VATICAN-POPE-AUDIENCE-RELIGION VATICAN-POPE-AUDIENCE-RELIGION 

البابا فرنسيس يستقبل المشاركين في مؤتمر حول لاهوت الحنان

"على اللاهوت اليوم أن يجسِّد كلمة الله للكنيسة ولإنسان الألفية الثالثة" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في كلمته للمشاركين في مؤتمر حول لاهوت الحنان

استقبل قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم الخميس في قاعة كليمينتينا في القصر الرسولي بالفاتيكان المشاركين في مؤتمر حول لاهوت الحنان وللمناسبة وجّه الأب الأقدس كلمة رحّب بها بضيوفه وقال لقد تأمّلتم خلال الأيام الماضية حول لاهوت الحنان وأريد بكلِّ بساطة أن أقدّم لكم ثلاث نقاط. النقطة الأولى متعلّقة بالتعبير لاهوت الحنان. لاهوت وحنان تبدوان كلمتان بعيدتان عن بعضهما البعض: يبدو أن الأولى تذكّر بالمجال الأكاديمي أما الثانية فتذكّر بالعلاقات الشخصيّة. لكن إيماننا في الواقع يربطهما بشكل وثيق. فاللاهوت لا يمكنه أبدًا أن يكون مجرّدًا لأنّه يولد من معرفة وجوديّة ومن اللقاء بالكلمة المتجسّد! اللاهوت دعوة لنقل معرفة إله الحب، والحنان هو أمر ملموس نترجم من خلاله في زمننا هذا محبّة الرب تجاهنا.

تابع البابا فرنسيس يقول في يومنا هذا لا يتمُّ التركيز على المبدأ أو على التطبيق وإنما على ما نشعر به؛ واللاهوت بالتأكيد لا يمكنه أن يتحوّل إلى مجرّد شعور ولكنّه لا يمكنه أن يتجاهل أيضًا أن التقارب مع هذه المسائل الحيويّة في أماكن عديدة من العالم لا يبدأ من المتطلبات الاجتماعيّة وإنما مما يشعر به الإنسان عاطفيًّا. ولذلك يُطلب من اللاهوت أن يرافق هذا البحث الوجودي ويحمل النور المتأتّي من كلمة الله. وبالتالي يمكن للاهوت الحنان بهذا المعنى أن يجسّد المحبّة الإلهية، وهذا الأمر ممكن لأنَّ محبّة الله ليست مبدأ مجرّدًا بل هي شخصيّة وملموسة ينقلها إلينا الروح القدس، فهو يبلغ مشاعر الإنسان وأفكاره ويحوِّلها. فما هو إذًا محتوى لاهوت الحنان؟ هناك أمران جمال أن نشعر أننا محبوبون من الله وجمال أن نشعر أننا نحب باسم الله.

أضاف الأب الأقدس يقول أن نشعر بأننا محبوبون. إنها رسالة قد نلناها بقوّة في الأزمنة الأخيرة: من قلب يسوع الأقدس ومن يسوع الرحوم ومن الرحمة كميزة أساسيّة للثالوث الأقدس والحياة المسيحيّة. يمكن للحنان أن يشير إلى أسلوبنا في فهم الرحمة الإلهية. يكشف لنا الحنان، بالإضافة إلى الوجه الأبوي وجه الله الوالدي، إله يحب الانسان ويحبنا محبّة لامتناهيّة أكبر من محبّة الأم لابنها. وبالتالي مهما يحصل ومهما نفعل نبقى متأكِّدين بأن الله قريب وشفوق. الحنان كلمة سليمة وهي الترياق ضدّ الخوف من الله، لأنّه "لا خَوفَ في المَحبَّة" (١ يو ٤، ١٨) لأن الثقة تتغلّب على الخوف. أن نشعر أننا محبوبون يعني أن نتعلّم أن نثق بالله ونقول له: "يا يسوع، أنا أثق بك".

تابع الحبر الأعظم يقول يمكن لهذه الاعتبارات أن تعمِّق البحث لنعطي الكنيسة لاهوتًا "لذيذًا" يساعدنا على عيش إيمان واعي يتّقد بالمحبّة والرجاء ويحثنا على الركوع إذ تلمسنا وتجرحنا المحبّة الإلهيّة. بهذا المعنى يحملنا الحنان إلى الآلام لأنَّ الصليب في الواقع هو ختم الحنان الإلهي الذي نستقيه من جراح الرب. إنَّ جراحه المرئيّة هي النوافذ التي تشرِّع محبّته الخفيّة وآلامه تدعونا لنحول قلبنا الحجر إلى قلب من لحم ونُشغف بالله وبالإنسان محبّة بالله. وهذه هي النقطة الأخيرة: أن نشعر أننا نحب. عندما يشعر الإنسان أنّه محبوب حقًّا، يشعر أيضًا أنّه بإمكانه أن يُحب. من جهة أخرى، إذا كان الله حنانًا لا متناهيًا، فالإنسان المخلوق على صورته ومثاله هو قادر على عيش الحنان أيضًا. فالحنان إذًا هو الخطوة الأولى لتخطّي الانغلاق على الذات والخروج من الأنانيّة التي تشوّه الحريّة البشريّة. يحملنا حنان الله لنفهم أن المحبّة هي معنى الحياة. فنفهم هكذا أنّ أساس حريّتنا ليس المرجعيّة الذاتيّة أبدًا. ونشعر أننا مدعوون لنفيض في العالم المحبّة التي نلناها من الرب ونجسِّدها في الكنيسة والعائلة والمجتمع ونترجمها في الخدمة وبذل الذات.

وختم البابا فرنسيس كلمته بالقول هذه النقاط توجِّه نحو لاهوت في مسيرة، لاهوت يخرج من الطرق الضيِّقة التي غالبًا ما انغلق فيها، لاهوت يمتد إلى خدمة الجماعة، لاهوت لا يقبل بتكرار نماذج الماضي بل يكون كلمة متجسّدة. إنَّ كلمة الله لا تتغيّر بالتأكيد لكن الجسد الذي دعيت لتأخذه يتغيّر في كلِّ مرحلة؛ وبالتالي هناك عمل كثير للاهوت ولرسالته اليوم: أن يجسِّد كلمة الله للكنيسة ولإنسان الألفية الثالثة.   

13 سبتمبر 2018, 11:53