البابا فرنسيس يستقبل وفدا من إدارة أنباء الأقاليم في هيئة التلفزة الإيطالية "راي" 16 أيلول سبتمبر 2019 البابا فرنسيس يستقبل وفدا من إدارة أنباء الأقاليم في هيئة التلفزة الإيطالية "راي" 16 أيلول سبتمبر 2019 

البابا فرنسيس يستقبل وفدا من إدارة أنباء الأقاليم في هيئة التلفزة الإيطالية "راي"

العولمة التي عليها احترام التنوع، والإعلام الذي يعكس الواقع بلغة رزينة، كان هذا أهم ما تحدث عنه قداسة البابا فرنسيس قبل ظهر اليوم خلال استقباله في القصر الرسولي وفدا من إدارة أنباء الأقاليم في هيئة التلفزة الإيطالية "راي".

استقبل قداسة البابا فرنسيس قبل ظهر اليوم في القصر الرسولي وفدا من إدارة أنباء الأقاليم في هيئة التلفزة الإيطالية "راي". وحيا الأب الأقدس في بداية كلمته رئيس التلفزة ومديرها التنفيذي ومدير إدارة أنباء الأقاليم والذي شكره قداسته على كلمته. ثم أعرب البابا عن سعادته للقاء هذا الوفد مع الاحتفال بمرور 40 عاما على تأسيس هذه الإدارة، وأشاد بما تقدم من خدمة من خلال هيئات التحرير المحلية والتزام العاملين فيها ما بين صحفيين وتقنيين، خدمة لا تتجاهل لغات الأقليات وثقافاتها حسب ما أضاف قداسته.

أراد البابا فرنسيس بعد ذلك الحديث عن العولمة مذكرا بإشارته في أكثر من مناسبة إلى التفرقة بين عولمة ضارة وأخرى جيدة. وقال في هذا السياق إن العولمة في حد ذاتها ليست سيئة، بل أن الميل إلى العولمة أمر جيد لأنه يوحدنا ويساعدنا على أن نكون أعضاءً بعضُنا لبعض، إلا أن كيفية تطبيق العولمة هي ما يمكن أن يكون أمرا ضارا، أي إن كانت تسعى إلى جعل الجميع متجانسين وتزدري غنى وتميَّز كل شعب بدلا من أن تثمِّن الاختلافات والميزات، الثقافات والتاريخ والتقاليد. أما إذا كانت العولمة تهدف إلى توحيد الجميع، تابع البابا فرنسيس، محترمةً الأشخاص والمجموعات الاجتماعية والشعوب في ثرائها وتميزها فتصبح عولمة جيدة لأنها تجعلنا نكبر معا. وأضاف البابا أنه يمكن توضيح هذا من خلال صورة الكرة والجسم متعدد السطوح، ففي الكرة كل شيء متشابه ومتجانس وكل نقطة تبعد المسافة ذاتها عن المركز وليست هناك اختلافات، أما في الجسم متعدد السطوح فهناك اندماج، وحدة، ولكن هناك أيضا الاختلاف وتنوع المواقع، والثقافات والهويات.

ثم أراد البابا فرنسيس الانطلاق من هذه الصورة للحديث عن الخدمة التي تقدمها إدارة الأنباء الإقليمية في التلفزة الإيطالية "راي"، فقال إن هذه الإدارة وبحكم طبيعتها مدعوة إلى منح صوت لتنوع الأقاليم الإيطالية وخاصة من خلال نشرات الأخبار المحلية. وتحدث قداسة البابا هنا عن إعلام يأتي من الواقع ولديه رسالة محددة تتألف من جانبين. الأول هو الانغماس في الواقع اليومي المؤلف من أشخاص وأحداث، مشاريع ومشاكل ورجاء. والجانب الثاني هو الإصغاء إلى هذا الواقع للتمكن من نقل كل تلك القيم التي تنتمي إلى حياة وقصص الأشخاص، وفي الوقت ذاته منح صوت للفقر والتحديات ولحالات الطوارئ في بعض الأحيان، وذلك من خلال السير على الطرقات ولقاء العائلات وزيارة أماكن العمل، وأيضا منح صوت لأماكن وشهادات الإيمان حسب ما أضاف الأب الأقدس.

هذا وأكد البابا فرنسيس قناعته بأن الإعلام المحلي لا يمكن اعتباره أصغر من ذلك الوطني بل هو الأكثر أصالة وحقيقة في عالم وسائل الإعلام، وذلك لأنه لا يجيب على احتياجات الربح أو نقل رسائل، بل هو إعلام مدعو إلى نقل فقط صوت الناس بكل جوانبه وفي كل لحظات الحياة الاجتماعية والثقافية والروحية، ولدى هذا الإعلام واجب هام ألا وهو تثمين الواقع والثقافات المحلية والتي بدونها لا تكون هناك وحدة للأمة. وأراد قداسة البابا بالتالي توجيه الشكر إلى جميع الصحفيين العاملين في هيئات التحرير الإقليمية، وذلك على ما وصفه قداسته بتقاسمهم الواقع الذي يريدون سرده، أي تلك الأنباء التي لا تتمكن وسائل الإعلام الكبيرة أن تعرِّفنا بها لضروريات تحريرية.

ثم تحدث الأب الأقدس عن التلفزة الإيطالية "راي" مشيرا إلى أنها قد قدمت عبر تاريخها الطويل إسهاما هاما لمساعدة الشعب الإيطالي على أن يشعر بكونه شعبا، بلغته وثقافته. وتابع متحدثا عن الحاجة اليوم أكثر من أي وقت سابق إلى نقل الأنباء بلغة رزينة وذلك لتشجيع التأمل، وبكلمات متوازنة وواضحة في مواجهة أساليب عدوانية ومزدرية. وختم البابا فرنسيس كلمته إلى وفد إدارة أنباء الأقاليم في هيئة التلفزة الإيطالية "راي"، الذي استقبله قداسته قبل ظهر اليوم في القصر الرسولي، مشجعا ضيوفه على مواصلة سرد الواقع الأصيل الذي لا يزال موجودا في الكثير من المناطق الإيطالية، واقع لا يستسلم أمام اللامبالاة ولا يصمت أمام الظلم ولا يتبع الموضة. وتحدث البابا فرنسيس بالتالي عن أمور كثيرة مغمورة جديرة بأن تُعرف. ثم طلب لضيوفه دعم الله لهم في عملهم، وبارك قداسته الجميع سائلا إياهم أن يصلّوا من أجله.

16 سبتمبر 2019, 14:26