بحث

البطريرك الماروني: حذار من اللجوء إلى تعطيل الانتخابات النيابية والرئاسية لأهداف خاصة مشبوهة البطريرك الماروني: حذار من اللجوء إلى تعطيل الانتخابات النيابية والرئاسية لأهداف خاصة مشبوهة 

البطريرك الماروني: حذار من اللجوء إلى تعطيل الانتخابات النيابية والرئاسية لأهداف خاصة مشبوهة

ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي القداس الإلهي الأحد السادس عشر من كانون الثاني يناير في كنيسة الصرح البطريركي في بكركي، وألقى عظة بعنوان "تعاليا وانظرا" (يو1: 39).

استهل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي عظته مترئسا قداس الأحد بالقول "عندما سمع تلميذا يوحنا المعمدان أنّ يسوع المارّ من هناك هو "حمل الله"، تبعاه. وإذ رآهما قال لهما: "ماذا تريدان؟" وكان جوابهما: "يا معلّم، أين تقيم؟" فقال: "تعاليا وانظرا" (يو1: 39). إنه اللقاء الشخصي مع يسوع الذي يكشف ويبدّل، كما جرى لإندراوس ولسمعان بطرس، ومن بعدهما لفيليبّس ونتنائيل، كما سنرى. كم أن كل إنسان يأتي إلى العالم بحاجة إلى مثل هذا اللقاء الوجداني بالمسيح، لكي يكتشفه، ولكي يتيح للرب يسوع إمكانية إظهار هويته ودوره في تصميم الله الخلاصي! في هذه الليتورجيا الإلهية، نلتمس نعمة هذا اللقاء". وأضاف غبطته "سمع تلميذا يوحنّا شهادته عن يسوع، فآمنا وتبعاه. "الإيمان من السماع" (روما 10: 17)، يقول بولس الرسول. هكذا تنطلق مسيرة الإيمان، التي تؤدّي إلى اللقاء الشخصيّ الوجدانيّ مع يسوع. تبعاه ليبحثا عنه، فإذا به هو يبحث عنهما وعن رفاقهما. إندراوس، أحد التلميذين، اكتشف وشهد لأخيه سمعان: "لقد وجدنا المسيح!" ولـمّا أتى سمعان مع أخيه ليرى يسوع، فاجأه بقوله: "أنت سمعان بن يونا، وستُدعى الصخرة أي بطرس" (يو 1: 41-42). ومن بعدهما اكتشف فيلبّس فشهد لنتنائيل: "إنّ الذي كتب عنه موسى والأنبياء، قد وجدناه. وهو يسوع ابن يوسف الذي من الناصرة" (يو 1: 45). ونتنائيل، بعد التشكيك بشهادة فيلبس ذهب معه ليرى يسوع، فاكتشف أنّ يسوع هو "ابن الله" (يو 1: 49). هؤلاء جميعًا وجدوا، بفضل هذا اللقاء الشخصي بيسوع، مكانهم ودورهم في تصميم الله الخلاصي، إذ أصبحوا من عداد الرسل الإثني عشر، أعمدة الكنيسة".

ونقلا عن الموقع الإلكتروني للبطريركية المارونية، أشار البطريرك الراعي إلى أن "دعوة يسوع "تعال وانظر" موجّهة بنوع خاص إلى الشباب لأن عمرهم عمر البحث عن الذات والمستقبل، عمر القرارات البطولية؛ فالشباب "حرّاس الصباح" و "مستكشفو المستقبل". نصلّي من أجلهم لكي يثقوا بالمسيح وبذواتهم، ويصمدوا بوجه مصاعب الحياة. فالكلمة الأخيرة هي للمسيح، سيّد العالم". وأضاف غبطته "هذه الدعوة موجهة إلى كل مسؤول في الكنيسة والمجتمع والدولة، لكي يكتشف سرّ المسيح الذي علّمنا معنى السلطة، وهي بذل الذات والتفاني في سبيل الخير العام، الذي منه خير الجميع وخير كل شخص. من هذا المنطلق نتطلّع مع كل اللبنانيين إلى الضرورة الـماسة لإجراء الانتخابات النيابية في أيار المقبل، لكي تقدّم للوطن نخبا وطنية وأخلاقية جديدة، وأحزابًا متجدِّدة ورائدة، وقوى تغيير إيجابية، وشخصيات صالحة للمجلس النيابي تمثيلًا وتشريعًا. هكذا يكون المجلس النيابي الجديد قادرًا على فرز حكومات وازنة تقدّم نمط حكم جديد وشراكة وطنية حديثة. ونتطلّع من بعدها إلى الانتخابات الرئاسية في تشرين المقبل، لتكون معًا خشبة خلاص للبنان وشعبه من مآسيه المتراكمة والمستمرة، وليشعر كل مكوّن لبناني أنه شريك كامل في الوطن والسلطة المركزية والمناطقيّة، وذلك في إطار الولاء المطلق للبنان. فالولاء مثل الحياد شرطان أساسيان لنجاح الشراكة والمساواة الوطنيتين".

لذا، قال البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، "نحثّ جميع القوى السياسية، الحزبية والمنتفضة، على تغليب مصلحة لبنان العليا، وعلى أن تخوض من مواقعها المتمايزة الانتخابات النيابية المقبلة بنيّة التغيير لا الإلغاء. لا أحد يستطيع ادّعاء اختصار إرادة المواطنين وتمثيلهم. لكن لا بد للانتخابات، بالمقابل، مِن أن تكون مناسبة ديمقراطية لمحاسبة كل من ورّط البلاد في الفساد المالي، والانحراف الوطني، والانهيار الاقتصادي، والتدهور الأخلاقي، والانحطاط الحضاري، والجنوح القضائي، وتسبَّب بتعطيل المؤسسات وبهجرة الشباب والعائلات، وبتحطيم الدولة. فحذار من اللجوء إلى تعطيل هذه الانتخابات النيابية والرئاسية لأهداف خاصة مشبوهة. فتعطيل الحكومة، والتصعيد السياسي والإعلامي المتزايد، والاستفزاز المتواصل، واختلاق المشاكل الديبلوماسية، وتسخير القضاء للنيل كيديًّا من الأخصام، وقلب الأولويات لا تُطمئن لا الشعب اللبناني ولا أشقّاء لبنان وأصدقاءه. ولا يمكن اتخاذها ذريعة لتأجيل الانتخابات أو إلغائها. فهذا انتهاك واضح للدستور. لا أولوية اليوم غير انعقاد مجلس الوزراء، ولا ذريعة أمام المعطِّلين، ولا عذر كان أمام التخلّف عن دعوته. أما وقد تقرّرت دعوته إلى الانعقاد في جلسة مشروطة، مع الأسف، ببندَي الموازنة والتعافي الاقتصادي، فنأمل أن يكون ذلك مدخلًا إلى الانعقاد الدائم ومن دون شروط. ففي النظام الديمقراطي، السلطة الإجرائية تعمل وفقًا لصلاحياتها في الدستور، من دون أي ضغط أو شرط مخالف ومفروض عليها".

وفي ختام عظته مترئسا قداس الأحد، قال البطريرك مار بشارة بطرس الراعي "إنجيل الشهادات يدعونا لنعرف ونختبر سرّ المسيح، ونشهد له؛ ويدعو المسؤولين السياسيين فوق ذلك لمعرفة جمال هوية لبنان ورسالته في بيئته المشرقية، والشهادة له برفع شأنه وإعادة إصلاحه، تمجيدًا لله، الواحد والثالوث، الآب والإبن والروح القدس، الآن وإلى الأبد".

17 يناير 2022, 12:53