٥، وبنفس الروح التي جعلتها تجمع مرضى البرص والمنبوذين في الهند من طرقات كالكوتا، إلى رئيس أساقفة نيويورك الكاردينال تيرنس كوك وأسست Gift of Love، هبة المحبة، مركز لاستقبال مرضى الإيدز والعناية بهم. وفي تذكرها لتلك الفترة قالت القديسة الأم تيريزا فيما بعد إن المركز قد بدأ بـ ١٥ سريرا وكان أول مَن استقبلهم ٤ شبان نجحت في إخراجهم من السجن لأنهم لم يرغبوا في الموت هناك. وأضافت أنها أعدت لهم كابلة صغيرة ليتمكن هؤلاء الشباب، والذين ربما لم يكونوا قريبين من الله أبدا أو ابتعدوا عنه، من الاقتراب منه مجددا في حال رغبوا ذلك، وقد هدأت قلوبهم مع مرور الوقت حسب ما ذكرت. تذكرت الأم تيريزا أيضا شابا في مراحل المرض الأخيرة أراد وبدلا من التوجه إلى المستشفى البقاء في المركز، وقال لها إنه يفضل أن يكون بالقرب منها ومن يسوع لأن آلامه ذكرته بآلام المسيح المصلوب.

وإن كانت مساعدة الأم تيريزا لمرضى الإيدز هي الأكثر شهرة ربما فإن هناك الكثير من الراهبات والكهنة والرهبان والعلمانيين الذين كرسوا جهودهم لمساعدة هؤلاء المرضى ورعايتهم، ومن بينهم مَن فعل هذا قبل الأم تيريزا، وذلك في الولايات المتحدة بشكل خاص في السنوات من ١٩٨٢ حتى ١٩٩٦ حيث بلغ الوباء ذروته. وإلى جانب هذه المساعدة كان عليهم أيضا محاربة الإدانة والأحكام المسبقة.

هذا ومن الجدير بالذكر أن البابا فرنسيس قد غسل أرجل ١٢ من مرضى الإيدز سنة ٢٠٠٨ حين كان رئيس أساقفة بوينس أيرس، كما وزار قداسته خلال زيارته الرسولية إلى باناما في كانون الثاني يناير ٢٠١٩ مركز الراعي الصالح الذي يستضيف الكثير من مرضى الإيدز. وتحدث الأب الأقدس حينها عن أن هذا المركز، ومثل الكثير غيره، يكشف لنا أن القريب هو في المقام الأول ومهما كانت أوضاعه شخص له وجه ملموس، حقيقي، وليس شيئا نتجاوزه ونتجاهله.             

17 نوفمبر 2021, 11:07