مقابلة مع الكاردينال نيكولز بشأن رحيل الملكة إليزابيت الثانية
استهل نيافته حديثه مشيرا إلى أنه أصيب بالصدمة لدى تلقيه نبأ الوفاة خصوصا وأن الملكة كانت تقوم بمهامها الرسمية يوم الثلاثاء الفائت، وما لبثت أن فارقت الحياة يوم الخميس. وبعد تخطي المفاجأة والصدمة للوهلة الأولى – مضى يقول – شعر جميع المواطنين بالحزن على رحيل ملكتهم، وهذا هو الجو الذي ما يزال سائدا في المملكة المتحدة لغاية اليوم. ردا على سؤال حول الأثر الذي تركته في العالم الملكة إليزابيت الثانية، خصوصا لكونها مسيحية، لفت الكاردينال نيكولز إلى العديد من الرسائل والبرقيات الواردة من مختلف أنحاء العالم للتعزية برحيلها، ومن بينها برقية بعث بها البابا فرنسيس إلى الملك الجديد تشارلز الثالث. هذا بالإضافة إلى الرسائل العديدة التي أرسلها الأساقفة الكاثوليك حول العالم، كما فعل قادة الدول. وتحدث أيضا عن رسائل أرسلها مواطنون عاديون كتبوا فيها عن شعورهم بفقدان جدتهم. بعدها أكد نيافته أن قلة من الأشخاص تطرقوا إلى مواقف الملكة التي قالت هي نفسها إن صخرة وقوة حياتها هي الإيمان المسيحي. وقالت إن تعاليم المسيح ومسؤوليتها أمام الله يقدمان إطاراً لعيش حياتها. وأضاف الكاردينال نيكولز أن المواطنين يثمّنون جداً الصفات التي مثّلتها الملكة الراحلة، صفات الحكمة والاستقرار والانفتاح والقرب من الناس. كما لا بد أن نتذكر مصدر الإلهام الكامن وراء تلك الصفات، ومن هذا المنطلق ينبغي أن يتعمّق الأشخاص بالتفكير بأهمية الإيمان المسيحي الذي ساهم في صقل حياتها. في سياق حديثه عن المرحلة التي جلست خلالها الملكة إليزابيت الثانية على العرش، قال رئيس مجلس أساقفة إنجلترا وبلاد الغال إن تلك الفترة شهدت الكثير من التبدلات في التاريخ. وقال إنه عندما كان فتياً كان يُمنع على الكاثوليك أن يصلوا سوياً مع الأنجليكان، لكنه أضاف أن كل هذه الأمور تبدلت اليوم، وهذا ما انعكس في حياة الملكة الراحلة، موضحا أن هذه الأخيرة قامت بزيارة إلى كاتدرائية وستمنستر ورفعت الصلاة مع الكاثوليك، تماماً كما يحصل اليوم بين أتباع مختلف الطوائف المسيحية. وذكّر نيافته هنا بأن الكاردينال الراحل Hume كان أول كاردينال على أبرشية وستمنستر يتلقى رسالة من قصر باكينغهام، تُقر بصفته الكنسية، أي بأنه رئيس أساقفة وستمنستر. وأضاف نيكولز أنه خلال السنوات العشرين الماضية اعترف القانون المدني في بريطانيا بدور الأسقف الكاثوليكي في إدارة شؤون أبرشيته. وهذا ما يعني أن جلالتها أحدثت تبدلات هامة على الصعيد البنيوي والمؤسساتي. لم تخل كلمات الكاردينال نيكولز من التطرق إلى المستقبل الذي يتوقعه بالنسبة للمملكة المتحدة والكومنويلث بعد رحيلها، واعتبر أن كل شخص سيدرك بشكل أفضل أهمية الاستقرار والانفتاح اللذين جسدتهما إليزابيت الثانية، معتبرا أن التغيير لن يتوقف عند هذا الحد. ورأى أن ابنها، الملك تشارلز الثالث، تعلم تلك القيم من والدته، وهو سيسعى جاهداً إلى تقديم شهادة قوية لأهمية الإيمان المسيحي، وسيشدد بوضوح على ضرورة الإيمان بالله، خصوصا وأنه من أبرز الشخصيات المؤيدة للحوار بين الأديان، وهو من أهم المدافعين عن المسيحيين المضطهدين في الشرق الأوسط. وقال نيافته إن الملك الجديد سيتابع التقليد الذي تركته والدته، وسيتمسك بلا شك بإيمانه المسيحي بشكل يعكس التجدد الذي نريده في علاقاتنا المسيحية وعلى صعيد الخدمة التي ينبغي أن نقدمها للمجتمع. واعتبر رئيس أساقفة وستمنستر أن رحيل الملكة لن يُضعف الكنيسة في المملكة المتحدة، خصوصا وأن المسيحيين سيتوحدون في الصلاة، وسيدرك الجميع أهمية التمسك بالإيمان بالله خلال الأزمنة المتغيّرة التي نعيشها اليوم. في ختام حديثه لموقعنا الإلكتروني قال نيافته إنه يتذكر اللقاء الذي جمعه بالملكة في قصر ويندسور، خلال مأدبة عشاء خاصة، نُظمت بعد فترة قصيرة على آخر زيارة قامت بها إلى أستراليا. ولفت إلى أنه تبادل معها أطراف الحديث، وتطرقا إلى زيارتها لأستراليا، كما تحدثت جلالتها عن أهمية الإيمان بالنسبة لها. وقال إنها مناسبة لن يسناها أبدا. هذا ثم شاء الكاردينال نيكولز أن يوجه كلمة شكر إلى البابا فرنسيس على رسالة التعزية التي بعث بها إلى الملك تشالز الثالث معبرا فيها عن تعاطفه معه وعن الصلوات التي يرفعها العديد من الكاثوليك وغير الكاثوليك من أجل راحة نفس الملكة الراحلة. |