2014.11.25 Papa Francesco in visita a Strasburgo, al Parlamento Europeo, Unione Europea 2014.11.25 Papa Francesco in visita a Strasburgo, al Parlamento Europeo, Unione Europea 

حلم البابا بالنسبة لأوروبا هو حلم الآباء المؤسسين، ويدعى تضامن

خلال المرحلة الأصعب التي تجتازها أوروبا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية يمكن أن تساعدنا العودة إلى نشأة المشروع الأوروبي في البحث عن انطلاقة جديدة للقارة القديمة. هذا هو حلم الآباء المؤسسين كما وصفه البابا فرنسيس، إنه حلم ملموس يُدعى "تضامن".

في التاسع من أيار مايو المقبل سيُحتفل بـ"يوم أوروبا"، كما جرت العادة منذ خمس وثلاثين سنة. ومما لا شك فيه أن الاحتفال سيكتسب هذا العام طابعاً مختلفاً، خصوصا وأن هذا التاريخ سيتزامن مع محاولات عدد من الدول الأوروبية إلى استئناف حياتها الطبيعية، فيما ستحافظ دول أخرى على الإجراءات المتبعة للحد من انتشار وباء كورونا المستجد. مع ذلك سيشكل هذا الاحتفال مناسبة للتفكير بهوية ورسالة البيت الأوروبي المشترك.

لسبعين سنة خلت، وبالتحديد في التاسع من أيار مايو من العام 1950 ألقى وزير الخارجية الفرنسي آنذاك روبير شومان خطاباً تاريخياً اقترح فيه إنشاء "الجماعة الأوروبية للفحم والصلب"، وشكل ذلك الخطوة الأولى في مسيرة أفضت بعد أربعين سنة إلى ولادة الاتحاد الأوروبي. أكد شومان في خطابه أن أوروبا والعالم، اللذين شهدا للتو حرباً عالمية مدمرة، لا يستطيعان أن يحافظا على السلام إلا من خلال جهود خلاقة توازي المخاطر المحدقة بهما. وسطر أهمية السلام والتضامن.

مع اقتراب الاحتفال بـ"يوم أوروبا" في ظرف يهدد تماسك البنية الأوروبية، لا بد أن نتذكّر كيف تعامل الآباء المؤسسون مع الأوضاع الطارئة المختلفة التي لا تقل خطورة عن الأزمة الصحية التي يواجهها القادة الأوروبيون اليوم. وكان البابا الفخري بندكتس السادس عشر قد توجه إلى هؤلاء القادة وذكّرهم بضرورة أن يكونوا موضوعيين وواقعيين، مشددا على الرباط الوثيق القائم بين السياسة والخلقية.

أما فرنسيس، وهو أول بابا غير أوروبي منذ قرون، فقد دعا أوروبا للعودة إلى جذورها، وإلى القيم المؤسِّسة، وتوجه في أكثر من مناسبة إلى القادة وشعوبهم. وفي رسالته إلى مدينة روما والعالم في عيد الفصح 2020 لفت البابا برغوليو إلى أن القارة القديمة تمكنت من النهوض مجددا بعد الحرب العالمية الثانية بفضل روح ملموس من التضامن، سمح بتخطي عداوات الماضي. وحذّر من عودة فيروس الانقسامات والأنانيات القديم، مشيرا إلى ما سماه بلقاح التضامن الفعال، ولقاح الأخوة الإنسانية.

حُلم فرنسيس بالنسبة لأوروبا هو حلم الآباء المؤسسين. وهذا الحلم يُدعى تضامن، ونحن اليوم بأمس الحاجة إليه من أجل تحديث المفهوم الأوروبي. ويرى البابا أيضا أن أوروبا تجد الأمل في التضامن، الذي يشكل ترياقا ضد الأشكال الجديدة من الشعبوية.  

22 أبريل 2020, 09:58