بحث

البطريرك الماروني: ضرورة حصول الانتخابات النيابية في موعدها الدستوري ليعبر الشعب عن رأيه في مصير وطنه البطريرك الماروني: ضرورة حصول الانتخابات النيابية في موعدها الدستوري ليعبر الشعب عن رأيه في مصير وطنه 

البطريرك الماروني: ضرورة حصول الانتخابات النيابية في موعدها الدستوري ليعبر الشعب عن رأيه في مصير وطنه

ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي القداس الإلهي الأحد السابع من تشرين الثاني نوفمبر في كنيسة الصرح البطريركي في بكركي، وألقى عظة بعنوان "طوبى لك يا سمعان بن يونا فإنّه لا لحم ولا دم أظهر لك ذلك، بل أبي الذي في السماوات" (متى 16: 17).

في عظته مترئسا قداس الأحد، قال البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي "تبدأ اليوم السنة الطقسيّة. ونفتتحها بإنجيل الإيمان بالمسيح وهو إيمان الكنيسة. وعليه بناها المسيح الربّ، كما على صخرة. فكما أعلن سمعان بطرس إيمانه في قيصريّة فيليبس، مجيبًا على سؤال يسوع عمّن هو بالنسبة إليهم، وكان مميّزًا، قال له يسوع: "طوبى لك يا سمعان بن يونا فإنّه لا لحم ولا دم أظهر لك ذلك، بل أبي الذي في السماوات. وأقول لك أيضًا أنت الصخرة، وعلى هذه الصخرة أبني كنيستي، وأبواب الجحيم لن تقوى عليها" (متى 16: 17). وأضاف غبطته "نلتمس اليوم من الله نعمة الإيمان في بداية هذه السنة الليتورجيّة، لكي نعيشها على هدي أنوار هذه العطيّة الإلهيّة التي بدونها نخطئ الطريق"، "وكما أنّ في السنة الشمسيّة، تدور الأرض حول الشمس في أربعة فصول، لتستمدّ منها النور والحرارة الضروريّتين للحياة، كذلك في السنة الليتورجيّة، الكنيسة تدور حول المسيح شمسها، في فصول تُسمّى أزمنة، لتستمدّ منه نور الكلمة والإيمان، وحياة النعمة والتقديس، وقوّة الشهادة للمحبّة والحقيقة".

هذا وأشار البطريرك الراعي في عظته إلى أن "المؤمن الحقيقيّ، من أيّ دين كان، يرفع عقله وقلبه بالصلاة إلى الله ويستلهم نوره، لكي يحسن التصرّف، وتكون أعماله تمجيدًا لله. لو رفع المسؤولون في العالم والشعوب قلوبهم بالصلاة إلى الله لعملوا جاهدين من أجل تعزيز الأخوّة وإحلال السلام. وإنّا في المناسبة نهنّئ رئيس وزراء العراق السيد مصطفى الكاظمي بنجاته من محاولة الاغتيال. ونرجو للعراق العزيز وشعبه الاستقرار والأمان. ولو كان معطّلو الحكومة عندنا وبالتالي ممتهنو تعطيل المؤسّسات الدستوريّة، والحياة الاقتصاديّة، وإفقار الشعب، مؤمنين حقًّا بالله، لخافوه خوفًا مقدّسًا، وسارعوا إلى مرضاته عبر تأمين خير الشعب كلّه، وعبر تعزيز المؤسّسات العامّة وتنشيطها. لكنّنا نرى العكس تمامًا، وبخاصّة عندما تبوء بالفشل جميع الوساطات الداخلية والخارجية، وتغلب كفّة التعطيل وإفقار المواطنين".

"ومع تعطيل الحكومة"، أضاف غبطته يقول "يتعطّل من ناحية أخرى نشاط القضاء المنزّه والحياديّ والجريء. وهذا يقلق للغاية. فإنّ بعض القضاة يعزّزون الشك بالقضاء من خلال مشاركتهم في تعطيل التحقيق في تفجير المرفأ أو تعليقه أو تجميده أو زرع الشكّ في عمل المحقِّق العدلي. فقبل أن يطلب القضاء من الشعب أن يثق به، حريّ بالقضاة أن يثقوا بعضهم بالبعض الآخر. جريمة أن يحوّل بعض القضاة القضاء مربّعات حزبيّة وطائفيّة ومذهبيّة، لاسيّما في قضيتي المرفأ وعين الرمّانة. إننا نكل رسالة القضاء الى شفاعة القاضي الطوباوي روزاريو انجيلو ليفانتينو الذي قتلته مافيا صقليا بإيطاليا، وهو كان بشجاعة نادرة وبتجرّد، صادر مبالغ كبيرة من الاموال والممتلكات، واعتقل كبار الشخصيات، ثم غفر لقاتليه قبل موته. وتمّ تطويبه في 9 أيار 2021، وهو خير شفيع ودليل لكل قاض. أمام ما نرى من تجاوزات قانونيّة نتساءل: هل أصبح بعض القضاة غبّ الطلب لدى بعض المسؤولين والأحزاب والمذاهب؟ إنَّ ما يجري على صعيد التحقيق في تفجير المرفأ مستغرب حقًّا: طعن وراء طعن، وردّ وراء ردّ، ونقض وراء نقض، وتعليق وراء تعليق؛ وأرواح الشهداء تنتظر، وأهالي الشهداء ينتظرون، والعالم ينتظر. لماذا هذا الاستخفاف بدماء أكثر من 200 ضحيّة، وستة آلاف جريح، وبدمار نصف بيروت وضواحيها، وتشريد مئات العائلات؟".

وتابع البطريرك الراعي "ما نقول عن تحقيق المرفأ نقوله ايضًا عن أحداث الطيونة ـــ عين الرمانة. وإذ نجدّد أسفنا العميق على سقوط الضحايا والجرحى، نؤكد أنَّ عين الرمانة ليست عنوان حرب وتقاتل، بل عنوان تعايش مع محيطها على أساس من الشراكة والسلام والكرامة وحسن الجوار. منذ انتهاء الحرب اللبنانيّة، وأبناء عين الرمانة سعداء بحسن الجوار مع بيئتهم القريبة بعيدًا عن الهيمنة والتوسّع والسلاح، وبدت أحياؤهم ملتقى جميع الطوائف. لكنّهم حافظوا ايضًا على روح الصمود وشجاعة الدفاع عن النفس. وإذ نترك للقضاء المستقل أن يأخذ مجراه في هذه الأحداث، ندعوه إلى أن يكون حياديًّا تجاه الجميع، ويراعي حقوق الموقوفين فيتوفّر لهم حقّ الاجتماع بمحاميهم ولقاء أهاليهم، وندعوه للإسراع في التحقيق والإفراج عن كلِّ من تثبت براءته. لا يجوز أن تَحصل توقيفات وتُـمَدّد من دون مُسوّغ قانونيّ وقرينة، إنّما فقط كُرمى لهذا الطرف أو ذاك. لا يوجد في القضاء إكراميّات بل توجد عدالة ولا نطلب سواها".

كما وتطرق غبطته إلى الانتخابات النيابية وقال "مرّة أخرى نشدّد على ضرورة حصول الانتخابات النيابيّة في موعدها الدستوريّ ليعبّر الشعب عن رأيه في مصير وطنه. ليست الانتخابات استحقاقًا روتينيًّا، إنما هي موعد مع التغيير المنتظَر من الشعب. إنَّ حصولها حقّ وواجب في نظامنا الديمقراطيّ. وحِرصُنا على إجراء الانتخابات يواكبه حرصٌ على أن تجري في إشراف الأمم المتحدة لضمان حريّة الترشيح، وأمن المرشّحين، ونزاهة الانتخابات، وضبط الإنفاق المالي. وفي هذا السياق، يجدر بالمرشّحين أن يكونوا شخصيّات نخبويّة ومؤهّلة للعمل التشريعي والسياسيّ والوطني. إن الحياة السياسيّة في بلادنا تفتقد النخب الواعدة، وهذا نقص كبير في حياتنا الديمقراطية والوطنية".

وختم البطريرك مار بشارة بطرس الراعي عظته قائلا "إلى الله نكل أمنياتنا وأمنيات جميع ذوي الإرادة الحسنة، راجين أن يتقبّلها لمجد إسمه القدّوس، الآب والإبن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين".

08 نوفمبر 2021, 12:32