بحث

البابا فرنسيس يترأس احتفالا مسكونيا في كاتدرائية ريغا اللوثرية البابا فرنسيس يترأس احتفالا مسكونيا في كاتدرائية ريغا اللوثرية 

البابا فرنسيس يترأس احتفالا مسكونيا في كاتدرائية ريغا اللوثرية

توجه البابا فرنسيس صباح اليوم إلى كاتدرائية القديسة مريم للكنيسة اللوثرية في ريغا، عاصمة لاتفيا حيث ترأس احتفالا مسكونيا شارك فيه قادة دينيون ومؤمنون من مختلف الكنائس المسيحية المتواجدة في هذا البلد الأوروبي.

تخلل الاحتفال الديني خطاب للبابا فرنسيس استهله معبرا عن سروره للمشاركة في هذا اللقاء من أجل القيام بمسيرة من الاحترام والتعاون والصداقة بين مختلف الكنائس التي تمكنت من تحقيق الوحدة، محافظةً في الوقت نفسه على غناها وخصوصياتها. ووصف البابا هذا الأمر بالمسكونية الحية التي هي من أهم الميزات التي تتمتع بها لاتفيا. بعدها توجه البابا بالشكر إلى رئيس الأساقفة اللوثري يانيس فاناغس على استضافته لهذا اللقاء المسكوني، ولفت إلى أن هذه الكاتدرائية التي شُيّدت لثمانية قرون خلت كانت شاهدة على العديد من الأخوة

الذين تجمعوا فيها وصلّوا معاً ووجدوا الشجاعة اللازمة لمواجهة مراحل قاسية من الظلم والألم. وسأل فرنسيس روح الله أن يجعل من جميع الحاضرين صانعين للوحدة وسط جماعاتهم كي لا تتحوّل الاختلافات إلى انقسامات.

هذا ثم أشار البابا إلى أن هذه الكاتدرائية تحتوي على آلة أرغن من بين الأقدم في أوروبا، وكانت الأكبر في العالم لدى تدشينها، مضيفاً أن هذه الآلة تساعد الناس على الارتقاء بالقلب صوب الله، وهي تشكل في الوقت نفسه رمزاً لمدينة ريغا وجزءاً من حياة السكان المقيمين وتقاليدهم وهويتهم. أما السياح فيزورون المبنى لرؤية هذا الأرغن والتقاط الصور الفوتوغرافية. وحذّر فرنسيس من مغبة الانتقال من ساكن مقيم إلى سائح على صعيد الإيمان أي عندما يتحوّل الإيمان المسيحي إلى أداة من الماضي، وينغلق داخل جدران الكنائس. وذكّر الحاضرين بأن الإنجيل يشدد على ضرورة ألا يبقى الإيمان مخبأً، بل على العكس يجب أن يتردد صداه في المجتمع كي يتأمل الكل بجمال هذا الإيمان ويتمتعوا بنوره.

وشدد البابا في هذا السياق على ضرورة أن يستمر عزف موسيقى الإيمان في حياتنا كي يُعاد إحياء الرجاء. وأكد أن موسيقى الإنجيل وعندما تدخل إلى أعماقنا تمنحنا الفرح المتأتي من الرأفة والحنان وليد الثقة، فضلا عن القدرة على المصالحة. كما أن موسيقى الإنجيل ينبغي أن تعزف في بيوتنا وساحاتنا وأماكن العمل والسياسة والاقتصاد، كي نتابع النضال في سبيل كرامة كل رجل وامرأة بغض النظر عن الانتماء. واعتبر فرنسيس أنه عندما تتوقف موسيقى الإنجيل عن العزف ينغلق الإنسان في الوحدة والعزلة. وهذا ما يحصل مع المسنين المتروكين والشبان الذين يعيشون بدون نقاط مرجعية وفرص للمستقبل، كما سبق أن أكد البابا في خطابه إلى البرلمان الأوروبي في الخامس والعشرين من تشرين الثاني نوفمبر 2014.

بعدها ذكّر فرنسيس الحاضرين بأن الرب صلى إلى الآب من أجل وحدة المسيحيين، مشيرا إلى أن صدى هذه الصلاة يشق الدرب الواجب اتباعها. واعتبر البابا أن درب المسيرة المسكونية تكمن أيضا في النظر إلى الأشخاص المتألمين، لاسيما العديد من المسنين والشبان والأطفال المعرضين للاستغلال، وانعدام الفرص والوحدة. وأكد فرنسيس أن السير قدما في هذه الدرب المسكونية المؤدية إلى الوحدة يتطلب الكف عن النظر إلى جراحات الماضي ولفت إلى أن البعض قد يقول إن الأزمنة التي نعيش فيها صعبة ومعقدة، وثمة من يعتقد أن المسيحيين في مجتمعاتنا لديهم هامش ضيق من الحركة والتأثير وذلك بسبب سلسلة من العوامل شأن العلمنة ومنطق الفردانية. وأضاف أن هذا الأمر يجب ألا يؤدي إلى موقف دفاعي، أو الانغلاق والاستسلام، إن الأزمنة التي نعيش فيها اليوم ليست سهلة بدون شك، خصوصا عندما يتعلق الأمر بالعديد من الأخوة الذين يتعرضون للاضطهاد وحتى الاستشهاد بسبب إيمانهم. وسطر فرنسيس ضرورة عدم الاستسلام للخوف مؤكدا أن الرب سيعطينا القوة اللازمة لنجعل من كل زمان فرصة للشركة والمصالحة مع الله والأخوة.

في ختام كلمته شدد البابا على أن الوحدة تدفعنا إلى الخروج والوصول إلى قلوب الناس والثقافات والمجتمع الذي نعيش فيه. ولفت إلى أن هذه الرسالة المسكونية يمكن أن نحققها إذا ما تركنا روح الرب يحركنا، القادر على كسر المناهج التي نسعى أحيانا إلى أسره فيها، فيفاجئنا بإبداعه الإلهي المستمر. كما أنه في كل مرة نسعى فيها للعودة إلى الينبوع لاستعادة نضارة الإنجيل تُفتح أمامنا دروب جديدة وأشكال أخرى من التعبير وكلمات مفعمة بالمعاني الجديدة.  

24 سبتمبر 2018, 11:21