البابا فرنسيس يلتقي أساقفة المجر
في كلمة وجهها إلى أساقفة المجر خلال لقائهم صباح اليوم الأحد في بودابست، سلط قداسة البابا فرنسيس الضوء على الإفخارستيا، وقال: في الخبز والخمر نرى المسيح يقدّم جسده ودمه من أجلنا. وأشار إلى أن كنيسة المجر بتاريخها الطويل المطبوع بالإيمان الراسخ، والاضطهادات ودماء الشهداء، ترتبط ارتباطا خاصا بذبيحة المسيح. لقد عاش إخوة وأخوات كثيرون، وأساقفة وكهنة كثيرون ما احتفلوا به وقدّموه على المذبح: طُحنوا مثل حبّات القمح كي يتمكّن الجميع من إشباع جوعهم بمحبة الله. وإذ سلط الضوء على عيش المحبة والشهادة للإنجيل، أضاف الأب الأقدس أنه يجب أن نحافظ دائما على هذين الواقعين معا في حياة الكنيسة: الحفاظ على الماضي والنظر إلى المستقبل، وقال: النظر إلى المستقبل، إلى الأمام وإيجاد سبل جديدة لإعلان الإنجيل. كما وتذكّر البابا فرنسيس في كلمته الراهبات المجريات من "جمعية يسوع" (Englische Fräulein) اللاتي أُجبرن على مغادرة وطنهن بسبب الاضطهاد الديني، وأشار إلى أنه من خلال شجاعتهن وأمانتهن لدعوتهن أسّسن معهد "ماريا وارد" في مدينة بلاتانوس، بالقرب من العاصمة بوينوس آيرس، وقال إنه تعلّم الكثير من قوتهن وشجاعتهن وصبرهن وحبّهن لوطنهن.
هذا وتوقف البابا فرنسيس في كلمته إلى أساقفة المجر عند الموضوع المُختار للمؤتمر الإفخارستي الدولي الثاني والخمسين والمأخوذ من المزمور الثامن والثمانين: "فيكِ جميع ينابيعي"، وأشار إلى أن الكنيسة تأتي من الينبوع الذي هو المسيح، وهي مُرسلة حتى يصل الإنجيل، كنهر ماء حيّ، إلى جفاف العالم وقلب الإنسان كي يطهّره ويروى عطشه. وأضاف أن الخدمة الأسقفية هي صوت نبويّ لحضور الإنجيل الدائم في حياة شعب الله المقدس وفي تاريخ اليوم. وقدّم البابا فرنسيس من ثم بعض الإرشادات للقيام بهذه الرسالة، أولها أن يكونوا معلنين للإنجيل، مشيرا إلى عدم نسيان أن اللقاء بالمسيح هو محور حياة الكنيسة. وأضاف أن بلدهم يمرّ اليوم بتغيرات كبيرة تؤثر بشكل عام على أوروبا بأسرها. بعد الوقت الطويل الذي مُنع فيه إعلان الإيمان، ومع مجيء الحرية، هناك تحديات جديدة يجب مواجهتها، في سياق تنمو فيه العلمانية ويضعف العطش إلى الله. ولكن، تابع الأب الأقدس يقول في كلمته، لنتذكّر أن ينبوع الماء الحي الذي يتدفق دائما ويروي هو المسيح. ودعا الأساقفة إلى أن يكونوا قريبين من الكهنة والرهبان بقلب أبويّ ويمارسوا فنّ الإصغاء.
أما الإرشاد الثاني الذي تحدث عنه البابا فرنسيس في كلمته إلى أساقفة المجر، فهو أن يكونوا شهودًا للأخوّة. وقال إن بلدهم مكان يعيش فيه معًا منذ زمن أشخاص قادمون من شعوب أخرى. وأشار إلى أن التنوّع يشكل فرصة كبيرة لفتح القلب على رسالة الإنجيل "أَحِبُّوا بَعْضُكم بَعضًا كما أَحبَبتُكم" (يوحنا ١٥، ١٢). وتابع كلمته إلى الأساقفة مذكّرا بأنهم اجتمعوا في هذه العاصمة الأوروبية عام ٢٠١٧ مع ممثلي المجالس الأسقفية الأخرى في أوروبا الوسطى والشرقية وأكدوا أن الانتماء إلى الهوية يجب ألّاّ يصبح أبدا سببا للعداء ولاحتقار الآخرين، بل يجب أن يساعد للحوار مع الثقافات المختلفة. وأضاف البابا فرنسيس: أطلب منكم، كأساقفة، أن تُظهروا دائمًا، مع الكهنة والمعاونين الرعويين، الوجه الحقيقي للكنيسة، وجهًا يرحّب بالجميع وأيضا بالقادمين من الخارج، وجهًا أخويًّا، ومنفتحًا على الحوار. وليصبح أسلوب الأخوّة الذي أطلب منكم أن تنموه مع الكهنة ومع كل شعب الله، علامة منيرة للمجر. لتكن الكنيسة المجرية بانية للجسور ومعززة للحوار!
وتابع البابا فرنسيس كلمته إلى أساقفة المجر متوقفًا عند الإرشاد الثالث والأخير وهو أن يكونوا بناة للرجاء. وأشار إلى أنه إذا جعلنا الإنجيل محور حياتنا وشهدنا له في المحبة الأخوية، نستطيع أن ننظر إلى المستقبل برجاء، حتّى لو كنا نمرّ اليوم بعواصف صغيرة أو كبيرة. وأضاف أن الكنيسة مدعوة إلى أن تنشر في حياة الأشخاص اليقين المُطَمئن بأنّ الله رحمة، وأنه يحبّنا في كل لحظة من الحياة ومستعدّ دائمًا لأن يغفر لنا وينهضنا. وأشار الأب الأقدس إلى أن إعلان الإنجيل ينعش الرجاء لأنّه يذكّرنا بأنّ الله حاضر في كلّ شيء نعيشه ويرافقنا. وأضاف يقول: أمام الأزمات الاجتماعية أو الكنسية، كونوا دائما بناة للرجاء. ولتكن لديكم دائما كأساقفة للبلاد، كلمات مشجعة. وختم البابا فرنسيس كلمته إلى أساقفة المجر صباح اليوم الأحد في متحف الفنون الجميلة في بودابست قائلا تحتاج المجر أيضا إلى إعلان متجدد للإنجيل، وإلى أخوّة اجتماعية ودينية جديدة، وإلى رجاء يتم بناؤه يوما بعد يوم من اجل النظر إلى المستقبل بفرح. وشكر الأب الأقدس الأساقفة على كل ما يفعلونه وقال: لتحميكم السيدة العذراء وليحفظكم القديس يوسف.