بحث

رئيس الأساقفة بيتسي: المغفرة هي الإسهام الذي يقدمه المؤمنون الكاثوليك لصالح السلام رئيس الأساقفة بيتسي: المغفرة هي الإسهام الذي يقدمه المؤمنون الكاثوليك لصالح السلام 

رئيس الأساقفة بيتسي: المغفرة هي الإسهام الذي يقدمه المؤمنون الكاثوليك لصالح السلام

على هامش أعمال لقاء الجمعية العامة لاتحاد مجالس أساقفة أوروبا بشأن المرحلة القارية من المسيرة السينودسية، المنعقد في العاصمة التشيكية براغ لغاية يوم الأحد، أجرى موقع فاتيكان نيوز الإلكتروني مقابلة مع رئيس أساقفة موسكو الكاثوليكي المطران باولو بيتسي الذي حدثنا عن تطلعاته وآماله، متناولاً أيضا مسألة الحرب، ولافتا إلى أنه على الرغم من انتشار الحقد والضياع وجد أشخاصاً أقدموا على سر الاعتراف للمرة الأولى منذ عقود.

رئيس الأساقفة بيتسي شارك في لقاء براغ، وحاول أن يحمل إلى أخوته الأساقفة الأوروبيين صوت الجماعة الكاثوليكية في روسيا، هذا البلد الذي يعيش وضعاً من الحرب منذ قرابة السنة. استهل سيادته حديثه لموقعنا الإلكتروني متحدثا عن البعد السينودسي الذي يعيشه المؤمنون الكاثوليك في روسيا، وقال إن الكنيسة الكاثوليكية المحلية قامت باستباق السينودسية موضحا أنها تنظم منذ فترة طويلة جمعيات تُعقد مرة كل سنتين بروح من السينودسية، ولا ترمي هذه اللقاءات للتوصل إلى نتيجة بقدر ما تهدف إلى إطلاق مسيرة مشتركة، مسيرة تساهم في ترسيخ الإيمان، والبحث عن الطرق الفضلى للرسالة الواجب القيام بها.  

ردا على سؤال بشأن أهم المحطات التي تخللها لقاء الأساقفة الأوروبيين في براغ لفت سيادته إلى أنه تأثر قبل كل شيء بتقييم المواهب التي ينبغي أن توضع في خدمة الشركة، واعتبر أنه من الأهمية بمكان أن يُعاد اكتشافها، وأن تحظى بالدعم اللازم من قبل المؤسسات الكنسية، نظراً للإسهام القيم الذي تقدمه للوحدة بين الكنائس، وحدة تكون غنية وخلاقة، تماما كما هو عمل الروح القدس في الكنيسة.

بعدها سلط رئيس الأساقفة الضوء على الدعوة الملحة إلى وضع المسيح في المحور، مؤكدا أن المشاركين في اللقاء شددوا على أن المسيرة السينودسية ليست عبارة عن السير معاً وحسب، إنما هي السير معاً في المسيح ومع المسيح. وحذّر في الوقت نفسه من مغبة إعطاء صبغة مجتمعية بحتة للمسيرة السينودسية لأنها في المقام الأول مسيرة رعوية ولاهوتية. وأشار المطران بيتسي في مداخلته أمام الأساقفة إلى أنه شاء أن يسلط الضوء على أهمية إعادة اكتشاف المغفرة، ليس فقط كدواء شافٍ، إنما أيضا كإمكانية لنسج علاقات جديدة. وقال إن هذا الأمر اكتشفه الناس خصوصا في زمن الجائحة. ولفت على سبيل المثال إلى أن التعايش الطويل الأمد بين أفراد العائلة الواحدة، خلال الإقفال العام، أظهر للعيان صعوبة على صعيد الحوار والعلاقات.

لم تخل كلمات سيادته من الحديث عن الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا وقال إن هذا الوضع ولد صعوبة في التفاهم لدى الأشخاص موضحا أن الجماعة الكاثوليكية في موسكو تتألف من أشخاص من أصول أوكرانية وبيلوروسية، وليتوانية وبولندية وألمانية. وعلى أثر اندلاع الحرب ظهر هذا التفاوت بشكل كبير وزاد الأمور تعقيدا. بيد أن هذا الوضع – تابع يقول – جعل المؤمنين يعيدون اكتشاف معنى المغفرة، وهذا هو الإسهام الذي يمكن أن يقدمه المؤمن الكاثوليكي وكل مؤمن آخر لصالح السلام المنشود. وأضاف أن هذه المغفرة تنطبق أيضا على الأشخاص المسؤولين عن تجاوزات ارتُكبت داخل الكنيسة، وهذا ما تطرق إليه أيضا في مداخلته خلال اجتماع الأساقفة الأوروبيين في براغ، مع التشديد على أهمية القيام بمسيرة من الدعم النفسي والإصغاء من أجل مساعدة الضحايا.

بالعودة إلى الحرب الروسية الأوكرانية أكد رئيس أساقفة موسكو الكاثوليكي أن المواطنين عاشوا مرحلة من الضياع في بادئ الأمر، إذ وجدوا أنفسهم عاجزين عن استيعاب ما يجري. بعدها نمت مشاعر الحقد والضغينة المتبادلين، ما أدى إلى رفض الآخر أكان في البيئة العائلية أم في مجال العمل. وأكد أن الكنيسة الكاثوليكية في موسكو شهدت إقبالا كبيراً على سر الاعتراف، خصوصا خلال زمني الصوم والمجيء، موضحا أنه التقى بأشخاص لم يعترفوا منذ عقود وقد غيرت مواقفَهم الشرور الكثيرة التي أماطت الحرب اللثامَ عنها.

ختاما سُئل المطران بيتسي متى ستنتهي الحرب برأيه وقال إنه من الصعب جداً الإجابة على هذا السؤال، معتبرا أن نهاية هذا الصراع، كما أي صراع آخر، تحتاج إلى مبادرة تعلو عن مصالح أطراف الخلاف، وثمة حاجة إلى التواضع والمغفرة وتقبل فكرة الجلوس إلى طاولة التفاوض بدون أي شروط مسبقة.

11 فبراير 2023, 11:28