البابا فرنسيس يحتفل بالقداس الإلهي في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان البابا فرنسيس يحتفل بالقداس الإلهي في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان  

البابا فرنسيس يصلّي لكي تتمكّن أوروبا من عيش الوحدة الأخويّة التي حلم بها الآباء المؤسِّسون

في عظته مترئسًا القداس الإلهي في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان البابا فرنسيس يصلّي لكي تتمكّن أوروبا من عيش وحدة أخويّة في هذا الزمن الذي نحتاج فيه إلى وحدة وثيقة بين الأمم، ويذكّر في عظته بمحبة الله الذي أحبنا لدرجة أنّه بذل حياته في سبيلنا.

ترأس قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم الأربعاء القداس الإلهي كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان رفع خلاله الصلاة على نيّة أوروبا وقال نصلّي اليوم من أجل أوروبا، لكي تتمكّن، في هذا الزمن الذي نحتاج فيه إلى وحدة وثيقة بين الأمم، من عيش هذه الوحدة وهذه الوحدة الأخويّة التي حلم بها الآباء المؤسِّسون للاتحاد الأوروبي.

توقف الأب الأقدس في عظته عند الإنجيل الذي تقدّمه لنا الليتورجية اليوم من إنجيل القديس يوحنا والذي يقول فيه يسوع لنيقوديمس: "إنَّ اللهَ أَحبَّ العالَم، حتَّى إِنَّه جادَ بِابنِه الوَحيد لِكَي لا يَهلِكَ كُلُّ مَن يُؤمِنُ بِه بل تكونَ له الحياةُ الأَبدِيَّة فإِنَّ اللهَ لَم يُرسِلِ ابنَه إِلى العالَم لِيَدينَ العالَم، بل لِيُخَلِّصَ بِه العالَم. مَن آمَنَ بِه لا يُدان؛ ومَن لم يُؤمِنْ بِه، فقَد دِينَ مُنذُ الآن، لأِنَّهُ لم يُؤمِنْ بِاسمِ ابنِ اللهِ الوَحيد. وإِنَّما الدَّينونَةُ هي: أَنَّ النُّورَ جاءَ إِلى العالَم، ففضَّلَ النَّاسُ الظَّلامَ على النُّور، لأَنَّ أَعمالَهم كانت سَيِّئَة". قال البابا فرنسيس إن محبة الله تبدو لنا جنونًا، أرسل الآب ابنه الوحيد الذي مات من أجلنا على الصليب. المصلوب هو الكتاب الكبير لمحبّة الله لنا. مسيحيون كثيرون يمضون وقتهم في التأمُّل في المصلوب وهناك يجدون كلَّ شيء لأنّهم فهموا، لقد جعلهم الروح القدس يفهمون أنهم سيجدون هناك كلّ العلم ومحبة الله كلها والحكمة المسيحية بأسرها: نور الله. لكن هناك العديد من الأشخاص الذين لا يمكنهم أن يعيشوا في النور، إنهم خفافيش بشريّة تعيش في الليل، ونحن أيضًا عندما نعيش في الخطيئة نفضّل أن نعيش في الظلمة ونسير كالعميان. وبالتالي علينا أن يسأل كل فرد منا نفسه: هل أنا ابن الله وابن النور أم أنني ابن الظلمة؟

تابع الأب الاقدس يقول إن هذا الحوار بين يسوع ونيقوديمس الذي يقدّمه لنا إنجيل يوحنا هو دراسة لاهوتية حقيقية: هنا نجد إعلان يسوع المسيح... وفي كلِّ مرة نقرؤه نجد غنى أكبر، وشرحًا أوفرًا وأمورًا كثيرة تجعلنا نفهم وحي الله. سيكون أمرًا جميلاً أن نقرؤه مرارًا لكي نقترب من سرّ الفداء. ولكنني سأتوقف اليوم عند نقطتين فقط. الأولى هي وحي محبة الله. الله الذي يحبّنا – كما يقول أحد القديسين – حبًّا مجنونًا: إن محبة الله تبدو لنا جنونًا. لقد أحبّنا وأحب العالم لدرجة أنّه ضحّى بابنه الوحيد، لقد أرسل ابنه إلى العالم لكي يموت على الصليب. وفي كلِّ مرة ننظر إلى المصلوب نجد هذا الحب. المصلوب هو الكتاب الكبير لمحبّة الله، ليس مجرّد غرضًا نعلّقه هنا أو هناك... بل هو التعبير عن محبّة الله، الله الذي أحب العالم لدرجة أنّه أرسل ابنه ليموت على الصليب محبّة بنا. لقد أحب العالم لدرجة أنّه ضحّى بابنه.  

تابع البابا فرنسيس يقول كم من الأشخاص، وكم من المسيحيين يمضون وقتهم في التأمّل بالمصلوب... وهناك يجدون كلَّ شيء لأنّهم فهموا، لقد جعلهم الروح القدس يفهمون أنّهم في الصليب يجدون كلّ العلم ومحبة الله كلها والحكمة المسيحية بأسرها. وهذا ما يتحدّث عنه بولس ويشرح أنَّ جميع التحاليل البشريّة التي يقوم بها قد تفيدنا إلى نقطة معيّنة، لكنّ التحليل الحقيقي وطريقة التفكير الأجمل والتي تشرح كلّ شيء هي صليب المسيح، المسيح المصلوب الذي هو عثرة وجنون ولكنه الدرب. وهذه هي محبة الله. الله الذي أحب العالم لدرجة أنّه ضحّى بابنه الوحيد، ولماذا؟ لِكَي لا يَهلِكَ كُلُّ مَن يُؤمِنُ بِه بل تكونَ له الحياةُ الأَبدِيَّة. إنها محبة الآب الذي يريد أن يكون جميع أبناءه معه. وبالتالي علينا أن نتأمّل بالصليب بصمت، ونتأمّل بجراحه وبقلبه وننظر إلى المسيح المصلوب، ابن الله المهان... محبة بنا. هذه هي النقطة الأولى التي يُظهرها لنا اليوم حوار يسوع مع نيقوديمس.

أما النقطة الثانية، أضاف الحبر الأعظم يقول، فهي نقطة ستساعدنا أيضًا: "إنَّ النُّورَ جاءَ إِلى العالَم، ففضَّلَ النَّاسُ الظَّلامَ على النُّور، لأَنَّ أَعمالَهم كانت سَيِّئَة"؛ هناك أشخاص – وغالبًا نحن أيضًا – لا يمكنهم أن يعيشوا في النور لأنهم قد اعتادوا على الظلمة؛ فالنور يبهرهم ويمنعهم من الرؤية. إنهم خفافيش بشريّة ويتحركون فقط في الظلمة. وكذلك نحن أيضًا عندما نكون في الخطيئة نكون في هذه الحالة فلا نقبل النور. ويصبح من المريح بالنسبة لنا أن نعيش في الظلمة لأن النور يجعلنا نرى ما لا نريد رؤيته. لكن الأسوأ هو عندما تعتاد أعيننا، أعين نفوسنا، على العيش في الظلمة لدرجة أنها تبدأ بتجاهل النور وتفقد حس النور لأنها اعتادت على الظلمة. كم من الفضائح البشريّة وكم من الفساد يشيرون إلى ذلك. إنَّ الفاسدين لا يعرفون النور وكذلك نحن عندما نكون في حالة خطيئة وبعد عن الله، نصبح عميانًا ونشعر باننا أفضل في الظلمة ونسير قدمًا بدون أن نرى على قدر ما أُعطينا.

وختم البابا فرنسيس عظته بالقول لنسمح لمحبّة الله الذي أرسل ابنه يسوع لخلاصنا أن تدخل إلى قلوبنا وإلى النور الذي يحمل يسوع، نور الروح القدس أن يسكن فينا ويساعدنا على رؤية الأمور بنور الله، النور الحقيقي وليس بالظلمة التي يعطينا إياها سيّد الظلمة. وبالتالي يمكننا أن نتأمّل اليوم بأمرين محبّة الله في المسيح المصلوب في حياتنا اليومية وبالسؤال الذي يمكننا أن نطرحه على أنفسنا يوميًّا: "هل أسير في النور أو في الظلمة؟ هل أنا ابن لله أم أنني أصبحتُ خفّاشًا مسكينًا؟"

وفي ختام الذبيحة الإلهية وبعد أن منح البركة بالقربان المقدّس دعا البابا فرنسيس المؤمنين اليوم أيضًا ليقوموا بالمناولة الروحية رافعًا هذه الصلاة: يا يسوعي أنا أؤمن بأنّك حاضر حقًّا في سرّ القربان المقدس. أحبُّك فوق كلِّ شيء وأرغب في أن تسكن في نفسي. وإذ لا يمكنني أن أتناولك بشكل أسراري تعال إلى قلبي بشكل روحي؛ ومتى أتيت سأعانقك وأتّحد بك بكلِّيَتي، فلا تسمح أبدًا لشيء بأن يفصلني عنك.     

 

22 أبريل 2020, 09:54
اقرأ الكل >