الرسالة العامة Fratelli Tutti ومفهوم الحرب المحقة الرسالة العامة Fratelli Tutti ومفهوم الحرب المحقة 

الرسالة العامة Fratelli Tutti ومفهوم الحرب المحقة

يرى أستاذ اللاهوت الخلقي الراهب الفرنسيسكاني جوليو شيزاريو أن البابا فرنسيس وتماشيا مع النهج الذي اعتمده البابوات السابقون والتعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية شاء أن يؤكد على رفض الحرب معتبرا أن نظرية "الحرب المحقّة" غير مقبولة، خصوصا إزاء القوة المدمرة للأسلحة المتطورة، وقد تناول البابا هذا الموضوع في رسالته العامة الثالثة Fratelli Tutti.

وفي الخطاب الذي ألقاه في الكابيتول الأسبوع الماضي، خلال مشاركته في لقاء الصلاة من أجل السلام الذي تنظمه سنويا جماعة سانت إيجيديو تحدث فرنسيس عن هذا الموضوع ولفت إلى أن مآسي الحرب نمت بفضل فيروس كورونا المستجد، وإزاء استحالة حصول المرضى على الرعاية الصحية اللازمة، في العديد من الدول. في الفصل السابع من الرسالة العامة التي صدرت في الرابع من الشهر الجاري يتحدث البابا عن مسارات السلام بغية الوصول إلى التلاقي. وتناول أيضا موضوع عقوبة الإعدام التي لا تحل المشاكل بل تساهم في القضاء على النسيج الاجتماعي. وأكد أيضا أن نظرة "الحرب المحقة" غير مقبولة.

للمناسبة أجرى موقع فاتيكان نيوز الإلكتروني مقابلة مع الراهب الفرنسيسكاني شيزاريو الذي أكد أن ما كتبه البابا في رسالته العامة الأخيرة Fratelli Tutti لم يضف أي شيء جديد على العقيدة الكاثوليكية، لأنه يستكمل التعاليم التي أبصرت النور خصوصا بعد المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني الذي شكل مناسبة لإعادة النظر في العقيدة السياسية ألا وهي "الحرب المحقة"، وحصل ذلك انطلاقا من الرسالة العامة "السلام في الأرض" للبابا يوحنا الثالث والعشرين في العام 1963 والتي اعتبرت أن السعي إلى حل المشاكل بواسطة الحروب هو ضرب من الجنون. كما أن كتاب التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية يرفض فكرة "الحرب المحقة" ويؤيد فقط مبدأ الدفاع المشروع عن النفس في حال التعرض لهجوم ما. وأضاف أن الحداثة التي جاء بها البابا فرنسيس تمثّلت في الخطاب الذي ألقاه خلال زيارته إلى اليابان العام الماضي عندما أكد أن مجرد حيازة السلاح النووي بهدف الردع، هو أمر غير أخلاقي بحد ذاته.

بعدها أوضح الراهب الفرنسيسكاني أن نظرية "الحرب المحقة" تَعتبر أنه يمكن خوض الحرب إذا توفرت المسببات المحقة لها، شأن تسلط أمة على أخرى، أو لدى حصول أزمات إنسانية. لكن هناك خطر ألا يتلاءم الرد العسكري مع حجم الضرر، فعلى سبيل المثال، إذا تم خوض حرب ما لتحرير  مدينة من الاحتلال وقُصفت خمس مدن أخرى. فهذا أمر غير مقبول. وكان مبدأ الرد هذا يصحّ في مطلع القرن الماضي، لكن اليوم بات الأمر مختلفا مع وجود الأسلحة المتطورة، وصناعة السلاح الكيميائي والنووي والبكتريولوجي. وهذا النوع من السلاح لا يميّز بين الضحايا المدنيين وغير المدنيين، وبين المقاتلين وغير المقاتلين. فالقنبلة الذرية، على سبيل المثال، تدمر كل شيء، وتقضي على الحياة في الحاضر والمستقبل. لذا لا يمكن تبريرها إطلاقا.

في رد على سؤال بشأن تعاليم البابا فرنسيس وكونها استمرارية لتعاليم البابوات السابقين، لفت أستاذ اللاهوت الخلقي إلى توافق ما كتبه البابا فرنسيس مع المواقف التي اتخذها البابا الراحل يوحنا بولس الثاني في تسعينيات القرن الماضي. وأوضح الراهب جوليو شيزاريو في ختام حديثه لموقعنا أن البابا فويتيوا تحدث عن إمكانية التدخل الإنساني خلال الحرب في البوسنة كدعم للحق المشروع في الدفاع عن الأشخاص العاجزين عن الدفاع عن أنفسهم. وهذا المفهوم يعني وضع الأدوات العسكرية والأسلحة بتصرف السكان المحليين الذين لا يملكونها ليمارسوا حقهم المشروع في الدفاع عن النفس.             

28 أكتوبر 2020, 10:20