بحث

مقابلة مع اللاهوتي الأوكراني الأرشمندريت هوفورون مقابلة مع اللاهوتي الأوكراني الأرشمندريت هوفورون 

مقابلة مع اللاهوتي الأوكراني الأرشمندريت هوفورون

أجرى موقع فاتيكان نيوز الإلكتروني مقابلة مع اللاهوتي الأوكراني الأرشمندريت Cyril Hovorun الذي شارك في أعمال المنتدى المسكوني بعنوان "اللقاءات اللاهوتية في المتوسط" والذي نظتمه رئاسة أبرشية Rijeka–Fiume الكرواتية، مشددا على أهمية المبادرات التي تفسح المجال أمام الحوار بين اللاهوتيين والشبيبة حول القضايا الكبيرة التي تعني الكنيسة.

الأرشمندريت الأوكراني هوفورون يتمتع بشهرة عالمية، وهو يدرّس اللاهوت في كلية ستوكهولم الجامعية في السويد، وقد ألقى مداخلة خلال أعمال المنتدى المسكوني تمحورت حول مواقف بطريركية موسكو تجاه الحرب الدائرة في أوكرانيا التي تتعرض لعدوان روسي. ولفت إلى أن البطريركية تريد أن تعيد الكنيسة الأرثوذكسية الروسية إلى محور ما يُسمى بـ"الساحة العامة" في روسيا. وقد انتقد اللاهوتي الأوكراني هذه المساعي معتبرا أن التعاون الوثيق بين الكريملين والبطريركية يولد ارتباكاً على صعيد العلاقات بين الكنيسة والدولة، ويولد نوعاً مسيّساً من الدين. وتلا المداخلة نقاش مع الشبان المشاركين في اللقاء.

في حديثه لموقعنا الإلكتروني قال الأرشمندريت هوفورون إن بعض الشبان الأرثوذكس الصربيين أبدوا آراء مختلفة بشأن الصراع الدائر في أوكرانيا وبشأن مواقف بطريرك موسكو وسائر روسيا كيريل. وأضاف أن مؤمني الكنيسة الأرثوذكسية لديهم تاريخ طويل في مجال التعاون بين الكنيسة والدولة، وقد وصل هذا الأمر إلى حد عدم التمييز بين الطرفين. وتعود هذه النظرة إلى الإمبراطورية البيزنطية حيث كانت العلاقة وطيدة جدا بين الكنيسة والدولة حتى أنهما اعتُبرا كياناً واحدا. ولفت إلى وجود العديد من المؤمنين الأرثوذكس الذين يحلمون اليوم بهذا النوع من التلاحم، ولهذا السبب – تابع قائلا – يتمتع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتأييد كبير في عدد من البلدان شأن صربيا، لأن المؤمنين الأرثوذكس يرون فيه إمبراطوراً جديداً، إمبراطوراً بيزنطياً. 

مضى اللاهوتي الأوكراني إلى القول إنه حاول خلال أعمال المنتدى أن يسلط الضوء على أهمية الفصل بين الدين والسياسة، لأن هذه كانت الرسالة الأساسية التي جاء بها الرب يسوع، الذي كان معارضا جداً للثقافة السياسية في الإمبراطورية الرومانية، حيث أبصرت المسيحية النور، وحيث كان الدين والسياسة يسيران جنباً إلى جنب. وعندما جاء المسيح، حمل رسالة تقضي بالفصل بين الدين والسياسة، وكان هذا الأمر حديثاً بالنسبة للعالم القديم. وتعين على الكنائس المسيحية أن تحافظ على هذا التعليم. ولفت هوفورون في هذا السياق إلى أن الخلط بين الكنيسة والدولة يتعارض مع رسالة المسيح، خصوصا وأن هذا الأمر يحصل عادة في ظل الأنظمة الدكتاتورية، كما يعلمنا تاريخ القرن العشرين.

ردا على سؤال بشأن أهمية المنتدى المسكوني الذي يشارك فيه قال الأرشمندريت هوفورون إن المنتدى هو فعلاً فريد من نوعه، خصوصا وأنه يُعقد في منطقة البلقان، التي تعاني من أوضاع هشة وحساسة جداً، وذكر في هذا السياق بأن المنطقة شهدت منذ ثلاثين سنة حروباً وصراعات عنيفة أسفرت عن سقوط العديد من الضحايا، وعن إراقة الدماء، وولدت آلاما جمة وشردت الأشخاص. وأضاف أن الوضع كان يعاني من الغليان آنذاك وهو لا يخلو من التوترات لغاية يومنا هذا. من هنا تبرز الحاجة الملحة إلى جمع الأشخاص القادمين من بيئات مختلفة، والذين عاشوا خبرات متنوعة، ولديهم نظرات مختلفة للدين المسيحي، إذ لا بد أن يلتقوا مع بعضهم البعض ويتحاوروا بطريقة منفتحة وصادقة، وهذا ما حصل بفضل ورشات العمل والجمعيات العامة والمناظرات، وعبر عن امتنانه لمنظمي هذا المنتدى.

وأشار هوفورون إلى أن الأوكرانيين، وبعد نهاية الحرب، يريدون أن يتعلموا من الخبرات التي قدمتها اللقاءات اللاهوتية في المتوسط. يريدون أن يتعلموا كيف يتم التلاقي بين مجموعات وشعوب يبدو في الظاهر أنها غير قابلة للتصالح، وذلك بغية الوصول إلى السلام المنشود. وختم اللاهوتي الأوكراني حديثه لموقع فاتيكان نيوز الإلكتروني بالقول إن السلام الدائم لا يتحقق فقط من خلال تطبيق وقف إطلاق النار، لأنه يتم من خلال المصالحة بين الأفكار، وعندما يبدأ الأشخاص بتقبل الرأي المخالف، مع أن هذا لا يعني أن يفكر الجميع بالطريقة نفسها. وهذه هي خبرة ثمينة جداً يمكن أن نتعلمها من هذا المؤتمر.

17 يوليو 2022, 14:43