رسالة البابا فرنسيس إلى المشاركين في ندوة حول الميثاق التربوي العالمي رسالة البابا فرنسيس إلى المشاركين في ندوة حول الميثاق التربوي العالمي 

رسالة البابا فرنسيس إلى المشاركين في ندوة حول الميثاق التربوي العالمي

"علينا أن نعمل لكي نمنح الأطفال والشباب إمكانية رؤية هذا العالم الذي نتركه لهم كإرث بعين ناقدة، قادرة على فهم المشاكل في مجال الاقتصاد والسياسة والنمو والتقدم، وعلى اقتراح حلول تخدم حقًا الإنسان والعائلة البشرية بأسرها من منظور إيكولوجيا متكاملة" هذا ما كتبه قداسة البابا فرنسيس في رسالته إلى الرئيس العام لرهبانيّة "Clérigos Regulares Pobres de la Madre de Dios de las Escuelas Pías"

بمناسبة الندوة التي تُعقد حول الميثاق التربوي العالمي والتي تنظّمها رهبانيّة " Clérigos Regulares Pobres de la Madre de Dios de las Escuelas Pías" وجّه قداسة البابا فرنسيس رسالة إلى الأب بيدرو أغوادو كويستا الرئيس العام للرهبانيّة كتب فيها أشكرك على دعوتك إلى الحدث الذي ينظّمه اتحاد الرؤساء العامين والاتحاد الدولي للرئيسات العامات حول التحدي المتمثل في إعادة بناء الميثاق التربوي العالمي، الذي وبسبب الوباء سيعقد عبر الإنترنت من الثاني عشر وحتى الرابع عشر من تشرين الثاني نوفمبر الجاري. أحيي المسؤولين عن معاهد الحياة المكرسة المختلفة الذين سيشاركون وجميع الذين يعملون لكي تكون هذه الندوة ممكنة.

تابع الأب الأقدس يقول لطالما كانت الحياة المكرسة في طليعة المهمة التربوية. والمثال على ذلك هو مؤسسكم، القديس خوسيه دي كالاسانز، الذي بنى أول مدرسة للأطفال، وإنما أيضًا الرهبان الذين علّموه في إيستاديلا؛ وقبلهم الأديرة التي تعود إلى العصور الوسطى والتي حافظت على الثقافة الكلاسيكية ونشرتها. من هذه الجذرو القويّة، نشأت في جميع مراحل التاريخ مواهب مختلفة، عرفت، بفضل نعمة الله، كيف تلبّي احتياجات وتحديات كل زمان ومكان. واليوم تدعوكم الكنيسة لكي تجدِّدوا هذا الهدف انطلاقًا من هويتكم، وأشكركم على أخذكم لهذه الشهادة بالكثير من الالتزام والحماس. كما تعلمون، هناك سبعة التزامات أساسية في الميثاق التربوي العالمي الذي يتم الترويج له. سبعة التزامات أريد تلخيصها في ثلاثة محاور للعمل الملموس: التركيز والقبول والإشراك.

أضاف الحبر الأعظم يقول إن التركيز في ما هو مهم يعني وضع الشخص البشري في المحور، بقيمته وكرامته، وإبراز خصوصيته وجماله وتفرُّده، وفي الوقت عينه، قدرته على الارتباط بالآخرين والواقع الذي يحيط به. إن تثمين الشخص البشري يجعل التعليم وسيلة ينمو فيها أطفالنا وشبابنا وينضجون، ويكتسبون المهارات والموارد الضروريّة من أجل بناء مستقبل يسوده العدل والسلام معًا. ولذلك من الضروري عدم إغفال الهدف وتبديده في وسائل الإعلام والمشاريع والهيكليات. نحن نعمل من أجل الاشخاص، وهم الذين يشكلون المجتمعات، وهؤلاء هم الذين يبنون بشريّة واحدة، دعاها الله لتكون شعبه المختار.

تابع البابا فرنسيس يقول لتحقيق ذلك، من الضروري عيش القبول. وهذا يعني أن نضع أنفسنا في موقف إصغاء للآخر، وللذين يتلقون خدمتنا، أي الأطفال والشباب. وهذا يعني أن يصغي الآباء والطلاب والسلطات - الرواد الرئيسيون للتعليم - إلى أنواع أخرى من الأصوات، والتي ليست مجرد أصوات من دائرتنا التعليمية. وهذا الأمر سيمنعهم من الانغلاق على مرجعيتهم الذاتية، وسيجعلهم ينفتحون على الصرخة التي تنبعث من كل إنسان ومن الخليقة. وبالتالي من الضروري تشجيع أطفالنا وشبابنا على تعلم كيفية التواصل مع الآخرين، والعمل في مجموعات، والتحلّي بموقف تعاطفي يرفض ثقافة الإقصاء. وكذلك أيضًا، من الأهميّة بمكان أن يتعلموا الحفاظ على بيتنا المشترك، وحمايته من استغلال موارده، من خلال اعتماد أساليب حياة أكثر رصانة، والسعي إلى الاستخدام المتكامل للطاقات المتجددة التي تحترم البيئة البشرية والطبيعية، واحترام مبادئ التعاضد والتضامن والاقتصاد الدائري.

أضاف الحبر الأعظم يقول يعتبر خط العمل الأخير حاسمًا: وهو الإشراك. لا يمكننا فهم موقف الاصغاء، المحدد في جميع هذه الالتزامات، على أنه مجرد استماع ونسيان لما سمعناه، لا بل يجب أن يكون منصة تسمح للجميع بالالتزام بشكل فعّال في هذا العمل التربوي، كل بحسب اختصاصه ومسؤوليته. وبالتالي يعني الالتزام والإشراك أن نعمل لكي نمنح الأطفال والشباب إمكانية رؤية هذا العالم الذي نتركه لهم كإرث بعين ناقدة، قادرة على فهم المشاكل في مجال الاقتصاد والسياسة والنمو والتقدم، وعلى اقتراح حلول تخدم حقًا الإنسان والعائلة البشرية بأسرها من منظور إيكولوجيا متكاملة.

وختم البابا فرنسيس رسالته بالقول أيها الإخوة الأعزاء: أرافق بصلواتي جهود جميع المعاهد الممثلة في هذا الحدث، وجميع المكرسين والعلمانيين العاملين في مجال التربية والتعليم، سائلاً الرب، كما فعل دائمًا، أن تكون في هذه اللحظة التاريخية أيضًا الحياة المكرسة جزءًا أساسيًّا من الميثاق التربوي العالمي. أوكلكم إلى الرب، وأطلب من الله أن يبارككم ومن العذراء مريم القديسة أن ترشدكم. ومن فضلكم لا تنسوا أن تصلّوا من أجلي.

 

12 نوفمبر 2020, 12:13