Pope Francis' audience at the Vatican Pope Francis' audience at the Vatican 

البابا فرنسيس: الصلاة تطرد كل خوف

"على قداسة الله أن تنعكس في أعمالنا وفي حياتنا" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في مقابلة الأربعاء العامة مع المؤمنين

أجرى قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم الأربعاء مقابلته العامة مع المؤمنين في ساحة القديس بطرس بالفاتيكان واستهلَّ تعليمه الأسبوعي بالقول في مسيرتنا لإعادة اكتشاف "صلاة الأبانا" سنتعمّق اليوم بالطلب الأول من الطلبات السبع التي تحتوي عليها أي "ليتقدّس اسمك".

تابع الأب الأقدس يقول إن طلبات "صلاة الأبانا" هي سبعة، ويمكن أن نقسمها بسهولة إلى مجموعتين. الثلاثة الأوائل يتمحورون حول الـ "أنت" لله الآب، أما الأربعة الباقية فتتمحور حول الـ "نحن" واحتياجاتنا البشريّة. في الجزء الأوّل يُدخلنا يسوع في رغباته المتوجهة كلها إلى الآب: "ليتقدّس اسمك، ليأتِ ملكوتك، لتكن مشيئتك" أما في الجزء الثاني فيدخل فينا جاعلاً من نفسه مترجمًا لاحتياجاتنا: الخبز اليومي، مغفرة الخطايا، المساعدة في التجربة والتحرر من الشرّ.

أضاف الحبر الأعظم يقول نجد هنا جذور كل صلاة مسيحية – لا بل جذور كل صلاة بشريّة – والتي تتكون على الدوام، من جهة من التأمّل بالله وسرّه وجماله وصلاحه؛ ومن جهة أخرى من الطلب الصادق والشجاع لما نحتاج إليه لكي نعيش، ونعيش جيّدًا. هكذا وفي بساطتها وجوهريّتها تربّي "صلاة الأبانا" من يصلّيها على عدم الإكثار في الكلام لأنَّ – وكما يقول لنا يسوع – "أَباكُم يَعلَمُ ما تَحتاجونَ إِلَيه قبلَ أَن تَسأَلوه" (متى ٦، ٨).

تابع الأب الأقدس يقول عندما نتكلّم مع الله نحن لا نقوم بذلك لكي نظهر له ما نحمله في قلوبنا: لأنّه يعرف ذلك أفضل منا! إذا كان الله سرًّا بالنسبة لنا، لكننا لسنا لغزًا في عينه. الله هو كتلك الأمهات اللواتي تكفيهنَّ نظرة واحدة ليفهمنَ كلَّ شيء عن أبنائهنَّ: إن كانوا سعداء أو حزينين، إن كانوا صادقين أو يخفون شيئًا ما.

أضاف البابا فرنسيس يقول إنَّ الخطوة الأولى للصلاة المسيحية هي أن نسلِّم أنفسنا لله ولعنايته. إنها كمن يقول: "يا رب، أنت تعرف كلَّ شيء وليس هناك حاجة حتى لأن أخبرك عن ألمي، أسألك فقط أن تكون هنا بقربي: أنت رجائي". من المهمِّ أن نلاحظ أن يسوع في عظة الجبل وفورًا بعد أن نقل نص "صلاة الأبانا" يحثّنا على ألا نهتمَّ ونقلق للأمور؛ يبدو ذلك أمرًا متناقضًا: يعلّمنا أولاً أن نطلب الخبز اليومي ومن ثمَّ يقول لنا: "فلا تَهْتَمُّوا فَتقولوا: ماذا نَأكُل؟ أوماذا نَشرَب؟ أو ماذا نَلبَس؟" (متى ٦، ٣١). لكن التناقض هو فقط في الظاهر لأن طلبات المسيحي تعبّر عن الثقة بالآب؛ وهذه الثقة بالذات تجعلنا نطلب ما نحن بحاجة إليه بدون قلق واضطراب.

لذلك، تابع الأب الأقدس يقول، نصلّي قائلين: "ليتقدّس اسمك!". في هذا الطلب – الأول – نشعر بإعجاب يسوع كلّه بجمال وعظمة الآب والرغبة بأن يعترف به الجميع ويحبّوه لما هو عليه فعلاً. وفي الوقت عينه نجد التوسُّل بأن يتقدّس اسمه فينا وفي عائلتنا وفي جماعتنا وفي العالم بأسره. إن الله هو الذي يقدّس ويحوِّلنا بمحبّته ولكن وفي الوقت عينه نحن نظهر أيضًا، من خلال شهادتنا، قداسة الله في العالم إذ نجعل اسمه حاضرًا. إنَّ الله قدوس ولكن إن لم تكن حياتنا مقدّسة فهناك تناقض كبير! على قداسة الله أن تنعكس في أعمالنا وفي حياتنا.  

أضاف الحبر الأعظم يقول إنَّ قداسة الله هي قوّة في توسُّع، ونحن نتوسّل بأن تكسر بسرعة حواجز عالمنا. عندما يبدأ يسوع في الوعظ، أول من يتحمّل النتائج هو الشرُّ الذي يضرب العالم. لقد كانت الأرواح الشريرة تصيح: "ما لَنا ولكَ يا يَسوعُ النَّاصِريّ؟ أَجِئتَ لِتُهلِكَنا؟ أَنا أَعرِفُ مَن أَنتَ: أَنتَ قُدُّوسُ الله" (مرقس ١، ٢٤). ما من أحد قد رأى قداسة كهذه من قبل: لا تهتمُّ لنفسها بل هي تنبسط إلى الخارج. قداسة يسوع تتوسّع بشكل حلقات متراكزة، تمامًا كما يحصل عندما نرمي حجرًا في بركة ماء. إن أيّام الشرِّ معدودة، ولا يمكنه أن يؤذينا بعد الآن: لقد وصل الرجل القوي الذي يستحوذ على منزله. وهذا الرجل القوي هو يسوع الذي يعطينا القوّة أيضًا لنستحوذ على بيوتنا الداخليّة.

وختم البابا فرنسيس تعليمه الأسبوعي بالقول إن الصلاة تطرد كل خوف. الآب يحبنا والابن يرفع ذراعيه إلى جانب أذرُعنا، والروح القدس يعمل في الخفاء من أجل فداء العالم. فلا نتأرجحنَّ في الشك بل لنتحلّى بيقين كبير: أن الله يحبّني ويسوع قد بذل حياته من أجلي وأن الروح القدس هو في داخلي. هذا هو الأمر الأكيد والشر؟ الشرُّ يخاف وهذا أمر جميل.   

 

27 فبراير 2019, 11:20