مقابلة مع المطران لويجي بيتاتسي أحد آباء المجمع الفاتيكاني الثاني
المطران لويجي بيتاتسي أسقف ايفريا الإيطالية الفخري، والذي سيبلغ في تشرين الثاني نوفمبر القادم ٩٩ عاما، هو الأخير من آباء المجمع الفاتيكاني الثاني الإيطاليين الباقين على قيد الحياة. وقد أجرت معه إذاعة الفاتيكان مقابلة أجاب في بدايتها على سؤال حول المجمع وكيف يراه اليوم بعد ٦٠ سنة، هل كان يُعتبر بالنسبة للكنيسة في تلك الفترة ثورة أم تطورا. وقال المطران بيتاتسي إن الثورة تعني تغيير كل شيء، وبالتالي فقد كان المجمع الفاتيكاني الثاني تطورا بالنسبة للكنيسة لكنه كان تطورا قويا. وذكَّر في هذا السياق بحديث البابا يوحنا الثالث والعشرين في بداية المجمع حين قال إننا لا نريد تغيير حقائق الإيمان، فنحن من نتغير في فهمنا لها وتطبيقها بشكل أفضل.
كان السؤال الثاني حول الوثيقة المجمعية التي يعتبرها الأسقف الفخري الأهم، وقال المطران بيتاتسي في إجابته إنه وإن أراد وضع ترتيب للوثائق فسيضع في البداية الدساتير الأربعة، وذلك لأن من بين الوثائق هناك ثلاثة بيانات حول مواضيع هامة وتسع وثائق عملية الطابع حول ما يجب أن يفعل الكهنة والعلمانيون، إلا أن الدساتير هي الهامة في أي مجمع. وواصل حديثه عن الدساتير الأربعة للمجمع الفاتيكاني الثاني فقال إنها توضح ما تم تطويره وما قد توقف، ثم تحدث أولا عن الدستور العقائدي في الوحي الإلهي Dei Verbum وقال إن الكتاب المقدس لم يكن يُقرأ في السابق، كان شبه ممنوع وكأن قراءته ستجعل الشخص بروتستانتيا حسب ما ذكر الأسقف الفخري، أما اليوم فالكتاب المقدس هو في أيادي الجميع ولكن لا يزال هناك تردد في جعله بالفعل نقطة الانطلاق بالنسبة لفهم المسيحيين وتصرفهم. ثم انتقل في حديثه إلى الدستور في الليتورجيا المقدسة Sacrosanctum Concilium والذي شكل تطورا قويا، حيث تم إدراك أن الليتورجيا ليست طقسا خارجيا بل هي صلاة شعب الله معا إلى يسوع المسيح، ولكن لا يزال هناك تردد ولا يزال هناك بكاء على الليتورجيا القديمة التي قد تبدو أكثر تعبدا. وفي حديثه عن الدستور الثالث وهو الدستور العقائدي في الكنيسة Lumen Gentium قال المطران لويجي بيتاتسي إن الكنيسة قد أُحدثت فيها ثورة، فأكثر من كونها جماعة كاملة هرمية التركيبة هي شعب الله، فكل معمَّد هو الكنيسة، هناك التركيبة الهرمية ولكنها في خدمة شعب الله، في خدمة المسيحيين. ثم انتقل أسقف ايفريا الفخري إلى الدستور الرابع أي Gaudium et Spes الدستور الرعائي في الكنيسة في عالم اليوم والتي يجب أن تشعر بنفسها للجميع وتطلق نداءات من أجل السلام، وحيث الحرم الوحيد حسب المجمع، الذي كان رعويا لا عقائديا حسب ما قال المطران بيتاتسي، هو للحرب الشاملة التي تؤثر على الشعوب المدنية كلها.
هذا ومن بين المواضيع التي تطرقت إليها المقابلة المسيرة السينودسية الحالية والتي يعتبرها البابا فرنسيس مرحلة أساسية في مسيرة استقبال عطايا المجمع الفاتيكاني الثاني. وقال المطران بيتاتسي في هذا السياق إن السينودسية هي توسيع للمجمعية، فالمجمعية كانت انفتاح الأساقفة حول البابا، أما السينودسية فهي مسؤولية كل معمَّد في حياة الكنيسة. وواصل أسقف ايفريا الفخري مجيبا على سؤال حول كيفية تنمية وعي شعب الله بكونه عنصرا فعالا في الكرازة، فقال إن الوسيلة لبلوغ هذا تكمن في عقد سينودسات حقيقية، وتابع أننا نعقدها على مستويات هرمية مختلفة لكون هذا واجبا علينا بينما يجب تذكُّر أن الأمور العظيمة بالنسبة للكنيسة يزرعها الروح القدس في شعب الله، وأعطى هنا مثلا الجمعيات الرهبانية والحركات حيث لم يكن الكرادلة من ابتكرها.
وفي ختام المقابلة التي أجرتها إذاعة الفاتيكان مع المطران لويجي بيتاتسي أسقف ايفريا الفخري، وهو الوحيد الباقي على قيد الحياة من الآباء الإيطاليين للمجمع الفاتيكاني الثاني، عُقدت مقارنه بين أزمة كوبا سنة 1962 حيث أطلق البابا يوحنا الثالث والعشرون نداءً عبر الإذاعة إلى حكام الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي من أجل إنقاذ السلام العالمي، والحرب الحالية في أوكرانيا ونداءات البابا فرنسيس المتكررة، وآخرها النداء الموجه في 2 تشرين الأول أكتوبر إلى روسيا وأوكرانيا. وقال الأسقف الفخري إنه يلمس في النداءين الروح ذاتها. وختم المطران بيتاتسي مشددا على ضرورة أن يتحلى الجميع بعقلية سلام ضد العنف بكل أشكاله.