بحث

رئيس جمعية فرسان مالطا في لبنان: لقاء البابا مع قادة الجماعات المسيحية يهدف إلى إيجاد الأدوات الملموسة كي يسير لبنان في درب السلام رئيس جمعية فرسان مالطا في لبنان: لقاء البابا مع قادة الجماعات المسيحية يهدف إلى إيجاد الأدوات الملموسة كي يسير لبنان في درب السلام 

رئيس جمعية فرسان مالطا في لبنان: لقاء البابا مع قادة الجماعات المسيحية يهدف إلى إيجاد الأدوات الملموسة كي يسير لبنان في درب السلام

شكل الوضع المأساوي الذي يمرّ به لبنان اليوم محور حديث أجراه موقع فاتيكان نيوز الإلكتروني مع السيد مروان صحناوي، رئيس جمعية فرسان مالطا في بلاد الأرز، لافتا إلى أن الهيئة زادت بثلاثة أضعاف نشاطاتها الصحية، وسلط أيضا الضوء على ضرورة الدفاع عن الهوية المسيحية.

في وقت أعلن فيه البنك الدولي أن لبنان يشهد أخطر أزمة اقتصادية في العالم منذ العام ١٨٥٠، بعد أن سجل الاقتصاد تراجعاً خلال العام المنصرم بنسبة تسعين بالمائة، بات الجوع يهدد حياة الكثير من المواطنين اللبنانيين الذين كانوا يُعَدون ضمن الطبقة الوسطى. وما زاد الطين بلة جائحة كوفيد ١٩ والانفجار الذي وقع في مرفأ بيروت الصيف الماضي مسفرا عن سقوط أكثر من مائتي قتيل وتدمير أحياء كبيرة من العاصمة اللبنانية. وتشير المعطيات إلى أن نصف سكان لبنان باتوا اليوم دون عتبة الفقر، وسط ارتفاع معدلات البطالة، هذا ناهيك عن العبء الذي يشكله النازحون السوريون والعراقيون والفلسطينيون. إنه وضع صعب يعيشه بلد يحفظه البابا فرنسيس في قلبه، وقد أطلق نداءات عديدة من أجله، كان آخرها الأحد الفائت.

للمناسبة أجرى موقع فاتيكان نيوز مقابلة مع رئيس جمعية فرسان مالطا في لبنان مروان صحناوي واصفا الظروف القاسية التي تعمل فيها هذه المؤسسة المتواجدة في لبنان منذ ستين عاما، وموجها إصبع الاتهام إلى الطبقة السياسية المسؤولة عن الفساد وانعدام الكفاءات، وهذا ما أكده تقرير البنك الدولي. قال صحناوي إن لبنان لم يشهد في تاريخه المعاصر وضعاً مأساويا كهذا. لقد فشل النظام لأسباب عدة، من بينها السياسة التي تنتهجها الحكومة الحالية والزعماء السياسيون. وأضاف أن البلاد كانت خاضعة في الماضي للنفوذ السوري وباتت اليوم تحت سيطرة الميليشيات الموالية لإيران. ولفت إلى أنها المرة الأولى التي يشعر فيها اللبنانيون بالجوع، كما أن المرضى يحتاجون إلى العلاج. وما يزيد الطين بلة هجرة الأدمغة، وتراجع القيمة الشرائية لليرة اللبنانية بصورة مخيفة.

تابع رئيس جمعية فرسان مالطا في لبنان حديثه مشيرا إلى أنه بالإضافة إلى البؤس، ثمة خطر آخر محدق بلبنان، الذي هو جزء من الأرض المقدسة وحيث تعيش جماعة مسيحية حرة، إذ إن لبنان يواجه للمرة الأولى خطر فقدان هويته وقال: إن لم يعد هناك مسيحيون أحرار فماذا سيحصل بالأرض المقدسة؟ مضيفا أن هذه المنطقة ينبغي أن تبقى حية. ومضى إلى القول: لقد شهدنا العديد من الحروب خلال السنوات الأربعين الماضية، لكننا حافظنا على الأمل الذي بات اليوم مفقودا. فلبنان لا يستأهل هذه الكارثة التي يعيشها لأنه بلد الرسالة، كما قال عنه البابا الراحل يوحنا بولس الثاني، وقد كرر هذه العبارةَ البابا فرنسيس والبابا بندكتس السادس عشر عندما زار بلاد الأرز ليوقّع الإرشاد الرسولي.

ردا على سؤال حول النشاطات التي تقوم بها الجمعية من أجل التخفيف من معاناة الناس قال السيد صحناوي إن جمعية فرسان مالطا هي في خدمة الفقراء والمتألمين، وقد قررت أن تضاعف نشاطاتها، كي تكون اليوم مصدراً للرجاء، بغض النظر عن الاختلافات الدينية. وتابع يقول: نحن لا نحمل أي صبغة سياسية، إننا مواطنون مسيحيون ملتزمون بهذا الانفتاح الذي يتحدث عنه البابا فرنسيس في عظاته وخلال زياراته. ولفت على سبيل المثال إلى أن الجمعية تهتم بالمعوقين والشبان وقد أطلقت مبادرات في المجال الزراعي الإنساني. وصارت الجمعية اليوم مرجعاً  لأنها تتمتع باحترام الناس وقبولهم. وقال: إننا نعمل جيداً مع المسيحيين ومع المسلمين السنة والشيعة ومع الدروز أيضا. ونحن نقول للشخص: لا نسألكَ عن عرقك ولونك ودينك، قل لنا فقط ما هو ألمك!

لم تخل كلمة السيد صحناوي من الإشارة إلى النداء الذي أطلقه البابا فرنسيس لصالح لبنان يوم الأحد الفائت، وقال إنه يكن إعجاباً كبيراً للبابا، وقد تسنت له فرصة اللقاء به مرات عدة، فضلا عن الكاردينال بارولين. وأضاف: أنا أعلم أن البابا والكاردينال يحملان لبنان في قلبيهما، لافتا إلى الرسالة التي وجهها الحبر الأعظم إلى اللبنانيين في عيد الميلاد الماضي. وقال: إني أعلم أن البابا يكافح كي لا يفقد لبنان هويته، وكي يتمكن يوما من النهوض من هذه الأزمة. وأكد رئيس جمعية فرسان مالطا في لبنان أن الاجتماع الذي دعا البابا إلى عقده في الفاتيكان بحضور قادة الجماعات المسيحية في الأول من تموز يوليو المقبل، سيشكل مناسبة للإصغاء إليهم، ليجد معهم – بواسطة الصلاة والإيمان وبالطرق العملية أيضا – الأدوات الملموسة كي يسير لبنان في درب السلام.

وختم صحناوي حديثه لموقعنا بالقول إن الأشخاص فقدوا الحكمة اليوم، لذا لا بد من العودة إلى القيم الأصيلة، قيم المحبة والأخوة، كما ينبغي أن ننسى القيم المادية، التي قتلت العالم، وأن ننسى أيضا المصالح الشخصية التي قضت على الأشخاص الأبرياء. فالبابا يسير اليوم في هذا الاتجاه، وهو يدرك أن أرض لبنان المقدسة هي ضرورة ليس فقط للمسيحية والمنطقة وإنما للعالم كله الذي يحتاج إلى هذا البلد الصغير الذي تألم ويريد أن يعود مجدداً واحة للسلام يُبنى فيها مستقبل أفضل للجميع.         

06 يونيو 2021, 10:29