البطريرك الماروني: فلنصلّ لكي يحفظ الله لبنان أرض محبة وصلاة وإخاء
استهل البطريرك مار بشارة بطرس الراعي عظته قائلا "تذكر الكنيسة اليوم الأبرار والصديقين الذين عاشوا المحبة بقربهم من الجائع والعطشان والعريان والغريب والمريض والسجين، ليس فقط في حالتهم المادية، بل أيضًا والمعنوية والروحية. وكون المسيح إبن الله أصبح بتجسده متحدًا بكل إنسان، فقد تماهى مع كل واحد. ولذلك قال: "كنت جائعًا فأطعمتموني ..." (متى 25: 35). واضح من كلام الرب أننا "في مساء الحياة سندان على المحبة". نستشفع صلاة الأبرار والصديقين لكي يمنحنا الله نعمة التشبه بهم في عيش المحبة شاهدين لمحبة الله مع كل إنسان".
ونقلا عن الموقع الإلكتروني للبطريركية المارونية، قال غبطته إن "إنجيل اليوم يبيّن البعد الاجتماعي للكرازة بالإنجيل. فالمسيحية المؤسسة على الإنجيل تتكوّن من ثلاثة أبعاد مترابطة ومتكاملة، تسمّى خدمات، وهي: خدمة الكلمة بالكرازة والتعليم، وخدمة التقديس بتوزيع نعمة الأسرار الإلهية، وخدمة المحبة الاجتماعية". وأشار البطرير ك الراعي إلى أن "المحبة الاجتماعية تصبح شريعة عند الذين يحبون الله حقًّا. القديس البابا بولس السادس حدد العمل السياسي بأنه أعلى فعل محبة لأنّه مبني على التجرد والتفاني في سبيل تأمين الخير العام الذي منه خير جميع المواطنين وخير كل مواطن. نصلي لكي يضرم الله هذه المحبة في قلب كل مسؤول سياسي. فما أكثر حاجات شعبنا الاقتصادية والمالية والمعيشية والنقدية. وما أكثر حاجات دولتنا اللبنانية إلى مسؤولين مخلصين لها، وإلى إصلاحات تقيمها من حالة الانهيار".
ولذلك، أضاف البطريرك الراعي يقول، "لا ننفك نطالب بإجراء الانتخابات النيابية في موعدها الدستوري المحدد في الخامس عشر من أيار المقبل. وندعو إلى المشاركة فيها بكثافة من الناخبين اللبنانيين في لبنان وبلدان الانتشار. والهدف خلق واقع جديد في البلاد يُحدث تغييرًا في الاتجاه الصحيح البنّاء والوطني الحضاري. نقول هذا في وقت تَكثر فيه فذلكات تُمهّد لإرجاء الانتخابات عوض أن تتكثَّف التحضيرات لحصولها. ولقد أثار ذلك أصدقاء لبنان، فسارعوا إلى إصدار بيانات صارمة تُحذّر المسؤولين اللبنانيين وغيرهم من التلاعب بمواعيد الانتخابات: من إعلان جدّة والمبادرة الكويتية ومؤتمر وزراء الخارجية العرب، مرورًا بالأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي والفاتيكان، وصولًا إلى الاتّحاد الأوروبي والمجموعة الدولية لدعم لبنان. وهؤلاء كلهم نادوا بضرورة اجراء الانتخابات في موعدها، جميع هذه الدول والمرجعيات تعرف أن الانتخابات، أكانت نيابية أو رئاسية، هي ممرّ حتمي لعودة لبنان دولة محترَمة. ولكَم نأمل بأن يدور محور المشاريع الانتخابية حول: معالجة القضايا الاجتماعية والاقتصادية، حياد لبنان، عقد مؤتمر دولي، اللامركزية الموسعة، حصر السلاح بالجيش، وتنفيذ القرارات الدولية".
وأكد البطريرك الراعي أن "هذه العناصر، تشكّل، من دون شكّ، خريطة الطريق لإنقاذ لبنان، واستنهاض دولته، وإعادة الكرامة للشعب، وحماية الوحدة اللبنانية، وصون علاقات لبنان مع ذاته ومع الدول العربية والدولية. إن التغاضي عن هذه الأمور الأساسية طيلة سنوات هو الذي أدّى إلى ما نحن عليه اليوم، هذا الوضع الخطير يفرض اتخاذ مواقف جريئة ومتقدِّمة. ليس بالمساومات والتسويات اليومية تَحفظ الشعوب مستقبلها في أوطانها وبين الأمم. من علامات الأمل أن قد بدأت تتكوّن مواقف علنية تدلّ على اهتمام الدول الشقيقة والصديقة بإيجاد حل للأزمة اللبنانية في إطار الشرعيتين اللبنانية والدولية. فعسى أن تتجاوب الدولة اللبنانية جدّيًا مع الطروحات البنّاءة، فلا تلتف عليها لتمرير الوقت وإضاعة الفرص".
وأضاف غبطته "في هذا السياق إن التحديات التي تواجه البلاد تحتِّم الالتفاف حول مؤسسات الدولة الرئيسية وعدم التشكيك المغرِض بها، وفي طليعتها الجيش اللبناني. فالجيش هو ضمان السيادة والأمن والساهر على السلم الوطني. ولا بد هنا من أن نشكر جميع الدول التي توفّر لهذه المؤسسة العسكرية الوطنية المساعدات والتجهيزات ليكون قادرًا على مواصلة القيام بدوره، خصوصًا في المرحلة المقبلة التي تستدعي ضبط الأمن في الاستحقاقين الانتخابيين على كامل الأراضي اللبنانية".
وختم البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي عظته مترئسا قداس الأحد بالقول" فلنصلِّ، أيها الأخوة والأخوات، لكي يحفظ الله لبنان أرض محبة وصلاة وإخاء. للثالوث الواحد القدوس، الآب والإبن والروح القدس كل مجد وإكرام، الآن وإلى الأبد".