البطريرك الماروني: قيمة الانتخابات في المجتمعات الديمقراطية أنها مناسبة للشعوب لتغيير واقعها نحو الأفضل
في عظته مترئسا قداس الأحد، قال البطريرك مار بشارة بطرس الراعي "في هذه الفترة القصيرة الاستعدادية للانتخابات النيابية في 15 أيار المقبل، يحتاج شعبنا الناخب لأن يستمد النور الإلهي لكي يحسن انتخاب من هم الأفضل لإجراء التغيير المنشود في الهيكليات والقطاعات والإداء، ومن هم مخلصون للبنان دون سواه ومخلصون لشعب لبنان. فقيمة الانتخابات في المجتمعات الديمقراطية أنها مناسبة للشعوب لتغيير واقعها نحو الأفضل. أن ننتخب يعني أن نغيّر. أن نقترع يعني أن نختار الأفضل. وإذا كانت الانتخابات ركيزة الديمقراطية، فلا يجب أن تكون الشعبويّة ركيزة الانتخابات. وجدير بالمرشحين أن يحدّثوا اللبنانيين عن مشاريعهم الإصلاحية الممكنة، بدلًا من التراشق باتهامات تزيد في الانقسام والضغينة، وقد شبعنا منها. فليبادر الشعب اللبناني بكلّيته إلى انتخاب الأفضلين، إذا أراد حقًّا التغيير وإصلاح الواقع. وهذا لا يتم إذا ظل المواطنون في منازلهم والانتخابات جارية. إن انتخابات نيابية ناجحة في إجرائها ونتائجها هي ضمانة لنجاح انتخاب رئيس جديد للجمهورية قبل شهرين من نهاية الولاية الحالية بموجب المادة 73 من الدستور، رئيس يكون على مستوى تحدّي النهوض بلبنان".
ونقلا عن الموقع الإلكتروني للبطريركية المارونية، أضاف غبطته يقول "وبالمقابل، على الحكومة اللبنانية الإسراع في إجراء الإصلاحات المالية والاقتصادية، لأن سرعة الانهيار تفوق بكثير بطء الإصلاحات. أسطع مثل على بطء الإصلاحات مشروع "الكابيتال كونترول" الذي يحاولون تمريره بعدما فرغت صناديق المصارف، فيما كان عليهم اعتماده لدى بدء الأزمة النقدية سنة 2019. بقطع النظر عن طريقة تأليف اللجنة التنظيمية بحيث تنأى عن التسييس والمذهبية وتفتيت صلاحية حاكمية مصرف لبنان، فإن فائدة الـــ"الكابيتال كونترول" في كونه جزءًا من مشروع إصلاحي متكامل، وإلا يصبح سيفًا مصلــــتًـــا على الناس يَمنعهم من التحويلات إلى الخارج ومن سحب الأموال في الداخل أيضًا. فكيف يعيشون؟" ما لم يُعَدَّل هذا المشروع ليتلاءم مع واقع لبنان واقتصاده الحرِّ وحاجة الناس، سيكون مشروع حقٍّ يُراد به باطل، إذ سيعزل لبنان عن الدورة المالية العالمية، كما سيدفع ثمنه المودِعون والمستثمرون والمستوردون والمصدِّرون والمغتربون وجميع القطاعات الاقتصادية. فيجب حماية النظام الليبرالي الذي شكل، طوال تاريخ لبنان الحديث، أساس النمو والازدهار وبوليسة تأمين للودائع اللبنانية والعربية والدولية التي كانت توظَّف في المصارف اللبنانية، لكونها حتى الأمس القريب وجهة مضمونة. وحريّ بالمسؤولين الذين يتفاوضون مع صندوق النقد الدولي أن يشرحوا له وضعيّة لبنان الخاصة ومدى ارتباط حياة اللبنانيين المقيمين بتحويلات المغتربين ومدى ارتباط الطلّاب اللبنانيين في الخارج بتحويلات أهاليهم من لبنان. إن لكل بلد وضعيّة خاصة، ولا توجد بالتالي وصفة سحرية تصلح لكل زمان ومكان ولكل البلدان".
وأضاف البطريرك الراعي يقول "ويظلّ يقرع على باب ضمير الحكومة الإسراع في إقرار الإصلاحات الحقيقية، وفي طليعتها: جدولة الدين العام، وقف الهدر، منع التهريب، مراقبة المعابر البرية والبحرية والجوية، إصلاح قطاع الكهرباء الذي يشكل أكبر مصدر للهدر والفساد، ترشيد الإدارة، تخفيض عدد موظفي القطاع العام، وبخاصة موظفي المحسوبيات السياسية، وقد ناهز عددهم نحو 350 ألف موظف، بحيث لا يتقاضى رواتب موظفون لا يعملون". وأشار غبطته إلى أنه "تزداد الشبهات حول مسار القضاء في لبنان الذي أصبح بجزء منه أداة في يد السلطة السياسية تستخدمها ضد العدالة. ونتساءل هل نحن أمام مكافحة الفساد أم أمام مكافحة الأخصام السياسيين؟ كيف للسلطة القضائية إلّا تَحسم بعد مصير التحقيق في تفجير مرفأ بيروت؟ ولماذا لم تَـبتّ بعد بصلاحية قاضي التحقيق العدلي ليستكمل تحقيقاته في هذا الشأن؟ ولماذا يَمتنع التفتيش القضائي عن توضيح ملفّات القضاة المحالين عليه؟ ولماذا الادعاء التمييزي العام لا ينفّذ القرارات التي يصدرها؟ في الحقيقة لم نشهد في أي زمن سابق هذا الاضطراب في عمل القضاء وهذه التبعية للمنظومة السياسية، وهذا التردد لدى الهرمية القضائية في وضع حد لهذه الظاهرة الفوضوية.
وفي ختام عظته مترئسا القداس الإلهي الأحد الماضي الثالث من نيسان أبريل، قال البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي "نصلّي بإيمان أعمى أريحا، ملتمسين النور الهادي إلى كل ما هو حق وعدل واستقرار وسلام. هذا ما نلتمسه في هذا الصوم المقدس الذي تزامن أمس مع صوم رمضان المبارك. فنبارك للإخوة المسلمين، ونسأل الله أن يجعل من هذا الزمن الصيامي المقبول مناسبة للتجدد الروحي فينا، الذي منه كل تجدّد في العائلة والمجتمع والدولة. لله، الآب والإبن والروح القدس، كلّ مجد وتسبيح، الآن وإلى الأبد، آمين".