بحث

البابا فرنسيس يستقبل المشاركين في الجمعيّة العامة للأكاديمية الحبريّة للحياة البابا فرنسيس يستقبل المشاركين في الجمعيّة العامة للأكاديمية الحبريّة للحياة  

البابا فرنسيس يستقبل المشاركين في الجمعيّة العامة للأكاديمية الحبريّة للحياة

"الحياة والصحة هما قيمتان أساسيتان للجميع، تستندان إلى كرامة الشخص البشري غير القابلة للتصرف" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في كلمته للمشاركين في الجمعيّة العامة للأكاديمية الحبريّة للحياة

استقبل قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم الاثنين في قاعة كليمينتينا في القصر الرسولي في الفاتيكان المشاركين في الجمعيّة العامة للأكاديمية الحبريّة للحياة وللمناسبة وجّه الأب الاقدس كلمة رحّب بها بضيوفه وقال إن الموضوع الذي اخترتموه لأيام العمل الثلاثة هذه هو موضوع آنيٌّ بشكل خاص: موضوع الصحة العامة في أفق العولمة. في الواقع إن أزمة الوباء قد جعلت صدى صرخة الأرض وصرخة الفقراء يتردّد بقوة أكبر. وبالتالي لا يمكننا أن نكون أصمّاء أمام هذه الصرخة المزدوجة، وإنما يجب أن نصغي إليها جيدًا! وهذا ما تريدون القيام به.

تابع البابا فرنسيس يقول لقد أبرزت أزمة الوباء مدى عمق الترابط بيننا وبين العائلة البشرية والبيت المشترك. تميل مجتمعاتنا، ولاسيما في الغرب، إلى نسيان هذا الترابط. فيما نرى العواقب المريرة تحت أعيننا. لذلك من الملح في هذا العصر أن نعكس هذه النزعة الضارة، ومن الممكن القيام بذلك من خلال التعاون بين مختلف الاختصاصات. هناك حاجة إلى معرفة علم الأحياء والنظافة والطب وعلم الأوبئة، وإنما أيضًا لعلم الاقتصاد وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا والبيئة. بالإضافة إلى فهم الظواهر، يتعلّق الأمر أيضًا بتحديد معايير العمل التكنولوجية والسياسية والأخلاقية فيما يتعلق بالنظم الصحية والعائلة والعمل والبيئة.

أضاف الحبر الأعظم هذا النهج مهم بشكل خاص في مجال الصحة، لأن الصحة والمرض لا يتمُّ تحديدهما فقط من خلال عمليات الطبيعة ولكن أيضًا من خلال الحياة الاجتماعية. كذلك، لا يكفي أن تكون المشكلة خطيرة لكي تجذب الانتباه ويتم التعامل معها: يتم تجاهل العديد من المشاكل الخطيرة جدًا بسبب غياب الالتزام المناسب. لنفكر في التأثير المدمر لبعض الأمراض مثل الملاريا والسل: يتسبب عدم استقرار الظروف الصحية كل عام في حدوث ملايين الوفيات في العالم التي يمكن تجنبها. إذا قارنا هذا الواقع بالقلق الذي تسببت فيه جائحة فيروس الكورونا، فسنرى كيف يختلف فهم خطورة المشكلة وما يقابلها من تحرّك للطاقة والموارد.

تابع الأب الأقدس يقول بالطبع، من الجيد أن نأخذ جميع التدابير لكي نوقف ونهزم فيروس الكورونا على المستوى العالمي، لكن على هذا المنعطف التاريخي الذي يهدّدنا عن قرب في صحتنا أن يجعلنا منتبهين لما يعني أن نكون ضعفاء وأن نعيش في الفقر يوميًّا. بهذه الطريقة سنتمكن أيضًا من أن نجعل أنفسنا مسؤولين عن تلك الظروف الخطيرة التي يعيش فيها الآخرون والتي لم نهتمَّ لها حتى الآن. بهذه الطريقة سنتعلم ألا نضفي ونُسقط أولوياتنا على السكان الذين يعيشون في قارات أخرى، حيث قد تكون هناك احتياجات أخرى أكثر إلحاحًا؛ وحيث، على سبيل المثال، لا تنقص اللقاحات وحسب، وإنما مياه الشرب والخبز اليومي أيضًا.

أضاف الحبر الأعظم يقول إن النظر إلى الصحة بأبعادها المتعددة وعلى المستوى العالمي يساعد على فهم الترابط بين الظواهر وأخذه على عاتقنا بشكل مسؤول. وهكذا يمكننا أن نلاحظ بشكل أفضل كيف أن حتى ظروف الحياة التي هي نتيجة خيارات سياسية واجتماعية وبيئية، تُحدث تأثيرًا على صحة الكائنات البشريّة. نحن نؤكد أن الحياة والصحة هما قيمتان أساسيتان للجميع، تستندان إلى كرامة الشخص البشري غير القابلة للتصرف. ولكن، إذا لم يتبع هذا البيان الالتزام الكافي للتغلب على عدم المساواة، فإننا في الواقع نقبل الحقيقة المؤلمة بأنَّ ليست كل الأرواح متساويّة وأنّه لا يتمُّ حماية الصحة للجميع بالطريقة عينها. لذلك، يجب دعم المبادرات الدولية - أفكر على سبيل المثال في تلك التي نظّمتها مؤخرًا مجموعة العشرين - والتي تهدف إلى إنشاء إدارة عالمية لصحة جميع سكان الأرض، أي مجموعة قواعد واضحة ومتفق عليها دوليًا تحترم الكرامة البشريّة. لأنَّ خطر ظهور أوبئة جديدة في الواقع، سيمثل على الدوام تهديدًا للمستقبل أيضًا.

تابع الأب الأقدس يقول يمكن للأكاديمية الحبريّة للحياة أيضًا أن تقدم مساهمة قيمة بهذا المعنى، وتشعر بأنها رفيقة درب لمنظمات دولية أخرى تلتزم من أجل الهدف عينه. في هذا الصدد، من الأهميّة بمكان المشاركة في المبادرات المشتركة، وبطرق مناسبة، في النقاش العام. هذا الأمر يتطلب بطبيعة الحال، بدون "التخفيف" من المحتويات، بذل محاولات لنقلها بلغة مناسبة وحجج مفهومة في السياق الاجتماعي الحالي؛ لكي يتمكّن الاقتراح الأنثروبولوجي المسيحي، المستوحى من الإلهام، من أن يساعد أيضًا رجال ونساء اليوم على إعادة اكتشاف الحق الأساسي في الحياة منذ الحبل بها وحتى موتها الطبيعي.

وختم البابا فرنسيس كلمته للمشاركين في الجمعيّة العامة للأكاديمية الحبريّة للحياة بالقول أرغب في الختام أن أشكركم على الالتزام والمساهمة التي قدمتهما الأكاديمية من خلال المشاركة الفعالة في لجنة فيروس الكورونا بالفاتيكان. من الجميل أن نرى التعاون يتمُّ داخل الكوريا الرومانية في تحقيق مشروع مشترك. علينا أن نطور على الدوام هذه العمليات التي نقوم بها معًا، والتي أعلم أن العديد منكم قد شارك فيها، ونحثَّ على المزيد من الاهتمام بالأشخاص الأكثر ضعفًا، مثل المسنين وذوي الاحتياجات الخاصة والصغار.

 

 

27 سبتمبر 2021, 13:39