بحث

رئيس أساقفة ناغاساكي: من القنبلة الذرية إلى شعلة السلام الأولمبية رئيس أساقفة ناغاساكي: من القنبلة الذرية إلى شعلة السلام الأولمبية 

رئيس أساقفة ناغاساكي: من القنبلة الذرية إلى شعلة السلام الأولمبية

أحيت اليابان هذا الجمعة ذكرى إلقاء القنبلة الذرية على هيروشيما في السادس من آب أغسطس من العام ١٩٤٥، لتليها قنبلة أخرى استهدفت مدينة ناغاساكي بعد أيام ثلاثة. ويأتي إحياء هذه الذكرى الحزينة قبل يومين على انتهاء الألعاب الأولمبية التي تستضيفها اليابان. للمناسبة كان لموقعنا الإلكتروني حديث مع رئيس أساقفة ناغاساكي المطران جوزيف تاكامي الذي اعتبر أن هذا الحدث الرياضي يشكل بالنسبة للعالم كله دعوة إلى السلام الحقيقي، هذا السلام الذي لا يمكن بناؤه من خلال حيازة السلاح النووي.

ستٌ وأربعون سنة مضت على هذين اليومين الرهيبين، وقد اكتشف العالمُ بواسطتهما القدرات التدميرية لأخطر الأسلحة الموجودة على وجه الأرض. الهجومان النوويان نفذتهما الولايات المتحدة مع نهاية الحرب العالمية الثانية، وتسببا بسقوط عشرات آلاف الضحايا في هيروشيما وناغاساكي، وذلك في السادس والتاسع من آب أغسطس ١٩٤٥. وتشير بعض التقديرات إلى سقوط حوالي مائتي ألف قتيل في الحادث الذي كان أول وآخر هجوم نووي يشهده التاريخ، لكن استمرار العديد من الدول في تصنيع وتطوير هذا النوع من السلاح يُظهر جليا أن السلام ما يزال اليوم عرضة للخطر. 

في وقت تستضيف فيه اليابان الألعاب الأولمبية، التي كانت مرتقبة العام الماضي وتم إرجاؤها بسبب الجائحة، توجّه البلاد أنظارها اليوم إلى الماضي، لتقول إنها ترفض تكرار ما جرى، ولتصغي مرة جديدة إلى شهادات بعض الناجين من الهجومين، والذين يتضاءل عددهم كل سنة. يُطلق هؤلاء رسالةً عابرة للحدود، وموجهة إلى المواطنين والحكام، داعين إياهم إلى العمل من أجل بناء السلام والحد من الانتشار النووي. 

في شهر تشرين الثاني نوفمبر من العام ٢٠١٩ وخلال زيارته الرسولية إلى اليابان وتايلاند وصف البابا فرنسيس استخدام الطاقة النووية لأغراض حربية، "جريمة ضد الإنسان وكرامته"، كما أنها تقضي على أي إمكانية للعيش ضمن البيت المشترك. وأكد الحبر الأعظم آنذاك أن السلام الحقيقي ينبغي أن يكون سلاماً مجردا من السلاح، لافتا إلى أننا ما نزال نصغي – من أعماق الصمت – إلى صراخ الأشخاص الذين رحلوا. ومما لا شك فيه أن الخطابين اللذين ألقاهما البابا فرنسيس في هيروشيما وناغاساكي آنذاك يُعتبران مداخلتين هامتين في مجال اللاهوت الخلقي، فضلا عن كونهما يتضمنان كلمات نبوية، إذ حذّر البابا من خطر أن يدمّر العالم نفسه بنفسه! 

ولدى وصوله إلى ناغاساكي كان في استقبال البابا رئيس الأساقفة تاكامي الذي تحدث لموقعنا الإلكتروني لمناسبة إحياء هذه الذكرى الأليمة وقبل يومين على انتهاء الألعاب الأولمبية، مشددا على أهمية نزع الأسلحة النووية، كي يتمكن العالم من بناء سلام حقيقي، واقعي وملموس. قال سيادته إن الألعاب الأولمبية هي عيدٌ رياضي، وهي أيضا تحفّز على بناء السلام في العالم. 

بعدها توقف سيادته عند إحياء الذكرى السادسة والسبعين لإلقاء القنبلتين الذريتين، وقال إن عدد الناجين من هذا الحادث يتضاءل سنة بعد سنة، بيد أن هؤلاء الرجال والنساء يتركون لنا اليوم خبرة ثمينة وبالغة الأهمية، لا بد من نقلها إلى الأطفال، وهذا أمر يشدد عليه أيضا البابا فرنسيس. وأضاف أن هذه الشهادة تُنقل أيضا إلى الأجيال الفتية عبر قنوات أخرى كالسينما والأدب، وذلك يتم بفضل إسهام وسائل الإعلام، معتبرا أنه يتعين علينا إبقاء هذه الذكرى حية. وتوقف بعدها عند الذكرى السنوية العاشرة لحادث مفاعل فوكوشيما النووي، لافتا إلى ضرورة التخلي عن الطاقة النووية التي هي في غاية الخطورة، والاستعاضة عنها بالمصادر البديلة. 

لم تخلُ كلمة رئيس الأساقفة تاكامي من الإشارة إلى معاهدة منع الانتشار النووي، واعتبر أنه من الأهمية بمكان أن تصغي الجماعة الدولية إلى صوت البابا فرنسيس وتعمل على إزالة الأسلحة النووية، لافتا إلى أن هذه الأخيرة تقدّم سلاما زائفاً. وذكر سيادته في الختام بأن المعاهدة أدات ناجعة، دخلت حيز التنفيذ مطلع العام، ولا بد أن تُحفَّز جميع البلدان على الانضمام إليها. 

 

06 أغسطس 2021, 12:05