2020.09.14 Per un sapere della pace 2020.09.14 Per un sapere della pace 

البابا فرنسيس يتحدث عن الحاجة إلى ساعين إلى السلام متنبهين إلى علامات الأزمنة

الساعون إلى السلام وتنشئتهم، هذ ما تمحوت حوله مقدمة كتبها البابا فرنسيس لكتاب جديد للمكتبة ودار النشر الفاتيكانية بعنوان "من أجل المعرفة بالسلام".

من أجل المعرفة بالسلام، هذا عنوان كتاب جديد أصدرته المكتبة ودار النشر الفاتيكانية من إعداد جيلفريدو مارينغو نائب قسم الأنثروبولوجيا اللاهوتية في معهد يوحنا بولس الثاني اللاهوتي الحبري لعلوم الزواج والعائلة. ولهذا الإصدار الجديد، والذي يقدم تأملات لعدد من الشخصيات انطلاقا من خبراتها الخاصة، كتب المقدمة قداسة البابا فرنسيس متحدثا في البداية عن تغير الحقبة الذي تعيشه البشرية حاليا والذي هو في إطار ما سبق ووصفه قداسته بحرب عالمية ثالثة مجزأة. وقال البابا إن الخوف من نزاع عالمي بإمكانه تدمير البشرية بكاملها قد طبع ماضينا القريب، وذكَّر في هذا السياق بأن البابا القديس يوحنا الثالث والعشرين قد خصص للسلام رسالة عامة موجهة إلى ذوي الإرادة الطيبة جميعا، أي الرسالة العامة "السلام في الأرض" الصادرة في 11 نيسان أبريل 1963. ذكَّر البابا فرنسيس أيضا بالنداء القوي الذي وجهه البابا القديس بولس السادس إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في 4 تشرين الأول أكتوبر 1965 من أجل إنهاء العداوة. إلا أن عالم اليوم ومع الأسف، تابع البابا فرنسيس، لا يزال منغمسا في أجواء حرب وعنف متبادل، وهذا الواقع الأليم يتطلب لا فقط إبقاء النداء من أجل السلام حيا، بل يجبرنا تقريبا على طرح أسئلة حاسمة. لماذا وفي عالم تجاوزت فيه العولمة حدودا كثيرة، حيث جميعنا في اتصال فيما بيننا حسب ما يقال، تستمر ممارسة العنف في العلاقات بين الأفراد والجماعات؟ لماذا يثير خوفَنا في حالات كثيرة مَن هو مختلف عنا حتى أننا نتبنى موقف دفاع وشكّ غالبا ما يتحول إلى عدوان عدائي؟ ولماذا تعتقد حكومات العالم أن بإمكان إبراز قوتها، حتى بالحرب، أن يمنحها مصداقية أكبر لدى المواطنين ويزيد مما تتمتع به من شعبية؟ وواصل قداسة البابا فرنسيس أنه لا يمكن الإجابة على هذه الأسئلة وغيرها بشكل مبهم ومتسرع، بل من الضروري أن تكون هناك دراسة ويجب الاستثمار أيضا في مجال البحث العلمي وتنشئة الأجيال الشابة. ولهذا أراد قداسته، حسب ما واصل في مقدمة الكتاب، إنشاء دورة دراسية في علوم السلام في جامعة اللاتيران الحبرية وذلك انطلاقا من القناعة بأن الكنيسة مدعوة إلى الالتزام من أجل حل المشاكل المتعلقة بالسلام والوفاق، البيئة، الدفاع عن الحياة، والحقوق الإنسانية والمدنية (راجع الإرشاد الرسولي "فرح الإنجيل" 65). وفي هذا الالتزام هناك دور محوري للعالم الجامعي الذي هو في حاجة متواصلة إلى التجدد والإثراء كي يتمكن من إحداث تجدد ثقافي شجاع يطلبه عالم اليوم، وذلك حسب ما كتب قداسة البابا في الدستور الرسولي "فرح الحقيقة" حول الجامعات والكليات الكنسية الصادر في كانون الأول ديسمبر 2017. ويضيف الأب الأقدس أن هذا التحدي يسائل الكنيسة والتي يمكنها تقديم إسهام كبير من خلال شبكتها العالمية من الجامعات.

وفي حديثه عن الكتاب الذي كتب مقدمته قال قداسة البابا فرنسيس إن هذا الإصدار يقدم بعض المواضيع التي تُعتبر مركزية في الدورة الدراسية المذكورة، والتي هي بالضرورة متداخلة وتعبِّر عن حوار مثمر بين الفلسفة، اللاهوت، الحقوق، والتاريخ. وواصل قداسته معربا عن ثقته في أن التعمق في مواضيع البحث هذه، إلى جانب إسهام العلوم الإنسانية، يمكنه أن يُنمي المعرفة بالسلام، وذلك من أجل تشكيل ساعين إلى السلام مستعدين للالتزام في الأوساط المتعددة لحياة مجتمعاتنا. وأراد البابا فرنسيس في هذا السياق التشديد على أن ساعيا جيدا إلى السلام يجب أن يكون قادرا على أن تكون لديه نظرة إلى العالم والتاريخ بدون السقوط في "تشخيص" مبالغ فيه لا ترافقه دائما اقتراحات مشفوعة بحلول قابلة حقا للتطبيق (راجع الإرشاد الرسولي "فرح الإنجيل" 50). ويتحدث البابا بالتالي عن تجاوز مقاربة اجتماعية بحتة تعتقد أنها تشمل الواقع بكامله بشكل محايد. وأضاف أن مَن يريد أن يصبح خبيرا في علوم السلام بحتاج إلى تعلم الانتباه إلى علامات الأزمنة، وشدد على ضرورة أن ترافَق الرغبة في البحث العلمي والدراسة بقلب قادر على تقاسم آمال بشر اليوم وأفراحهم، أحزانهم وضيقاتهم (راجع الوثيقة المجمعية "فرح ورجاء" دستور رعائي في الكنيسة في عالم اليوم 1)، وذلك للتمكن من العمل بتمييز إنجيلي حقيقي.

هذا وتحدث الأب الأقدس عن حاجتنا إلى رجال ونساء جيدي التكوين لديهم كل الأدوات اللازمة لقراءة وتحليل ديناميكيات زمننا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. وأضاف أن الالتزام في مسيرة التكوين هذه يمكن أن يكون مساعدة جيدة للشباب من أجل اكتشاف أن "دعوة العلمانيين هي أوّلا وقبل كلّ شيء المحبة في الأسرة، والأعمال الاجتماعية والسياسية التي تحفّزها المحبّة: فهي التزام ملموس انطلاقًا من الإيمان لبناء مجتمع جديد، إنها العيش وسط العالم والمجتمع من أجل تبشير مختلف أوضاعه، من أجل تنمية السلام، والتعايش، والعدالة، وحقوق الإنسان، والرحمة، وبالتالي نشر ملكوت الله في العالم"، وذلك حسب ما ذكر الأب الأقدس في الإرشاد الرسولي ما بعد السينودس المخصص للشباب.

وفي ختام المقدمة التي كتبها للكتاب الجديد الصادر عن المكتبة ودار النشر الفاتيكانية بعنوان "من أجل المعرفة بالسلام" شكر قداسة البابا فرنسيس مُعد الكتاب البروفيسور جيلفريدو مارينغو نائب قسم الأنثروبولوجيا اللاهوتي في معهد يوحنا بولس الثاني اللاهوتي الحبري لعلوم الزواج والعائلة، وأيضا جميع مَن قدَّموا تأملاتهم في هذا الكتاب، حيث تفتح إسهاماتهم هذه الطريق من أجل نضوج هذا القسم الذي لا غنى عنه من البحث العلمي والذي سيغذي تطبيقات سلام ووفاق بين الأشخاص وبين الشعوب.

هذا ومن بين المساهمين في هذا الكتاب المطران بول ريتشارد غالاغير أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان للعلاقات مع الدول، والكاردينال ريناتو رافايلي مارتينو الرئيس الفخري لكل من المجلس الحبري عدالة وسلام والمجلس الحبري لرعوية المهاجرين والمتنقلين.  

15 سبتمبر 2020, 14:48