زيارة البابا فرنسيس إلى مستشفى زيمبيتو في مابوتو
وقبل أن يلقي التحية عن عشرين مريضا ويقوم بجولة على اثنين من أقسام المستشفى وجّه البابا كلمة إلى الموظفين والأطباء والمرضى وعائلاتهم وقال إنه يفكّر بمثل السامري الصالح في الإنجيل عندما ينظر إلى العناية الصحية التي يوفّرها المستشفى للمرضى المصابين بداء الأيدز لافتا إلى أن هؤلاء يشبهون إلى حدّ بعيد الرجل الذي ضربه اللصوص، وتركوه مرمياً على قارعة الطريق، وتوجّه إلى الموظفين والأطباء والممرضين قائلا إنهم لم يتابعوا السير في طريقهم، كما فعل أشخاص آخرون. واعتبر أن تلك المؤسسة تعكس التزام الشخص الذي تدخّل ولم يقل "لا يوجد أي شيء يمكن فعله"، أو "من المستحيل أن نكافح هذه الآفة"، بل كانت لديه شجاعة البحث عن حلول. ولفت إلى أن هذه المؤسسة تقدّم الرعاية لأعداد كبيرة من الأشخاص المصابين بداء السرطان والسل ومن يعانون من سوء التغذية، لاسيما الأطفال والشبان.
وقال فرنسيس إن جميع الأشخاص العاملين ضمن تلك المؤسسة الصحية يصبحون تعبيراً عن قلب يسوع، إنهم علامة للمقاسمة مع الأشخاص المحتاجين، مذكراً بأن العناية بالفقراء لا تحتاج إلى تفويض أشخاص آخرين لأنه لا بد أن يشارك الإنسان شخصياً في نجدتهم. وشدد البابا في هذا السياق على ضرورة ألا يكتفي المؤمن بمجرد الرعاية، مع أنها مسألة بالغة الأهمية، لكن يتعين عليه أن يمارس المحبة التي تكرّم الشخص الآخر وتبحث عن خيره ومصلحته. ولفت إلى أنه من الأهمية بمكان أن يستعيد المرضى كرامتهم، لاسيما النساء والأطفال، ويُساعَدوا في عملية التخطيط لغد أفضل.
ولم تخلُ كلمة البابا من الإشارة إلى بعض المشاكل التي يعاني منها المركز الصحي، ومن بينها النقص في المعدات والأدوات الصحية. ومن هذا المنطلق يعمل المستشفى بالتعاون مع جهات دولية أخرى بروح يحركه التضامن البشري. ويكتسب أهمية كبرى في هذا المجال التزام العديد من الأشخاص في العمل المجاني والتطوعي، وهذا الأمر ينطبق على العاملين الصحيين والأطباء الذين يقدمون خدماتهم مجاناً في أقسام طب الجلد، الطب الداخلي، طب الأعصاب وعلم الأشعة، وعبّر البابا أيضا عن امتنانه لآلاف الأشخاص من أطباء وممرضين وعلماء الأحياء والفنيين، الذين قدّموا تعاوناً ثميناً في عملية تدريب الأطباء المحليين، وهذا العمل يحمل في طياته قيمة إنسانية وإنجيلية كبيرة.
بعدها انتقل البابا إلى الحديث عن الأمراض والمشاكل الصحية المرتبطة بالتدهور البيئي. وقال إن العديد من الأشخاص يعانون من أعراض ناجمة عن تلوّث الأرض والمياه والهواء. ولفت إلى أن الأرض تعاني أيضا شأن العديد من المستضعفين حول العالم مشددا على أننا جميعاً جزء من جذع كبير، كما تصوّر بعض المنحوتات. وأشار إلى أن الأفارقة أدركوا هذا الأمر ما حملهم على إيجاد وسائل مستدامة في البحث عن الطاقة، فضلا عن جمع المياه وتخزينها. لذا فإن هذه الخيارات التي لا تؤثّر على البيئة تشكل نموذجاً فضيلاً يحتذى به خصوصا إزاء التدهور البيئي الذي تعاني منه الأرض.
هذا ثم سلط البابا الضوء على الأعداد الكبيرة من المرضى الذين مروا على هذا المستشفى وتماثلوا للشفاء، ومن بينهم آلاف الأطفال صاروا قادرين اليوم على كتابة صفحة جديدة من حياتهم المتحررة من داء الأيدز، والعديد من الأشخاص المجهولين الذين استعادوا بسمتهم الضائعة لأنهم عولجوا بكرامة، وهذا الأمر يولّد الأمل في قلوب الكثيرين، ومن بينهم أشخاص حالمون على قارعة الطريق، يحتاجون إلى من ينجدهم. وأكد أن الرب سيكافئ "السامريين الصالحين" لدى عودته ولا بد أن تملأهم هذه الثقة فرحاً. وحث فرنسيس الحاضرين في ختام كلمته على متابعة نشاطهم الإنساني ومد يد العون لكل محتاج وجريح بعيداً عن الأضواء. وسأل البابا الله أن يبارك الجميع خاصا بالذكر المرضى وعائلاتهم.