بحث

البطريرك الماروني: إن الواقع الخطير في البلاد يستوجب انتخاب رئيس للجمهورية ضمن المهلة الدستورية البطريرك الماروني: إن الواقع الخطير في البلاد يستوجب انتخاب رئيس للجمهورية ضمن المهلة الدستورية 

البطريرك الماروني: إن الواقع الخطير في البلاد يستوجب انتخاب رئيس للجمهورية ضمن المهلة الدستورية

ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي القداس الإلهي الأحد الرابع عشر من آب أغسطس في كنيسة الصرح البطريركي الصيفي في الديمان وألقى عظة بعنوان "اليوم دخل الخلاص إلى هذا البيت" (لو 19: 9)، وقال غبطته "بالتوبة عن ماضيه، وإصلاح حاضره، نال زكّا الخلاص. فلمّا وقف وجهًا لوجه مع الرب يسوع، الذي هو مرآة النفس البشرية، رأى ماضيه بأخطائه. فقام بفعل توبة عامة كشف فيها خطاياه، وفرض على نفسه التكفير والإصلاح بحياة تخرجه من واقع خطاياه. فقال له يسوع "اليوم دخل الخلاص إلى هذا البيت" (لو 19: 9)

في عظة ألقاها مترئسا قداس الأحد، قال البطريرك مار بشارة بطرس الراعي "في ضوء انجيل اليوم، نلتمس سوية نعمة التوبة وتغيير مجرى حياتنا السيء. بل نلتمسه لكل إنسان وبخاصة للمسؤولين السياسيين، لكي يتوبوا إلى الله والشعب والوطن". وأشار غبطته إلى أنه "لو مارس المسؤولون السياسيون عندنا سر التوبة، ولو تذوّقوا حلاوتها مرة، لتابوا إلى الله والشعب والوطن بمؤسساته وميزاته ورسالته ودوره في المجتمعين العربي والدولي. ومن غير الممكن أن يعيش لبنان هويته وطبيعته ورسالته إذا لم يستعد حياده الناشط الذي هو في جوهر كيانه الدستوري. إن إعتماد الحياد لا ينقذ فقط لبنان من التورط في صراعات الآخرين وحروبهم، بل يخفّض أيضًا عدد القضايا الخلافية بين اللبنانيين، لاسيما على صعيد الخيارات الدستورية المختلفة. ليس الحياد موقفًا ظرفيًا ومادة سجال، بل هو مصدر حوار مسؤول وبنّاء بين القوى اللبنانية، لأن على الحياد يتعلق مصير الوجود اللبناني الآمن والحر والديمقراطي والثابت من زمن إمارة الجبل وصولًا إلى دولة لبنان الكبير".

وأضاف البطريرك الراعي يقول "لم يجلب الانحياز إلينا جميعًا، بخاصة في تاريخ لبنان الحديث، سوى الأزمات التي تكاد تطيح الدولة اللبنانية وصيغة العيش معًا. لقد اعتادت البطريركية المارونية أن تكون الصوت الذي يعبِّر عن مكنونات اللبنانيين، وعلى الجهر بالمواقف الوطنية المصيرية التي يتردد بعضهم في الجهر بها ولو كانوا مؤمنين بها. دور هذا الصرح عبر التاريخ أن يدافع عن جميع اللبنانيين وعن الكيان اللبناني، وأن يواجه التحديات ويصبر على الضيم من دون الخضوع للضغوط أو إيلاء اهتمام للمزايدات. إذا التزم المرشحون الجديون لرئاسة الجمهورية بالسعي لإعلان حياد لبنان، لكسبوا ثقة غالبية الرأي العام اللبناني والعربي والدولي. الشعب يحتاج رئيسًا يسحب لبنان من الصراعات لا أن يجدد إقامته فيها".

"في هذا السياق" – قال البطريرك الراعي في عظة الأحد - "طبيعي أن يطّلع الشعب اللبناني على رؤية كل مرشح جدّي لرئاسة الجمهورية. صحيح أن الرئيس في لبنان ليس حاكمًا منفردًا، إذ يترأس الجمهورية بترفّع وحيادية مع مجلسي النواب والوزراء وسائر المؤسسات الدستورية والإدارية. لكن هذا لا يُعفي المرشح لهذا المنصب من إبداء تصوّره للمشاكل والأزمات والحلول، وإعلان مواقفه الواضحة من القضايا المصيرية، من مثل:

السبيل الذي يسلكه لإجراء مصالحة وطنية على أسس وطنية؟ أولوياته الوطنية والإصلاحية للنهوض الاقتصادي والمالي؟ المسار الذي يتبعه لضمان الكيان اللبناني ومنع بعثرته؟ كيفية العمل لتطبيق اللامركزية الموسعة؟ موقفه من عقد مؤتمر دولي خاص بلبنان وتحديد نقاطه، ومن بينها القرارات الدولية ذات الصلة بلبنان؟ كيفية إعادة دور لبنان في محيطه العربي والإقليمي والعالم؟ الخطة لديه لحل قضية اللاجئين الفلسطينيين، وإعادة النازحين السوريين إلى بلادهم؟ اقتراحه لتنظيم عودة اللبنانيين الذين اضطروا إلى اللجوء إلى إسرائيل سنة 2000؟ في ضوء كل ذلك نقول: لا يجوز في هذه المرحلة المصيرية، أن نسمع بأسماء مرشحين من هنا وهناك ولا نرى أي تصوّر لأي مرشح. كفانا مفاجآت".

وأضاف غبطته "إن الواقع الخطير في البلاد يستوجب انتخاب رئيس للجمهورية ضمن المهلة الدستورية، يكون ذا خبرة في الشأن العام ومواقف سيادية. إن الإسراع في إجراء الإصلاحات المالية والاقتصادية الضرورية تنقذ لبنان وتعيد النظام المصرفي اللبناني إلى دورته الطبيعية، هذا النظام الذي شكّل أحد مقوّمات الازدهار في لبنان. إن اعتبار عملية شارع الحمراء في هذه الأيام الأخيرة أمر حصل وعبر، سيفاقم الوضع العام في البلاد ويهدّد أمن العمل المصرفي، وقد يشجّع، لا سمح الله، مواطنين آخرين على تحصيل حقوقهم بمنأى عن القانون. إن لدى الدولة طرقا كثيرة لإنقاذ أموال المصارف والمودِعين، لكنها مع الأسف ترفض استعمالها لأسباب باتت معروفة، وتروح نحو حلول وخطط تعاف تستلزم المراجعة والتصحيح والتعديل".

وفي ختام عظته مترئسا قداس الأحد، قال البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي "اخوتي اخواتي، فلنصل: يا رب، إمنح الجميع نعمة الوقوف أمامك بإخلاص وشجاعة، لكي يدركوا خطاياهم وأخطاءهم فيتوبوا عنها، ويصلحوا ذواتهم ومسلكهم وأداءهم. فنستحق جميعًا أن نرفع إليك المجد والتسبيح أيها الآب والإبن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين".

15 أغسطس 2022, 13:03