البابا فرنسيس يحتفل بالقداس الإلهي في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان البابا فرنسيس يحتفل بالقداس الإلهي في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان  

البابا فرنسيس يصلّي من أجل الذين يعملون في خدمة دفن الموتى

في عظته مترئسًا القداس الإلهي صباح اليوم السبت البابا فرنسيس يصلّي على نيّة الذين يرافقون بخدمتهم ضحايا هذا الوباء ويذكّر في تأمّل أن كل ّمسيحي هو مرسل.

ترأس قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم السبت القداس الإلهي في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان رفع خلاله الصلاة على نيّة الأشخاص الذين يعملون في خدمة دفن الموتى وقال نصلّي اليوم معًا على نيّة الأشخاص الذين يعملون في خدمة دفن الموتى، إن عملهم أليم وحزين وهم يشعرون بألم هذا الوباء عن كثب. لنصلِّ من أجلهم.

وإذ توقف في عظته عند الإنجيل الذي تقدّمه لنا الليتورجية من القديس مرقس والذي يخبرنا عن ظهور يسوع القائم من الموت لتلاميذه الأحد عشر عندما قال لهم: "اِذهَبوا في العالَمِ كُلِّه، وأَعلِنوا البِشارَةَ إِلى الخَلْقِ أَجمَعين. فمَن آمَنَ واعْتَمَدَ يَخلُص، ومَن لَم يُؤمِنْ يُحكَمْ عَليه. والَّذينَ يُؤمِنونَ تَصحَبُهم هذهِ الآيات: فبِاسْمي يَطرُدونَ الشَّياطين، ويَتَكَلَّمون بِلُغاتٍ لا يَعرِفونَها، ويُمسِكونَ الحَيَّاتِ بِأَيديهِم، وإِن شَرِبوا شَرابًا قاتِلاً لا يُؤذيهِم، ويضَعونَ أَيديَهُم على المَرْضى فَيَتَعافَون"؛ وبَعدَ ما كَلَّمَهُمُ الرَّبُّ يسوع، رُفِعَ إِلى السَّماء، وجَلَس عَن يَمينِ الله. قال الأب الأقدس إنَّ الإيمان هو إرسالي وإلا فليس إيمانًا، لأن الإيمان ليس لي وحدي لكي أنمو فيه: هذه هرطقة غنّوصيّة. الإيمان ينقل بشكل خاص من خلال شهادة الحياة. ولكن أحيانًا تنقصنا قناعة الإيمان الذي ليس مجرّد عنصر لبطاقة هويّتنا، لأنّه ينبغي على الذي يتحلّى بالإيمان أن يخرج من ذاته ويُظهر إيمانه للآخرين، وهذا لا يعني الاقتناص وإنما الشهاد للإيمان من خلال الخدمة والعيش كمسيحيين؛ لأنه وقبل أن نتحدّث عن أمور مسيحية علينا أن نعيش إيماننا بشكل ملموس. إن الإيمان لا يُنقل لكي نُقنع الآخرين وإنما لكي نقدّم لهم كنزًا. لأنَّ الإيمان يُعاش بتواضع كما تقول لنا القراءة الأولى التي تقدّمها لنا الليتورجية اليوم من رسالة القديس بطرس "البَسوا كُلُّكُم ثَوبَ التَّواضُع، في مُعامَلةِ بَعضِكم لِبَعْض؛ لأَنَّ اللهَ يَرُدُّ المُتَكبِّرين، وَيُنْعِمُ على المُتَواضِعين".

تابع الحبر الأعظم يقول تحتفل الكنيسة اليوم بعيد القديس مرقس أحد الإنجيليين الأربعة والذي كان قريبًا جدًّا من القديس بطرس الرسول. إن إنجيل مرقس هو أول الأناجيل التي تمّت كتابتها، وقد كُتب بأسلوب بسيط قريب من الناس، وإن كان لديكم اليوم بعض الوقت خذوه وأقرؤوه، ليس طويلاً وكذلك وسيفرحكم أن تقرؤوا حياة الرب بالبساطة التي يستعملها مرقس. وفي الإنجيل الذي سمعناه اليوم – وهو النص الختامي في إنجيل مرقس – نجد إرسال الرب. لقد أظهر الرب نفسه كالمخلّص وكابن الله الوحيد، لقد أظهر نفسه لكل إسرائيل وللشعب وبشكل خاص وبتفاصيل أكثر للرسل والتلاميذ. وهنا نجد وداع الرب قبل أن يُرفع إلى السماء ويجلس عن يمين الله؛ ولكن قبل ذهابه كان قد "تَراءَى لِلأَحدَ عَشَر وقالَ لَهم: "اِذهَبوا في العالَمِ كُلِّه، وأَعلِنوا البِشارَةَ إِلى الخَلْقِ أَجمَعين". هناك إرساليّة في الإيمان، فالإيمان إما أن يكون إرسالي وإلا فليس إيمانًا. لأن الإيمان ليس لي وحدي لكي أنمو فيه: هذه هرطقة غنّوصيّة. إن الإيمان يحملك دائمًا على الخروج من ذاتك والإيمان ينقل بشكل خاص من خلال شهادة الحياة: "إذهبوا، ليرى الناس كيف تعيشون!".

أضاف الأب الأقدس يقول لقد قال لي أحد الكهنة الأوروبيين: "هناك عدم إيمان كبير في مدننا، لأنّ المسيحيين لا يملكون الإيمان وإلا لكانوا أعطوه للناس بالتأكيد". يغيب الجانب الإرسالي لأنَّ القناعة غائبة. قد يقول لي أحدكم: "نعم أنا مسيحي وكاثوليكي" ولكنّ كما ولو كان مجرّد موقف إجتماعي أو مجرّد عنصر في بطاقة الهويّة؛ هذا ليس إيمانًا بل مجرّد شيء ثقافي. إن الإيمان يحملك خارجًا ويحملك لكي تعطيه للآخرين، لأن الإيمان يُنقل في جوهره. قد يقول لي أحدكم: "لكنّك يا أبتي تريد أن نكون جميعًا مرسلين ونذهب إلى بلدان بعيدة؟" لا هذا مجرّد جزء من العمل الإرسالي، هذا يعني أنّه إن كنت تتحلّى بالإيمان فعليك أن تخرج وتقدّم شهادة لإيمانك، لأن الإيمان للجميع: "اِذهَبوا في العالَمِ كُلِّه، وأَعلِنوا البِشارَةَ إِلى الخَلْقِ أَجمَعين". وهذا ليس اقتناصًا؛ لا الإيمان ليس اقتناصًا بل هو إظهار الوحي للآخرين لكي يتمكّن الروح القدس من أن يعمل في الناس بالشهادة والخدمة؛ لأن الخدمة هي إحدى أساليب العيش وبالتالي إن قلتُ إنني مسيحي وعشتُ كوثني فالأمور إذًا ليست على ما يرام! وهذا الأمر لا يُقنع أحدًا. أما إن قلتُ إنني مسيحي وعشتُ كمسيحي فهذا الأمر يجذب الآخرين وهذه هي الشهادة.

تابع الحبر الأعظم يقول في إحدى المرات في بولندا سألني أحد التلاميذ الجامعيين: "لدي في الجامعة العديد من الرفاق الملحدين، ماذا يجب عليّ أن أفعل لكي أقنعهم؟" لا شيء يا عزيزي، لا يجب أن تفعل أو أن تقول شيئًا، إبدأ بالعيش وهم إذ يرون شهادتك سيسألونك: "لماذا تعيش هكذا؟". إن الإيمان يُنقل ولكي ليس لإقناع الآخرين وإنما لكي نقدّم لهم كنزًا. وهذا هو التواضع الذي يتحدّث عنه أيضًا القديس بطرس في القراءة الأولى: "البَسوا كُلُّكُم ثَوبَ التَّواضُع، في مُعامَلةِ بَعضِكم لِبَعْض؛ لأَنَّ اللهَ يَرُدُّ المُتَكبِّرين، وَيُنْعِمُ على المُتَواضِعين". كم من مرّة في الكنيسة وفي التاريخ ولدت مجموعات من الرجال والنساء، أرادت أن تُقنع الآخرين بالإيمان وعملت على ارتدادهم... هذا هو الاقتناص الحقيقي... وكيف انتهب بهم الأمر؟ في الفساد!

أضاف البابا قد يقول لي أحدكم: "هذا المقطع من الإنجيل جميل جدًّا ولكن أين الضمانات؟ كيف يمكنني أن أتأكّد أنّه بخروجي من ذاتي سأكون خصبًا في نقل الإيمان؟"؛ "أَعلِنوا البِشارَةَ إِلى الخَلْقِ أَجمَعين" وستصنعون العجائب والرب سيكون معنا إِلى نِهايةِ العالَم وسيرافقنا. لأنّ الرب حاضر على الدوام في نقل الإيمان؛ هناك معلّمون لنقل الإيديولوجيات أما في نقل الإيمان فهناك الرب معي على الدوام وهو يرافقني لأنّه قد وعدنا قائلاً: "هاءنذا معَكم طَوالَ الأَيَّامِ إِلى نِهايةِ العالَم". لنرفع صلاتنا إلى الرب لكي يساعدنا على عيش الإيمان هكذا: إيمان أبوابه مفتوحة، إيمان شفّاف ولا يبحث عن الاقتناص وإنما نشهد له في حياتنا، وأن نساعد بهذه الشهادة الناس لكي ينالوا هذه الرسالة التي ستخّلصهم.                      

25 أبريل 2020, 09:33
اقرأ الكل >