البابا فرنسيس يستقبل مدراء وموظفي دائرة الاتصالات الفاتيكانية 23 أيلول سبتمبر 2019 البابا فرنسيس يستقبل مدراء وموظفي دائرة الاتصالات الفاتيكانية 23 أيلول سبتمبر 2019 

خطاب البابا إلى مدراء وموظفي دائرة الاتصالات الفاتيكانية

استقبل البابا فرنسيس صباح الاثنين في القصر الرسولي بالفاتيكان مدراء وموظفي دائرة الاتصالات الفاتيكانية ووجه لهم كلمة مرتجلة أشار فيها إلى أن الاتصال هو موقف يعبّر عن رغبة الله في التواصل مع الذات والآخرين. كما لا يمكن أن يبقى الإنسان وحيداً بل يتعين عليه أن يتواصل مع الآخرين وينقل إليهم كل ما هو صحيح وطيب وجميل. وهذا التواصل يتم بواسطة النفس والجسد، العقل واليد، وأكبر شكل من أشكال الاتصال هو التعبير عن المحبة.

شجع البابا ضيوفه على ممارسة مهنتهم بعيداً عن الإعلان والترويج والاقتناص مشيرا إلى أن هذا النشاط ينبغي أن يكون مسيحياً، والاقتناص ليس مسيحياً. وذكّر فرنسيس بأن الكنيسة تنمو من خلال جذب الآخرين والشهادة التي هي بُعد من أبعاد الاستشهاد. بعدها حذّر البابا من مغبة الاستسلام الذي يمكن أن يدخل إلى قلب المسيحيين وهو لا يأتي من عند الله. وذكّر بأن العالم وثني، وهو ليس أمراً حديثا، وهذا البعد الوثني يتجلى اليوم من خلال الأمور الدنيوية. ولفت أيضا إلى النداءات التي تدعو الكنيسة إلى الانغلاق والتقوقع على ذاتها. ودعا إلى عدم الخجل من كون الكنيسة قليلة العدد، لأنها كخميرة وملح في الأرض. وأشار في هذا السياق إلى كلمات القديس فرنسيس الأسيزي إلى تلاميذه عندما قال لهم: اكرزوا بالإنجيل وإذا اقتضت الضرورة افعلوا ذلك بالكلام! ختاماً ذكّر البابا الحاضرين بأن الشهداء يعطون حياة للكنيسة داعياً ضيوفه إلى نقل هذا الغنى الكبير. وشكر دائرة الاتصالات مشيرا إلى أنها أول دائرة فاتيكانية يرأسها شخص علماني.

وقد سلّم البابا فرنسيس ضيوفه خطابا مكتوباً استهله معربا عن ترحيبه بالحاضرين، وشكر عميد الدائرة الدكتور باولو روفيني على الكلمات التي وجّهها له نيابة عن الجميع، لافتا إلى أن روفيني يرأس للمرة الأولى أعمال الجمعية العامة لهذه الدائرة الفاتيكانية. ولفت فرنسيس إلى أن جزءا من الأشخاص الحاضرين سبق أن التقى بهم خلال زياراته الرسولية وأكد أن موظفي الدائرة يعملون خلف الكواليس، واضعين عملهم في خدمة الكنيسة ويقومون بذلك بكل مهنية وإبداع وشغف وتكتّم. هذا ثم لفت البابا إلى سروره بلقاء الموظفين كي يعبر لهم عن امتنانه على ما يفعلونه، وشكرهم على التشجيع الذي يقدموه للعديد من الأشخاص في مسيرة إيمانهم وفي بحثهم عن اللقاء مع الرب. وقال إنه بفضل جهود هؤلاء الموظفين يتكلم البابا بأكثر من أربعين لغة مختلفة وتُقرأ كلماته على الورق وتُسمع على أثير الإذاعة وتُشاهد على شاشات التلفزة والمواقع الإلكترونية، وعلى شبكات التواصل الاجتماعي.

بعدها ذكّر فرنسيس أنها المرة الأولى التي يلتقي فيها بجميع مدراء وموظفي دائرة الاتصالات الفاتيكانية مذ أن بدأت لأربع سنوات خلت عملية دمج كل المؤسسات الإعلامية الفاتيكانية ضمن هذه الدائرة، في السابع والعشرين من حزيران يونيو من العام 2015. ولفت إلى أن عمليات الإصلاح غالبا ما تكون شاقة، وهذا يصحّ فيما يتعلق بإصلاح وسائل الاتصالات الفاتيكانية. ولم تخلُ هذه المسيرة من العراقيل وسوء الفهم أحياناً، مضى البابا إلى القول، لكني مسرور لأن العملية تسير إلى الأمام بتبصّر وحذر. وأشار إلى أنه يدرك الجهود الحثيثة التي بذلها الحاضرون كي يستخدموا الموارد المتاحة لديهم بأفضل طريقة.

تابع البابا خطابه لافتا إلى أن الكنيسة ترى في الاتصالات رسالةً، وأكد ضرورة الاستثمار في نشر كلمة الله، كما لا بُد أن تُستغل المواهب كي تُعطي الثمار المرجو. وهنا تُقاس أيضا مصداقية ما نقول. وكي نبقى أمناء للهبة المعطاة علينا أن نتسلح بشجاعة التغيير، وعدم الشعور بالوصول والإحباط. كما يتعين علينا الخروج من انطباعات الأمان الزائفة ومعانقة تحديات المستقبل، مدركين أن السير قدماً على دروب الأزمنة لا يعني إطفاء ذكريات الماضي، بل الحفاظ على الشعلة حية.

هذا ثم لفت فرنسيس إلى أنه يطّلع يوميا على النشاط الذي يقوم به موظفو دائرة الاتصالات الفاتيكانية وشاء أن يوجّه كلمة شكر لله على القوة التي يعطينا إياها، كلنا ثقة بأن الجهد المشترك يعطينا الدفع اللازم لمتابعة السير في هذا الاتجاه. بعدها ذكّر البابا بأن جهودنا وحدها ليست كافية، مشيرا إلى الكلمة التي وجهها البابا بولس السادس لخمس وخمسين سنة خلت إلى الجمعية العامة الأولى لما كان يُعرف آنذاك باللجنة الحبرية للاتصالات الاجتماعية. وكان هذا البابا يُدرك أن قوانا محدودة وسط حقل الاتصالات الشاسع. ولذا اعتبر بولس السادس أنه من الأهمية بمكان أن نبحث عن نظام آخر للقوى، وطريقة أخرى للحكم على الأمور، وهذا ما يمكن أن نتعلّمه في مدرسة الرب. واعتبر مونتيني أنه بقدر ما نجعل من أنفسنا أدوات بين يدي الله تنمو وتكبر فعالية نشاطنا. ولفت فرنسيس إلى أن التحديات نمت بشكل كبير جداً منذ ذاك التاريخ، وجهودنا ليست كافية على الإطلاق والتحدي المطروح أمامنا كمسيحيين وكعاملين في حقل الإعلام كبيرة جدا.

مضى البابا إلى القول إن قوتنا تكمن في وحدتنا، في كوننا أعضاء بعضنا البعض. وبهذه الطريقة فقط يمكن أن نستجيب لمتطلبات رسالة الكنيسة. وذكّر في هذا السياق برسالته لمناسبة اليوم العالمي للاتصالات الاجتماعية هذا العام، والتي كتب فيها أن الجماعة تكون قوية بقدر ما هي متلاحمة ومتضامنة. كما أن صورة الجسد والأعضاء تحملنا على التفكير بهويتنا المرتكزة إلى الشركة والعلاقة مع الآخر. ونحن مدعوون إلى التعبير عن هذه الشركة التي تطبع هويتنا كمؤمنين. كما أن العمل الإعلامي في الكنيسة عليه أن يكون مطبوعاً بمبدأ المشاركة والمقاسمة هذا. ويكون هذا النشاط مجدياً إذا ما أصبح شهادة، أي مشاركة في الحياة التي يهبنا إياها الروح القدس، ويجعلنا نكتشف علاقتنا وترابطنا مع الآخرين.

ختاما شجّع البابا ضيوفه على متابعة عملهم اليومي كفريق واحد، لافتا إلى أن التعاون بين العلمانيين والرهبان والكهنة القادمين من بلدان عدة يعود بالنفع على الكنيسة. وحثّهم على بذل ما في وسعهم بغية تمتين الشبكة مع الكنائس المحلية. وقال إنه على اطلاع بالمشاريع الجديدة التي أطلقتها الدائرة لافتا إلى أنها تحظى بدعم البابا. وأكد أن النشاط الذي تقوم به الدائرة يخدم وحدة الكنيسة معربا عن أمله بأن يكون نشاط الاتصالات هذا تعبيراً عن الجسد الواحد.   

23 سبتمبر 2019, 10:59