1605872648277.JPG

البابا فرنسيس يستقبل جماعة إكليريكية بيوس الحبرية لأمريكا اللاتينية

شعوب أمريكا اللاتينية والكرازة في القارة، الانفتاح على الآخر وزرع الكلمة بسخاء وبدون أحكام مسبقة لمداواة العالم. هذا ما تمحورت حوله كلمة البابا فرنسيس خلال استقباله اليوم جماعة إكليريكة بيوس الحبرية لأمريكا اللاتينية.

استقبل قداسة البابا فرنسيس ظهر اليوم الجمعة 20 تشرين الثاني نوفمبر في القصر الرسولي جماعة إكليريكية بيوس الحبرية لأمريكا اللاتينية. وشكر قداسته في البداية الأب جيلبرتو فريري عميد الإكليريكية على الكلمة التي وجهها باسم الجميع والتي عرَّف فيها بالتحديات التي تواجه هذه الجماعة التربوية وضرورة البقاء أمناء لرسالة التنشئة وتنشئة الذات ككهنة في خدمة شعب الله المقدس في أمريكا اللاتينية. وواصل البابا متحدثا عن شعوب أمريكا اللاتينية وقال إن التاريخ ورغم ما أحدث بينها من فصل إلا أنه لم يدمر الجذور التي توحدها في العمل الكبير للكرازة بالإنجيل في أمريكا. وعلى هذا الأساس تأسست إكليريكية أمريكا اللاتينية في روما من أجل وحدة كل الكنائس وانفتاحها على الكنيسة الجامعة. ووصف البابا خبرة الشركة والانفتاح هذه بتحدٍ كبير، حيث يمكن لمثال الهجين الذي جعل أمريكا اللاتينية كبيرة والذي يعاش في جماعة الإكليريكية أن يساعد على مداواة العالم. وتابع الأب الأقدس أن الإنجيل ورسالته قد وصلا أرض أمريكا اللاتينية عبر البشر والذين لا يخلون من الخطيئة، إلا أن النعمة قد تغلبت على ضعفنا وامتدت كلمة الله إلى جميع أركان القارة. وقد استقبلت الشعوب والثقافات الإنجيل في تنوع كبير من الأشكال التي يمكننا التأمل فيها اليوم أيضا، وقد حدث هذا لأن مَن حمل الإنجيل ومَن استقبله كانوا قادرين على فتح قلوبهم ولم ينغلقوا على ما يمكن للآخر أن يأتي به إنسانيا وثقافيا ودينيا.

ثم انتقل الأب الأقدس للحديث عن انتشار الأمريكيين اللاتينيين في العالم وهو ما ساعد كثيرا الجماعات المسيحية. وأشار قداسته إلى أن الكنائس في أوروبا الشمالية والوسطى، بل والشرقية أيضا، قد وجدت في القادمين من أمريكا اللاتينية حيوية جديدة وتحفيزا متجددا، كما وتغتني شعوب أمريكا اللاتينية بفضل اللقاء فيما بينها ومع الشعوب الأخرى. وأكد البابا فرنسيس هنا لضيوفه أنهم مدعوون إلى أن يزرعوا الكلمة بسخاء وبدون أحكام مسبقة، مثلما يفعل الله، وعلى هذا يجب أن تركز تنشئتهم وخدمتهم من أجل فتح قلوبهم وقلوب مَن يصغي إليهم، من أجل المساعدة ودعوة الآخرين إلى القيام بهذا معهم من أجل خير الجميع وذلك لمداواة هذا العالم من المرض الكبير الذي يصيبه والذي أوضحه الوباء. وأشار قداسة البابا هنا إلى الجانبين الشخصي والجماعي لهذا العمل وتحدث عن فتح قلوبنا للرب الذي لا يتوقف عن قرع أبوابنا ليسكن فينا، وأيضا فتح قلب الأخ وذلك لأن علاقتنا بالله يمكن تقييمها على أساس كيفية تعاملنا مع القريب. وتابع أن فتح القلوب إزاء الجميع بدون تفرقة انطلاقا من محبة الله يعني توفير فسحة ليلتقي فيها القريب مع الله. ودعا ضيوفه إلى ألا يغلقوا أبدا الباب أمام مَن يتطلع في أعماق قلبه إلى الدخول والشعور بقبوله، وقال: تخيلوا أن الرب هو مَن يدعوكم في هذا الفقير للجلوس جميعا معا على مائدته.

ثم توقف البابا فرنسيس في كلمته عند مد اليد من جهة ودعوة الآخرين إلى مد اليد من جهة أخرى، وقال لضيوفه إن الله قد وجه لهم الدعوة الكهنوتية ودعاهم إلى روما لاستكمال التنشئة لأن له تصميم محبة وخدمة لكل واحد منهم. وقال لضيوفه إن في أذهانهم بالتأكيد العديد من المبادرات، مؤكدا ثقته في أنهم سيعملون بجهد من أجل مساعدة أشخاص كثر، إلأ أن رسالتنا لن تكون كاملة إذا اكتفينا بهذا، قال قداسته. فعلى جهودنا أن تكون أيضا دعوة لجمع القطيع وجعله يشعر بنفسه شعبا مدعوا بدوره إلى السير والعمل لاستباق الملكوت هنا، على هذه الأرض. ويتطلب هذا أن يشعر الجميع بأنهم مفيدون ومسؤولون وضروريون، وأن هناك فسحة يمكنهم فيها هم أيضا أن يتعاونوا. وتحدث البابا فرنسيس هنا عن محاربة ثقافة الإقصاء والتمييز الاجتماعي وعدم الثقة والأحكام المسبقة على أساس العرق أو الثقافة أو الدين، وذلك كي تكون الغلبة للأخوّة على أية اختلافات.

وفي ختام كلمته إلى جماعة إكليريكية بيوس الحبرية لأمريكا اللاتينية قال البابا فرنسيس إن الوباء قد أوضح المرض الكبير الذي يصيب مجتمعنا، فالعولمة قد تجاوت الحدود ولكن لم تتجاوز العقول والقلوب. وتابع أن الفيروس ينتشر بلا توقف ولسنا قادرين على تقديم رد مشترك، ويستمر العالم في إغلاق الأبواب رافضا الحوار والتعاون والانفتاح بصدق على الالتزام المشترك من أجل خير يبلغ الجميع بدون تفرقة. وشدد الأب الأقدس على أن علاج هذا المرض يجب أن يأتي من الأسفل، من القلوب والنفوس التي ستوكَل يوما ما إليكم، قال قداسته لطلاب الإكليريكية، وذلك من خلال اقتراحات محددة في مجالات التربية والتعليم المسيحي والنشاط الاجتماعي قادرة على تغيير الأذهان وفتح مساحات لعلاج هذا المرض. ثم ختم البابا فرنسيس طالبا من عذراء غواالوبي، شفيعة أمريكا اللاتينية، أن تدعم الرجاء في الدورة التي تُفتتح في مرحلة عدم اليقين هذه كي يتمكن طلابها من الاستجابة لدعوة الله حيثما سيرسلهم ليكونوا شهودا للأخوّة الإنسانية المنطلقة من كوننا أبناء الله. وختم الأب الأقدس قائلا: ليبارككم الرب وتحرسكم العذراء، ولا تنسوا من فضلكم أن تصلّوا من أجلي.    

20 نوفمبر 2020, 13:54