البابا فرنسيس يحتفل بالقداس الإلهي في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان البابا فرنسيس يحتفل بالقداس الإلهي في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان 

البابا فرنسيس يطلب من الله أن يمنحنا ضميراً مستقيما كي نعمل دوماً في سبيل الخير

أثناء احتفاله بالقداس الصباحي اليومي في كابلة بيت القديسة مارتا بدولة حاضرة الفاتيكان سأل البابا فرنسيس الله أن يمنحنا ضميراً مستقيماً كي نعمل دائماً من أجل الخير، خصوصا في هذا الزمن الصعب الذي نمر به. ودعا البابا المؤمنين في عظته إلى توخي الحذر من التجارب التي تبدأ من خلال الأمور الصغيرة وسرعان ما توقعنا في الخطيئة، وتنتقل هذه "العدوى" إلى الآخرين وينتهي بنا المطاف مبرّرين أفعالنا.

نشيد الدخول في يوم السبت، من الأسبوع الرابع من زمن الصوم، مأخوذٌ من سفر المزامير وبالتحديد من المزمور الحادي والعشرين الذي يبدأ بعباراتٍ تفوّهَ بها يسوع من على الصليب "إلهي، إلهي، لماذا تركتني؟". يشكّل هذا المقطع من الكتاب المقدس - والذي قرأه البابا مع بداية القداس هذا السبت -صرخة مدويّةً لشخص بريء مضطهد يطلب المساعدة. "وأنت يا رب، لا تتباعد يا قوتي، أسرع إلى نصرتي ... أما أنا فدودة لا إنسان عار عند البشر ورذالة في الشعب".

في بداية الاحتفال بالقداس قال البابا فرنسيس إنه يصلي كي لا يسعى أحدٌ إلى الإفادة من جائحة كورونا من أجل تحقيق مصالحه الخاصة. وأضاف: في هذه الظروف العسيرة والمضطربة والمطبوعة بالألم والمعاناة، تُتاح أمام الناس فرصةُ القيام بأعمال خيريّة كثيرة. لكن قد تخطر على بال البعض فكرةُ الإفادة من هذا الظرف والإقدام على أفعال تصبّ في مصالحهم الخاصة، وتحقق لهم الأرباح. وقال البابا: لنصلِّ اليوم إلى الربّ كي يعطي الجميع ضميراً مستقيماً، ضميراً شفافاً، يسمح للإنسان أن يظهر أمام الله بدون خجل.

تمحورت عظةُ البابا فرنسيس خلال القداس حول الفصل الحادي عشر من إنجيل القديس يوحنا الذي يتحدث عن اتخاذ المجمع اليهودي قراراً يقضي بقتل يسوع، بعد أن صنع الرب معجزةً، وأقام أليعازر من الموت. وجاء هذا القرار في أعقاب محاكمة تدريجية: إنها مسيرةُ التجربة، التي تبدأ من الأمور الصغيرة وتصل إلى الخطيئة التي يسعى الإنسان إلى تبريرها. ولفت البابا إلى أن التجربة تنمو ببطء، وتنتقلُ عدواها إلى الآخرين، وتبرّر نفسها، مبدّلةً القلب. ويقف وراء هذه التجربة مكرُ إبليس الذي أراد القضاء على يسوع. وسأل البابا في هذا السياق الروح القدس أن ينيرنا.     

قال فرنسيس في عظته إن علماء الشريعة ورؤساء الكهنة كانوا قلقين لأن أموراً غريبة كانت تحصل من حولهم. فقد ظهر أولاً يوحنا المعمدان: كان نبياً يعمّد الناس، وكان الأشخاص يذهبون إليه لكن لم تترتب على أفعاله أي عواقب وخيمة. بعدها جاء يسوع الذي أعلن عن مجيئه يوحنا المعمدان. وبدأ يصنع العجائب والآيات. وكان يخاطب الناس وهم يستمعون إليه ويتبعونه. ولم يخضع للناموس على الدوام، وهذا الأمر ولد قلقاً كبيراً. فقال عنه الناس: "إنه رجل ثوري، لكنه مسالمٌ .. .إنه يجلب الناس إليه والشعب يتبعه". فراحوا يقولون لبعضهم البعض: "هذا الرجل لا يعجبني". فشكّل هذا الموضوع محور نقاشاتهم، وولّد لديهم القلق أيضا.

تابع البابا يقول: لقد ذهب البعض إلى يسوع ليجربوه، فكان للرب جواب واضح، لم يخطر على بال أحد من علماء الشريعة. ولفت فرنسيس إلى أنه يفكر بالمرأة التي تزوجت سبع مرات، وسُئل يسوع "من سيكون زوجُها في السماء". فأجاب الرب بوضوح، فذهبوا من عنده بخجل إزاء حكمة يسوع، وفي مناسبات أخرى ذهبوا وهم يشعرون بالذل، عندما أرادوا أن يرجموا المرأة الزانية فقال لهم يسوع "من منكم بلا خطيئة فليرمي أول حجر". ويقول الإنجيل إنهم ذهبوا، بدءا من المتقدمين في السن، وشعروا بالذل. هذا الأمر – مضى البابا يقول – حملهم على التخطيط لما ينبغي فعله. فأرسلوا الجنود ليقبضوا على يسوع، فعاد هؤلاء قائلين "لم نستطع أن نأخذه لأن هذا الرجل يتحدث بشكل مختلف عن الجميع". فغضب علماء الشريعة لأن الجنود لم يتمكنوا من القبض على يسوع. 

وبعد قيامة ألعازر من الموت، ذهب الكثير من اليهود لرؤية شقيقتيه مارتا ومريم، وللاطلاع عما حصل لينقلوا الخبر. وقد نقل بعضهم هذا الخبر إلى الفريسيين. وآمن به آخرون. فاجتمع علماء الشريعة وقرروا أن يفعلوا شيئا ما، إذ توقعوا أن يسير الشعبُ وراء يسوع الذي يصنع عجائبَ كثيرة، وأن ينفصل عن قادته، وأن يأتي الرومان ويدمروا هيكلهم وأمّتهم. عندها قال رئيس الكهنة، قيافا، إنه من الأفضل أن يموت شخص واحد من أجل الشعب! ويدوّن القديس يوحنا البشير في إنجيله أن قيافا تنبأ بأن يسوع سيموت من أجل الأمة. ومنذ ذلك اليوم قرروا أن يقتلوه.

وفي ختام عظته أثناء القداس الصباحي في كابلة القديسة مارتا لفت البابا إلى أن هذه المحاكمة التدريجية التي خضع لها يسوع هي صورة عن التجربة وكيفية عملها في حياتنا. لذا لا بد أن ننظر إلى هذه المحاكمة آخذين هذا الواقع في عين الاعتبار. وأكد فرنسيس أنه بعد وقوعنا في الخطيئة علينا أن نطلب المغفرة من الرب أولا، ثم يجب أن نسأل أنفسنا كيف سقطنا في التجربة. إن حياة يسوع هي مثال لنا، والأمور التي حصلت معه يمكن أن تحصل معنا. ويجب ألا ننسى أن وراء كل خطيئة تجربة تبدأ من خلال الأمور الصغيرة وتنمو شيئا فشيئا. فلا بد أن نسأل الروح القدس أن ينيرنا كي ندرك ما يحصل بداخلنا.   

 

04 أبريل 2020, 12:01
اقرأ الكل >