1621678064020.JPG

البابا فرنسيس إلى وفد مدرسة من كودونيو الإيطالية: أنتم علامة رجاء

المدرسة كعلامة رجاء، الطلاب كحاضر المجتمع لا فقط مستقبله، الاستفادة من خبرة الوباء رغم سلبيتها. كان هذا من بين ما تحدث عنه البابا فرنسيس خلال استقباله اليوم السبت إدارة وأساتذة وطلاب مدرسة أمبروسولي الثانوية من كودونيو الإيطالية، المدينة التي ظهرت فيها أولى حالات الإصابة بفيروس كورونا في إيطاليا.

كودونيو، مدينة في شمال إيطاليا ارتبط اسمها بوباء كوفيد 19 حيث كانت المنطقة التي ظهرت فيها أولى حالات الإصابة بالفيروس في إيطاليا في شباط فبراير 2020. واليوم السبت 22 أيار مايو استقبل قداسة البابا فرنسيس وفدا من مدرسة أمبروسولي الثانوية في كودونيو يتألف من إدارة المدرسة وطلابها وأساتذتها. وفي بداية كلمته رحب الأب الأقدس بضيوفه شاكرا إياهم على هذه الزيارة، وذكَّر بأن هذا اللقاء كان من المفترض أن يعُقد في شهر شباط فبراير الماضي مع مرور سنة على حالات الإصابة الأولى في كودونيو. وتابع أن مدرسة أمبروسولي تمثل في إطار هذا الاختبار علامة رجاء، فهي أولا مدرسة أي المكان التربوي بالتمييز، كما أنها مدرسة تقنية مهنية تُعد الشباب للعمل بشكل مباشر، والعمل تحديدا، العمالة، من بين ضحايا هذا الوباء. وقال البابا لضيوفه إنهم علامة رجاء بشكل ملموس أيضا وذلك لأنهم لم يُحبطوا أبدا، وهنأهم الأب الأقدس على هذا التصرف الهام.

ثم انتقل البابا فرنسيس في كلمته إلى ما تَلَقى خلال الأشهر الماضية من أنباء حول خبرات إيجابية كثيرة عاشها المدرسون والطلاب في إيطاليا ودول أخرى، خبرات تثبت أنه حين تلتقي رغبة التنشئة لدى المعلمين مع أحلام الطلاب فلا يمكن أن يوقفهم أي فيروس. وقال قداسته للطلاب إن لديهم في أعماقهم قوة ورغبة إذا تلقيا التحفيز والمرافقة بفضل حكمة وشغف البالغين فإن هذا يأتي بثمار تثير الدهشة. وأشاد في هذا السياق بحديث مديرة المدرسة عن الحاجة إلى أن يكون الأساتذة "معلمين" بالمعنى النبيل للكلمة.

ثم كانت طبيعة المسيرة التربوية في هذه المدرسة نقطة أخرى توقف عندها البابا فرنسيس حيث أشار إلى أن هذه المدرسة تبرز أهمية الرباط بين التعلم والفعل، بين الدراسة والجانب العملي، بين العقل واليدين. وأضاف الأب الأقدس أن هناك بعدا آخر وهو القلب، وتحدث بالتالي عن لغات ثلاث، لغة العقل والقلب واليدين، وعن ضرورة التوصل إلى التناغم بين ما يشعر به الفرد وما يفكر فيه وما يفعل، أي أن يشعر الإنسان بما يفكر ويفعل بالتالي ما يشعر به وما يفكر فيه. وتابع أن هذه الأبعاد الثلاثة يجب أن تتداخل فيما بينها في المدارس مثلما هي متشابكة لدى الشخص في مسيرة الحياة. العقل والقلب والأيادي حلقة يجب، حسب ما ذكر قداسة البابا، أن تكون دائما مفتوحة وديناميكية. 

انتقل الأب الأقدس يعد ذلك إلى الحديث عن العلاقات بين الطلاب وبينهم وبين الأساتذة خلال فترة الوباء، فقال إنها قد تضررت خلال أشهر التعلم عن بعد، وأكد رجاءه أن تعود الدراسة في المدارس بشكل كامل. ودعا في هذا السياق ضيوفه إلى التعلم من هذه الخبرة والتي يمكنها رغم كونها خبرة سلبية أن تعلِّمنا أهمية العلاقات الشخصية الواقعية، لا الافتراضية. وأشار البابا إلى أن طلاب اليوم هم أبناء المجتمع الرقمي والذي فتح سبلا جديد للمعرفة والتواصل، لكننا نعلم من جهة أخرى، واصل قداسته، أن هناك خطر الانغلاق على الذات ورؤية الواقع عبر مرشح ينمي حريتنا ظاهريا فقط. وواصل حديثه إلى الطلاب راجيا أن تحفز لديهم خبرة الوباء، بفضل هذا الانقطاع عن علاقات الصداقة، حسا نقديا أكبر إزاء استخدام أدوات التقنيات الرقمية وذلك كي تظل مجرد أدوات خاضعة لذكائنا وإرادتنا.

هذا وأراد البابا فرنسيس في حديثه إلى الفتية والشباب طلاب المدرسة التشديد على نقطة هامة ألا وهي الحديث المتكرر عن الشباب وضرورة الاهتمام بهم وذلك لأنهم المستقبل. وقال قداسته للطلاب: لا، أنتم الحاضر، فستكونون مستقبلا حين تكونون حاضرا. أنتم حاضر المجتمع، بدون الشباب يصبح المجتمع ميتا تقريبا. وشدد على أن وجود الشباب في المجتمع يعني حمل حياة جديدة، ودعا قداسته ضيوفه إلى عدم نسيان هذا.

وفي ختام كلمته إلى الوفد المؤلف من إدارة وطلاب وأساتذة مدرسة أمبروسولي الثانوية من كودونيو في شمال إيطاليا شكر البابا فرنسيس ضيوفه مجددا على هذه الزيارة راجيا لهم نهاية جيدة للعام الدراسي لا فقط على صعيد النتائج الجيدة. وواصل راجيا أن يشعر كل منهم بالرغبة في شكر الله على فرصة التعلم في المدرسة، المكان الذي ينمو فيه بالعقل واليدين والقلب، مكان يتم فيه تعلم عيش العلاقات بشكل منفتح ومحترِم  وبَناء، مكان يجعل الشخص مواطنا واعيا ومسؤولا. ثم بارك قداسة البابا فرنسيس الجميع مؤكدا مرافقته لهم بالصلاة، سائلا إياهم أن يُصلوا من أجله.   

22 مايو 2021, 13:16