البابا فرنسيس يستقبل أعضاء مجلس حركة العمل الكاثوليكي الإيطاليّة البابا فرنسيس يستقبل أعضاء مجلس حركة العمل الكاثوليكي الإيطاليّة 

البابا فرنسيس يستقبل أعضاء مجلس حركة العمل الكاثوليكي الإيطاليّة

"إنَّ المجانيّة الثمرة الناضجة لعطاء الذات، تطلب منكم أن تكرِّسوا أنفسكم لجماعاتكم المحلية، وتأخذوا على عاتقكم مسؤولية البشارة؛ كما تطلب منكم الإصغاء إلى مناطقكم، والشعور باحتياجاتهم، ونسج علاقات أخوية" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في كلمته لأعضاء مجلس حركة العمل الكاثوليكي الإيطاليّة

استقبل قداسة البابا فرنسيس ظهر الجمعة في قاعة كليمينتينا في القصر الرسولي بالفاتيكان أعضاء مجلس الحركة الكاثوليكية الإيطاليّة بمناسبة جمعيّتهم الوطنيّة السابعة عشرة وللمناسبة وجّه الأب الأقدس كلمة رحّب بها بضيوفه وقال أود أن أقدم لكم بعض الأفكار للعودة إلى التأمّل حول مهمة واقع مثل حركة العمل الكاثوليكي الإيطاليّة، خاصة في زمن مثل الذي نعيشه، وسأتبع الكلمات الثلاث، العمل والكاثوليكي والإيطالي.

تابع البابا فرنسيس يقول العمل. يمكننا أن نسأل أنفسنا حول ما تعنيه هذه الكلمة "عمل"، ولاسيما من هو الفاعل. ينتهي الفصل الأخير من إنجيل مرقس، بعد سرد ظهور يسوع للرسل والدعوة التي وجهها لهم لكي يذهبوا إلى العالم كله ويعلنوا الإنجيل إلى الخلق أجمعين، بهذا التأكيد: "وكان الرَّبُّ يَعمَلُ مَعَهم ويُؤَيِّدُ كَلِمَتَه بِما يَصحَبُها مِنَ الآيات". عمل من هو إذن؟ يؤكد لنا الإنجيل أن العمل هو عمل الرب: هو الذي له الحق الحصري إذ يسير بشكل خفيٍّ في التاريخ الذي نعيش فيه. إن تذكر هذا الأمر لا يزيل مسؤوليتنا، ولكنه يُعيدنا إلى هويتنا كتلاميذ مرسلين. في الواقع، تضيف رواية مَرقُس فورًا أنَّ التلاميذ "ذهبوا" وأخذوا "يُبَشِّرونَ في كُلِّ مكان". ومع ذلك، فإن تذكر أن العمل هو عمل الرب يسمح لنا ألا نغفل أبدًا عن حقيقة أن الروح هو مصدر الرسالة: حضوره هو سبب - وليس نتيجة - الرسالة. يسمح لنا بأن نتذكر على الدوام أن "إِمكانَنا مِنَ اللّه"؛ وأن التاريخ تقوده محبة الرب ونحن أبطاله. لذلك، تهدف برامجكم أيضًا إلى إعادة اكتشاف علامات صلاح الرب وإعلانها في التاريخ.

أضاف الأب الأقدس يقول لقد عصف الوباء بالعديد من المشاريع، وطلب من الجميع أن يتعاملوا مع ما هو غير متوقع. إنَّ قبول غير المتوقّع بدلاً من تجاهله أو رفضه، يعني البقاء طائعين للروح القدس ولاسيما أيضًا أمناء لحياة رجال ونساء عصرنا. ويؤكد الإنجيلي أن يسوع كان " ويُؤَيِّدُ كَلِمَتَه بِما يَصحَبُها مِنَ الآيات". ماذا يعني ذلك؟ أن ما نقوم به له أصل محدد: الاصغاء إلى الإنجيل وقبوله. ولكنه يعني أيضًا أنه يجب أن يكون هناك رابط قوي بين ما نسمعه وما نعيشه. لذلك أدعوكم للتأكد من أن يستمرَّ البحث عن خُلاصة بين الكلمة والحياة، يجعل الإيمان خبرة متجسدة، في تحديد مسارات التنشئة لحركة العمل الكاثوليكي.

تابع الحبر الأعظم يقول ما هي الخصائص التي يجب أن يتمتع بها عمل حركة العمل الكاثوليكي؟ أقول أولاً المجانيّة. إنَّ الدافع الإرسالي لا يندرج في منطق الإخضاع بل في منطق الهبة. إنَّ المجانيّة الثمرة الناضجة لعطاء الذات، تطلب منكم أن تكرِّسوا أنفسكم لجماعاتكم المحلية، وتأخذوا على عاتقكم مسؤولية البشارة؛ كما تطلب منكم الإصغاء إلى مناطقكم، والشعور باحتياجاتهم، ونسج علاقات أخوية. يتكون تاريخ حركتكم من العديد من القديسين الذين يعيشون بقربنا، وهو تاريخ يجب أن يستمر: إنَّ القداسة هي إرث يجب الحفاظ عليه ودعوة يجب قبولها. ميزة ثانية لعملكم أرغب في أن أسلِّط الضوء عليها هي التواضع والوداعة. إنَّ الكنيسة ممتنة للحركة التي تنتمون إليها، لأن حضوركم غالبًا ما لا يصدر ضجيجًا، بل هو حضور أمين وسخي ومسؤول. إنَّ التواضع والوداعة هما المفتاح لعيش الخدمة، ليس لشغل المساحات وإنما لإطلاق عمليات. أنا سعيد لأنكم خلال السنوات الأخيرة قد أخذتم على محمل الجد المسار الذي أشار إليه الإرشاد الرسولي "فرح الإنجيل". استمروا في هذا الطريق: لا تزال هناك مسيرة طويلة لنقوم بها!

أضاف البابا فرنسيس يقول كاثوليكي. تقول كلمة "كاثوليكي"، التي تصف هويتكم، أن رسالة الكنيسة لا تعرف الحدود. فيسوع قد دعا التلاميذ إلى خبرة قويّة لمشاركة الحياة معه، ولكنه بلغهم حيث يعيشون ويعملون. ودعاهم كما هم. وبالتالي يمكن ترجمة كلمة "كاثوليكي" بعبارة "الاقتراب". لقد جعل وقت الوباء، الذي طلب ولا يزال يطالب بقبول أشكال التباعد، قيمة التقارب الأخوي أكثر وضوحًا: بين الأشخاص وبين الأجيال وبين المناطق. أن تكونوا حركة هي بالضبط وسيلة للتعبير عن هذه الرغبة في العيش والإيمان معًا. ومن خلال كونكم حركة، أنتم تشهدون اليوم أن المسافة لا يمكنها أن تتحول أبدًا إلى لامبالاة، ولا يمكنها أن تترجم إلى انعدام الترابط. يمكنكم فعل الكثير في هذا المجال، لاسيّما لأنكم حركة من العلمانيين. وكونكم علمانيين هو غنى لشموليّة الكنيسة التي تريد أن تكون خميرة، ملحًا للأرض ونورًا للعالم. بشكل خاص، يمكنكم أنتم علمانيي حركة العمل الكاثوليكي أن تساعدوا الكنيسة بأكملها والمجتمع على إعادة التفكير معًا في نوع الإنسانية التي نريد أن نكونها، وما هي الأرض التي نريد أن نسكنها، وما هو العالم الذي نريد بناءه.

تابع الحبر الأعظم يقول المصطلح الثالث هو "إيطالي". لقد أُدرجت حركتكم دائمًا في التاريخ الإيطالي وهي تساعد الكنيسة في إيطاليا لكي تكون مصدرًا للرجاء لبلدكم بأكمله. ويمكن لمساهمتك الأكثر قيمة، أن تأتي مرة أخرى، من كونكم علمانيين، الذي يشكِّل ترياقًا للمرجعية الذاتية. أيها الأعزاء، أتمنى عملاً جيّدا لجمعيتكم. وليساهم في تنمية الوعي بأن صوت العلمانيين في الكنيسة يجب ألا يُسمع "بالتنازل"، وإنما عن طريق الاقتناع، لأن شعب الله بأسره "معصوم من الخطأ في العقيدة". أبارككم من صميم القلب ومن فضلكم لا تنسوا أن تصلّوا من أجلي. 

30 أبريل 2021, 12:56